في الوقت الذي يخوض فيه المستهلك التونسي رحلة بحث يومية عن مادة الحليب، لازالت الحكومة تتلكأ في حلحلة الأزمة واكتفت بالترحيل وتحويل وجهة النقص الناجم عن تدهور منظومة الألبان إلى ممارسات احتكارية تستوجب الردع.
حمل البيان الأخير لاتحاد الفلاحة والصيد البحري العديد من نقاط الاستفهام ،حيث عبرت المنظمة الفلاحية عن تمسكها بالترفيع في سعر الحليب على مستوى الإنتاج بزيادة لا تقل عن 600 مليم للتر الواحد.
كما عبر «عن استغرابه لصدور إعلام أحادي الجانب منسوب إلى هياكل تابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة يتعلق بسعر الحليب على مستوى الإنتاج وهي سابقة وصفها بغير المدروسة وغير المفهومة وأعلن عن تمسكه بمواصلة التفاوض مع الطرف الحكومي في هذا الشأن، مبرزا عدم التزام الاتحاد بأي مبادرة لا تلبي مطالب المربين من أي طرف كان غير الطرف الحكومي».
ولتوضيح نص البيان ، أفاد مساعد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري مكلف بالعلاقات العامة والاتصال أنيس خرباش في تصريح ل» المغرب «أن البلاغ الصادر عن إتحاد الفلاحين يأتي تباعا للمراسلة التي بلغت إتحاد الفلاحين من نقابات مهنية تابعة لاتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والتي تتضمن إجراء زيادة إستثنائية بـ200 مليم على مستوى الإنتاج يتكفل الصناعيين بإسنادها إلى المربين.
وأوضح خرباش انه من ناحية الشكل ،فإن الاتحاد يشكك في صحة المراسلة نظرا لان المراسلة لا تحمل الختم ،مشيرا إلى انه لم يبلغ إلى المنظمة أي معطى رسمي من الطرف الحكومي بخصوص إجراء زيادة على مستوى الإنتاج.
وقال المصدر ذاته أن المنظمة تواصلت مع وزير الفلاحة بشأن المراسلة التي تلقتها المنظمة و فحواها إلا أنه لم ينف أو يؤكد ماورد في نص المراسلة غير أنه قد تعهد بتنظيم جلسة عمل تجمع كل الأطراف المعنية خلال الأسبوع المقبل للنظر في قطاع الألبان بمختلف جوانبه من مسألة الأعلاف إلى الزيادة في التسعيرة عند الإنتاج.
وفي مايتعلق بوزارة التجارة ،فقد أكد خرباش أن التواصل شبه منعدم وذلك لأسباب غير معلومة ،فهي ترفض إيجاد الحلول الموضوعية للقطاع معتبر أن مساهمتها في القطاع الفلاحي ترتكز على تفقير و تهميش الفلاحين حسب تعبيره ،حيث تلجأ إلى تسقيف الأسعار في الوقت الذي هناك منظومات في حاجة ملحة إلى مراجعة الأسعار بناءا على مقتضيات الكلفة.
وأكد أنه منذ عشرين عاما ظلت المفاوضات حول القطاع تقام بين ممثلين عن إتحاد الفلاحة وإتحاد الصناعة والحكومة ممثلة في ثلاثة وزارات من جهة، ومن غير المعقول أن تقع زيادات من طرف الصناعيين دون أن تحمل إعلام رسمي من الطرف الحكومي لا سيما أن الغاية الأساسية تتمثل في إنقاذ المنظومة من الانهيار من خلال دعم الأعلاف وليس الزيادة في حد ذاتها ،مشيرا إلى أن الزيادة المقترحة بدورها لا تلبي حاجيات المنظومة بل هي مجرد ضمان لمصلحة المصنعين والمجمعين ذلك أن إنخفاض مستويات الإنتاج من 1.8 مليون لتر يوميا إلى حوالي مليون لتر يوميا قد أثار مخاوفهم من عدم توفر كميات الحليب اللازمة لإنتاج مشتقات الحليب التي توفر هامش ربح مهم وهو مايمثل تهديدا لأرباحهم وخوفا على مصالحهم الأمر الذي دفعهم إلى التكفل بزيادة ب200 مليم للفلاح وهي زيادة غير كافية بالنسبة لاتحاد الفلاحين الذي يتطلع إلى زيادة بقيمة 600 مليم في اللتر الواحد مشيرا إلى أن الوضع الحالي للمربين لا يسمح لهم برفض الزيادة غير أن ذلك لايعني الاكتفاء بها خاصة وان هذه الزيادة معلوم تاريخ انطلاقها ويجهل تاريخ امتدادها.
