وتتصدر إشكالية التزود بالمواد الأولية أهم الصعوبات فيما تأتي صعوبات الترويج ونقص الطلب والتمويل في مرحلة ثانية وفقا لمعطيات المعهد الوطني للإحصاء.
لاتعد صعوبات التزود بالمواد الأولية الإشكالية الوحيدة التي تواجه المؤسسات الصناعية بل أن ارتفاع تكاليفها يعد من أهم الإشكاليات التي قد تهدد نشاط عدد كبير من المصانع وقد كشفت نشرية التجارة الخاريجية لشهر اكتوبرالصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء عن تطور في قيمة المواد الأولية ونصف المصنعة بنسبة 31 % لتبلغ 25 مليار دينار وذلك على الرغم من التراجع المسجل على مستوى الكميات ،فقد تغذت فاتورة واردات المواد الأولية أساسا من ارتفاع الأسعار من جهة وعودة الطلب من جهة ثانية.
تبين نشرية المعهد الوطني للإحصاء أن أسعار الكميات الموردة من المعادن والسلع الأولية تشهد تذبذبا على مستوى الكميات وفي المقابل كانت الأسعار مرتفعة وقد تغذى نسق الارتفاع من الحرب على أوكرانيا ،حيث تجدر الإشارة في هذا الباب إلى أن روسيا هي ثاني منتج صناعي للاليمنيوم في العالم.
وبناء على معطيات المعهد الوطني للإحصاء ،فقد ارتفعت كل من قيمة واردات النحاس والحديد والفولاذ والمواد البلاستكية وذلك على الرغم من منحى التنازلي على مستوى الكميات مقارنة بالفترة ذاتها من العام المنقضي ،فقد شهدت المواد البلاستكية ارتفاعا من حيث القيمة بين أكتوبر 2021 و2022 بنسبة 30 % و في المقابل صعدت الكميات بنسبة طفيفة عند 10 % وعلى الخطى ذاتها تطورت أسعار الحديد والفولاذ لتبلغ 3.1 مليار دينار مقابل 2 مليار دينار خلال الفترة ذاتها من العام المنقضي مع العلم أن الكميات قد ارتفعت بنسبة 11 % وبالنسبة للألمنيوم فقد سجلت الكميات تراجعا طفيفا بنسبة 8 % مما أثر على القيمة .
تعتمد تونس في تصنيعها على عديد المعادن المستوردة كليا وهو ما يؤجج سرعة تأثرها بارتفاع الأسعار ونقص الإمدادات ويؤكد أهل المهنة أن كل المواد المستوردة أصبح توفيرها صعب وخاصة المواد الحديدية والاليمينيوم والنحاس.
وعالميا تشهد أسعار النيكل (أحد المواد المغناطسية) والاليمينيوم والنحاس والبليت (المادة الخام المستخدمة في إنتاج الحديد) والبلاديوم ارتفاعا في البورصات العالمية وكان تقرير البنك الدولي ضمن تقريره آفاق السلع الأولية توقعاته بشأن أسعار السلع معتبرا أن التوقعات تشوبها مخاطر كثيرة ،حيث تواجه أسواق الطاقة احتمال اشتداد المخاوف بشأن إمدادات المعروض، إذ إن المخاوف حول مدى توافر إمدادات الطاقة خلال فصل الشتاء القادم ستزداد في أوروبا. وقد يؤدي ارتفاع أسعار منتجات الطاقة عن المستوى المتوقع إلى ارتفاع أسعار السلع الأخرى بخلاف منتجات الطاقة، لاسيما المواد الغذائية، مما يطيل أمد التحديات المرتبطة بانعدام الأمن الغذائي وإذا اشتد تباطؤ معدلات النمو العالمية، فإنه قد ينطوي أيضا على مخاطر كبيرة لاسيما على أسعار النفط الخام والمعادن.
وقد توقع في تقرير أصدره نهاية الشهر المنقضي كما تشير التقديرات إلى تراجع أسعار المعادن بنسبة 15 % في 2023، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تراجع معدلات النمو العالمي والمخاوف بشأن تباطؤ اقتصادي في الصين،مثلما قدر تظل أسعار السلع الأولية أعلى بكثير من متوسطها خلال فترة الخمس سنوات الأخيرة. وفي حالة طول أمد الحرب الدائرة، أو فرض عقوبات إضافية على روسيا، فمن الممكن أن تواصل الأسعار إرتفاعها وأن تكون أكثر تقلباً مما هو متوقع في الوقت الحالي.
وبصرف نظر عن التذبذب المسجل في أسعار المواد الأولية التي تعد مرتفعة مقارنة بالسنوات المنقضية ومكلفة بالنسبة للصناعيين في تونس بالنظر إلى تراجع سعر صرف الدينار علاوة على الاعتماد الكبير على التوريد ،فإن المخاطر تظل قائمة بالنظر الى مساهمتها في العجز التجاري ،حيث تمثل واردات المواد الأولية و نصف المصنعة أكثر من 35 % من إجمالي الواردات كما تساهم واردات هذا القطاع بنصيب الأسد في عجز الميزان التجاري ،حيث يبلغ العجز الميزان التجاري لقطاع المواد الأولية ونصف مصنعة 8.6 مليار دينار وهو مايعادل 40 % من قيمة العجز الإجمالي المسجل مع موفى أكتوبر 2022.
أحلام الباشا