في الأسعار في الخدمات أو في المواد الاستهلاكية وهي من النقاط التي تطرقت إليها دراسة صدرت حديثا عن معهد القدرة التنافسية والدراسات الكمية .
قال معهد القدرة التنافسية والدراسات الكمية أن المقدرة الشرائية للأسر قد ضعفت بشكل واضح خلال الفترة 2011-2022 بإعتبار تباطؤ نمو الدخل القومي الإجمالي المتاح لتتراجع إلى 5.8% مقابل 7.2% خلال الفترة 2001-2010 وفي المقابل صعدت أسعار الاستهلاك بشكل ملحوظ من 3.4% إلى 5.3% خلال العشرية الأخيرة.
وقد ارتفعت نسبة التضخم بشكل عام منذ عام 2011 لتصل إلى متوسط 5.3% حتى عام 2020 مع مستوى قياسي في عام 2018 ، (7.5%).وقد إستمرت الضغوط التضخمية في النصف الأول من عام 2022 ومن المرجح أن تستمر الزيادة على إثر الارتفاع الكبير المسجل في أسعار المواد الخام والوقود الناجم عن الصراع الروسي الأوكراني.
كما بين المصدر ذاته أن قيمة الاستهلاك الخاص للفرد قد بلغ في المتوسط 6142.5 ديناراً سنوياً خلال العقد 2011 – 2022 ، مسجلا زيادة بمعدل سنوي متوسط قدره 7.2% مقارنة بالعشرية التي سبقتها مع العلم أن قيمة الاستهلاك الخاص للفرد لسنة 2022 يقدر ب8388 دينار .
ويعد الاستهلاك من محركات النمو إلى جانب بقية القطاعات وقد كان للاستهلاك دورا مهما في الفترات التي شهدت فيها التصدير والاستثمار ركودا وتباطؤا في النمو. وأمام الحجر الصحي العام وتقييد الحركة تشير المعطيات الأولية إلى تراجع الاستهلاك في هذه الفترة.
ولئن يشهد مستوى الاستهلاك تطورا من سنة إلى أخرى،فإن مستوى حصة السوق الداخلية من استهلاك الفرد لا تزال متواضعة حيث بلغت 53٪ في المتوسط خلال الفترة 2000-2022 و قد كانت في سنة 2000 عند 58.4% قبل ان تدحرج الى 51% خلال السنة الحالية الأمر الذي يتطلب الاستخدام الفعال لعوامل الإنتاج للاستجابة للزيادة في استهلاك الاقتصاد التونسي ، بالإضافة إلى تحسين القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية لمواجهة المنافسة الأجنبية.
كما أكد التقرير ارتفاع الضغط الجبائي الذي ما إنفك يشهد ارتفاعا من سنة الى أخرى ،حيث تبين المعطيات الرسمية أن متوسط العبء الضريبي خلال الفترة 2011-2020 قد تجاوز 22% وإرتفع إلى 25% في عام 2022 مع العلم انه كان في مستوى 20.1% في 2010 ويعد مستواه من بين أعلى المعدلات في إفريقيا ومقارنة بالعديد من الدول المنافسة ويرى معدو التقرير الى ان ارتفاع الضغط الجبائي تعد من ضمن العوامل المشجعة على التهرب الضريبي في تونس.
وفي سياق متصل ،تطرق التقرير إلى تراجع مستوى الادخار الوطني ،حيث بلغ معدل الفترة 2011-2022 ،12.8% مقابل 21.4% خلال الفترة 2001-2011 ، ولقد بات الادخار الوطني في منحى تنازليا متأثرا بالوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد ، حيث هبطت معدلات الادخار الخاص والمؤسساتي على حد سواء ،فقد تراجع الادخار الأسري بنسق سريع تحت تأثير تزايد الضغوطات على القدرة الشرائية للأسر و توجيه الجزء الأكبر من مداخليهم الى الاستهلاك الخاص، أما الادخار المؤسساتي فقد تسبب الانكماش الاقتصادي في عجز المؤسسات عن تعزيز مدخراتها وتمويل استثماراتها إضافة إلى انخفاض الادخار العمومي في ظل تدهور المالية العمومية .
ولقد نزلت نسبة معدل الادخار الوطني 20.8 % من إجمالي الدخل الوطني المتاح في 2010 إلى 4 % في بالأسعار القارة 2020 وهو مستوى لم تعرفه البلاد منذ عقود بدعم من الجائحة الصحية التي أثقلت كاهل الأفراد والمؤسسات و من الواضح ان الازمة الاقتصادية لاتزال تلق بضلالها على واقع الادخار ، حيث من الصعب إسترجاع معدلات السنوات المنقضية ،ذلك ان التطلعات المنتظرة تسجيلها خلال السنة الحالية لنسبة الادخار من الدخل الوطني المتاح ستكون في حدود 10.1 % بالأسعار الجارية مقابل 9 % لسنة 2021 و6.2 % ل2020 و فقا لماورد في وثيقة الميزان الاقتصادي لسنة 2022.