وشدد خرباش إلى أن الزيادة المعلنة مؤخرا لن يخفف من أزمة المنظومة ولن يجعل من الحليب المدعم متوفرا في الأسواق والحال أن السوق تشهد وفرة من مشتقات الحليب مقابل تسجيل نقص فادح في الحليب المدعم ،معتبرا أن الزيادة الأخيرة وان ستخفف من وطأة الخسائر وتؤجل من مرحلة التفريط في القطيع لبضعة أشهر أخرى أو أن يستفيد منها المستهلك بحصوله على مادة الحليب فإن الاستفادة الكبرى ستكون للصناعيين.
كما حملت المنظمة الفلاحية وفقا لمحدثنا المسؤولية إلى الطرف الحكومي التي تنازلت عن دورها لفائدة أطراف أخرى لتضاعف أرباحها على حساب الفلاحة والبحارة وتتحكم في السوق الأسعار ومايؤكد ذلك فإن بلاغ الزيادة قد تم إقراره يوم 15 نوفمبر وفي اليوم الموالي تقوم غرفة مصنعين الأعلاف بزيادة ب300 دينار في الطن وهو ماسينعكس على كلفة سعر اللتر من الحليب بزيادة 150 مليم على لتر الحليب و3 دينار في سعر الكلغ من اللحوم الحمراء.
ونبّه الاتّحاد إلى النقص الكبير في الموارد العلفية وتدني جودتها وتأثيرها السلبي على الإنتاج، معربا عن أسفه لتواصل ارتفاع أسعار الأعلاف والتي ستزيد في تعميق معاناة المربين وتراجع الإنتاج.
كما جدد دعوته إلى دعم أسعار المواد الأولية المستخدمة في تركيبة الأعلاف وذلك بنسبة 25 بالمائة بخصوص فيتورة الصوجا و35 بالمائة بالنسبة إلى حبوب الذرة.
وبين خرباش أن الزيادة المعلنة قد تجعل المربي يصمد لشهر او شهرين إلا أن على مدار ستة أشهر إضافية قد نجد العديد من المربين قد خرجوا من الدورة الاقتصادية و50 % من القطيع قد تمت خسارته وقد أكد أنه بالنظر إلى الوضع العام المالية العمومية فإن إجراء زيادة فعلية لن تكون إلا أواخر شهر فيفري المقبل.
وقد شدد على أن الزيادة تضمن فقط استمرارية مصالح الصناعيين والمجمعين ولا تخدم الفلاح أو المستهلك ،كما رجح مصدرنا أن يكون هناك إتفاق غير معلن لرفع الدعم بطريقة غير مباشرة وجعل تسعيرة الحليب ب2400 مليم أمرا اعتياديا .
ومن جهته أفاد رئيس الغرفة الوطنية لمراكز تجميع الحليب، حمدة العيفة في تصريح ل» المغرب» إلى أن الزيادة المعلنة جاءت بعد لقاء مع طرف حكومي إقتصرعلى بعض المصنعين قد إنتهت إلى إجراء زيادة بقيمة 200 مليم مبدئيا بهدف الحفاظ على ماتبقى من القطيع.
وإعتبر العيفة أن الزيادة سيتكفل بها الصناعيين دون المساس بالتسعيرة على مستوى الاستهلاك وذلك ابتداء من يوم 16 نوفمبر إلى غاية 31 ديسمبر ،حيث من المتوقع أن يقع النظر في منظومة الألبان خلال العام المقبل وإيجاد حلول لمختلف حلقات الإنتاج.
وأعتبر المتحدث أن قبول الصناعيين بدفع 200 مليم يعد حركة نبيلة وتخفيفا من حدة الأزمة التي تشهدها المنظومة خاصة وأن مستحقات الصناعيين لدى الدولة تتجاوز 300 مليون دينار غير أنهم قد تكفلوا بتمتيع الفلاحين بالزيادة مشيرا إلى أن أهمية الحركة قد تفقد أهميتها في حال عدم الضغط على مستوى كلفة الأعلاف .
هذا وقد حاولنا لثلاثة أيام الاتصال برئاسة الغرفة الوطنية النقابية للصناعيين دون الحصول على رد .