الذي تمر به تونس أرضية خصبة لمزيد الانحراف في ظل غياب التوازن بين نفقات الدولة ومواردها .
وقد كرر البنك المركزي في بيانه الأخير اثر اجتماع مجلس إدارته أن تأكيده على الأهمية التي يكتسيها مزيد التنسيق الوثيق مع كافة الأطراف الفاعلة بهدف الحدّ من تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على التوازنات الكلية للميزانية . وانحراف التوازنات الكلية للميزانية ليست وليد الحرب بل هي حصيلة سنوات من تأجيل الإصلاح وعدم وجود إرادة جدية لمعالجة هذا الانحراف الذي اثر في حياة التونسيين فقد انكمش النمو الى مستويات أصبح معها غير قادر على خلق الثروة وامتصاص البطالة المرتفعة جراء انكماش الاستثمار، فاستقرار الاقتصاد الكلى شرطا ضروريا من اجل التنمية والنمو:
الانحراف في النفقات العمومية هو المغذي الأساسي للعجز الذي تعيشه تونس وهو ما يفتح أبواب التداين فتونس اليوم بين إشكاليتين الأولى عدم القدرة على التحكم في الميزانية وعدم القدرة على توفير موارد مالية .
الوضع اليوم يستوجب حلول حينية نظرا للوضع الحرج من خلال ترشيد النفقات باتخاذ اجراءات متنوعة من الضغط على كتلة الاجور وعلى استهلاك الطاقة والتحكم في الواردات الكمالية بتوجيه التوريد اساسا الى الضروريات من دواء وغذاء وطاقة فعديد الخبراء يؤكدون أن ترشيد الواردات هو قرار سيادي باتخاذه يمكن التحكم في العجز التجاري وفي استنزاف الموجودات الصافية من العملة الأجنبية اما الحلول الاخرى الممكنة هي القيام بالإصلاحات الهيكلية التي مازالت حبرا على ورق منذ 2015 على الرغم من توفر كل النقاط الإصلاحية. كما أن السياسات العمومية التي تصب في الانتقال الطاقي تعد من الحلول التي بإمكانها إعطاء دفع ايجابي اذا ما تم التسريع فيه على غرار ما تقوم به جل بلدان العالم.
فشل تونس في التقدم بالاصلاحات انعكس في 2020 حين انهى صندوق النقد الدولي لبرنامجه مع تونس وأوقفه في المنتصف وفي 2015 توقف صرف قسط أخير من قرض 2013.
وعدم نجاح تونس في استكمال بعض الإصلاحات كان سببا في هذا التوقف ويذكر أن تونس في مارس 2012 أبرمت اتفاقًا مع الصندوق يقضي بالحصول على قرض قيمته 1.7 مليار دولار لمدة سنتين بشروط أبرزها متعلق بسعر الصرف ومعدلات مقبولة لعجز الميزانية والقيام بإصلاحات هيكلية.
وتواصل تونس عدم الانخراط في الإصلاحات فوريا مما يزيد من تعقد وضعها الاقتصادي والمالي على الرغم من الدعاية لكل مشروع اصلاحي مع كل حكومة الا أن تطبيقه مازال مؤجل. ولهذا فان الظرف العالمي بوزنه الثقيل يضاف اليه الوضع المحلي المتدهور والاخذ في التدهور اكثر يزيد من انحراف التوزانات الكلية للميزانية ويعقد شيئا فشيئا السلطات التونسية في الخروج من ازمة طال امدها كانت في كل مرة سببا في قصر اعمار الحكومات المتعاقبة في السنوات القليلة الماضية.