تتزايد مخاوف التونسي كسرعة النار في الهشيم إزاء موجة النقص المسجلة في المواد الأساسية والتي تتزامن مع ظرف عالمي صعب،فقد إرتفعت أسعار الغذاء خلال الشهر المنقضي في السوق العالمية بشكل غير مسبوق وقد انعكس النمو المسجل في الأسعار على السوق الوطنية لا سيما الزيوت النباتية والمحروقات.
رغم تطمينات التي توجها وزارة التجارة وتنمية الصادرات إزاء توفر المواد الأساسية ،فإن تشكيات المواطن من النقص مستمرة لاسيما مع نتائج الحملات التي تنشرها الوزارة والتي تكشف عن وجود «عصابات» من المحتكرين وآلاف من الأطنان من المواد الغذائية التي تسوق في غيرالمسالك القانونية لها وقد طال النقص مادة الخبز،حيث أصبح مشهد طوابير الانتظار أمام المخابز يتكرر بشكل يومي وقد تضاربت التصريحات والتأويلات إزاء فقدان الخبز من طرف المهنيين وسط صمت حكومي والاكتفاء بإلقاء المسؤولية على المحتكرين دون الذهاب إلى معالجة الأزمة التي يبدو أن أثارها ممتدة ومن الصعب حصر تداعياتها.
ويواجه المواطن خطرا في الحصول على قوته من أكثر جهة،فإلى جانب تلاعب المحتكرين بمواد السميد والفارينة لاسيما بالنسبة للجهات التي تعيش بدورها نقصا على مستوى توفر المخابز،وتتضاعف معاناة التونسي مع الإشكاليات التي تعاني منها المخابز المصنفة والتي تظهر في البلاغ الذي أصدرته الغرفة الجهوية لأصحاب المخابز بولاية بن عروس والذي ينص على توقف نشاط مفتوح أصحاب المخابز عن العمل بداية من يوم الخميس 17 مارس إلى حين الاستجابة إلى مطالب أصحاب المخابز والتي تتعلق «بالوضعية العامة للقطاع وبصفة خاصة في المستحقات التي لم يتم صرفها لفائدة أصحاب المخابز منذ أكثر من 11 شهرا و عدم قبول أصحاب المطاحن تزويد أرباب المخابز بمادة الفارينة المدعمة والفارينة الرفيعة «ويذكر البلاغ أن توقف النشاط المزمع تنفيذه يأتي لعدم إستجابة السلط المعنية للمطالب على الرغم من العديد من المحاولات .
وتنسحب هذه الإشكالية التي يعاني أصحاب المخابز في ولاية بن عروس على أصحاب المخابز بصفاقس ،حيث نشرت الغرفة الجهوية لأصحاب المخابز بصفاقس على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي على الفايسبوك أنه على إثر اجتماع عام لأرباب المخابز عام نظمته غرفة أرباب المخابز خصص للتداول حول التأخر في استلام المخابز لمستحقاتها لمدة بلغت الأحد عشر شهرا وتقديم مقترحات طلبتها الغرفة الوطنية لتحديد أشكال الاحتجاج على مشكلة التأخر المتكررة وقد إنتهى الاجتماع بإتفاق على رفع اقتراح ببيع الخبز بتكلفته الحقيقية بداية من شهر رمضان حتى يتم القطع مع هذه المشكلة.
وفي هذا السياق أكد رئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية محمد بوعنان في تصريح لـ«المغرب» أن النقص المسجل في توفر مادة الخبز على مستوى المخابز ناجم بالأساس عن لهفة المواطنين على الاقتناء بمعدلات تجاوزت المستويات العادية مشددا على أن طاقة الإنتاج بالمخابز تعمل بصفة منتظمة ولا وجود لأي نقص على مستوى توفر مادة الفارينة ،كما أن المطاحن ملتزمة بتزودي المخابز بحاجياتها.
وفي تعليق له عن قرار الغرفة الجهوية حول التوقف عن النشاط ،قال بوعنان أنه سيقع عقد إجتماع وطني بتاريخ 15 مارس للنظر في مختلف مطالب القطاع مشيرا إلى أن ملف تسوية مستحقات المخابز تجري معالجته .
جلي أن أزمة المخابز قائمة وأن المعاناة تطال أطراف متعددة غير أن التكلفة الحقيقية للصعوبات التي تواجه المخابز وتخلف الدولة عن دفع مستحقاتها سيدفع ثمنها في النهاية المستهلك الذي يبق دائما الحلقة الأضعف ،فإلى جانب التلاعب الذي يمارسه المحتكرين يفرز السياق العالمي والضغوطات المفروضة على المالية العمومية تكلفة إضافية على المستهلك لا مفر من دفعها .