حزم التحفيز المالي التي بلغ إجماليها 341.5 مليار دولار منذ بداية الجائحة وحتى شهر سبتمبر 2021 وفقا لما ورد في الإصدار الخامس عشر تقرير «آفاق الاقتصاد العربي»، الذي يتضمن تحديثاً للبيئة الاقتصادية الدولية وانعكاساتها على الدول العربية، وتوقعات النمو الاقتصادي والتضخم في الدول العربية خلال عامي 2021 و2022.
وقد راجع صندوق النقد العربي توقعاته بشأن نمو الاقتصاديات العربية لكل من سنة 2021 و2022، حيث قام بالتخفيض في توقعات النمو الصادرة في شهر جويلية المنقضي للسنة إلى الحالية من 2.9 % إلى 2.7 % وفي المقابل قام بالترفيع في نسبة النمو للسنة المقبلة من 3.6 % إلى 5.2 % وذلك على ضوء الزيادة المتوقعة في كميات الإنتاج النفطي للدول العربيّة المصدرة الرئيسة للنفط، وتواصل الإصلاحات الداعمة للنمو .
يتوقع صندوق النقد العربي أن تختتم اقتصاد مجموعة الدول العربية المُصدرة للنفط السنة الجارية محققةً نمواً بنسبة 2.8 % حيث استفادت دول المجموعة من عدد من المحددات لعل من أهمها ارتفاع الأسعار العالمية للنفط بنحو 63 % منذ بداية العام الجاري وحتى منتصف شهر أكتوبر، إلى جانب التقدم المحرز في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية على صعيد حملات التلقيح الوطنية، والاستمرار في تبني حزم سخية للتحفيز المالي ، فيما يتوقع نمو اقتصادات مجموعة الدول العربية المستوردة للنفط بنسبة 2.5 %خلال العام الجاري بفعل عدد من العوامل، يأتي على رأسها تحسن الطلب الخارجي، وارتفاع تحويلات العمالة، والتعافي النسبي للقطاع السياحي مع التقدم في حملات التطعيم وعودة فتح الاقتصادات. كما استفاد عدد من دول المجموعة كذلك من الآثار الإيجابية للإصلاحات الاقتصادية المتواصلة في هذه الدول لاحتواء الاختلالات الداخلية والخارجية.
وفي ما يتعلق بالاقتصاد الوطني فإن التوقعات جاءت قريبة من التوقعات الرسمية ومخالفة لأحدث التوقعات التي أصدرها البنك الأوروبي لإعادة الأعمار والتنمية التي توقعت حدوث انتعاشة متواضعة للاقتصاد الوطني بنسبة 2.5 % و3.3 % للسنة المقبلة مع العلم أن صندوق النقد العربي قد توقع انتعاشة بنسبة 3.9 % خلال سنة 2021 و3 % للسنة المقبلة،وكان صندوق النقد الدولي قد توقع نموا بنسبة 3 % في تونس لكامل سنة 2021 و3.3 % في 2022 ،كما توقع البنك الإفريقي للتنمية أن يسجل النمو في تونس انتعاشة ليبلغ 2 % سنة 2021 و3.9 % سنة 2022.
وقد أرجع صندوق النقد العربي النمو المتوقع خلال السنة الحالية إلى تحسن القيمة المضافة لكل من الصناعات التحويلية بنسبة 4.2 %، والصناعات غير التحويلية بنسبة 6.7 % كما يتوقع أن يشهد نشاط قطاع نموا بنسبة 4.8 % وخاصة فيما الخدمات المسوقة يتعلق بالقطاع السياحي الذي يُتوقع نموه بنسبة 19.5 %، إضافة إلى الخدمات غير المسوقة .
وعلى المستوى الإقليمي، قال صندوق النقد أنه من شأن الاستقرار الاجتماعي والسياسي في ليبيا أن ينعكس إيجابا على الاقتصاد التونسي وذلك من خلال ارتفاع قيمة الصادرات التونسية نحو ليبيا، إضافة إلى المساهمة في تقليص نسبة البطالة باعتبار ليبيا وجهة أساسية لليد العاملة التونسية. أما على المستوى الدولي، من شأن الانتعاش المرتقب للاقتصاد العالمي وخاصة في منطقة اليورو، الشريك الرئيس لتونس، أن يؤثر إيجابيا على نشاط الصناعات التحويلية الموجهة للتصدير.
على صعيد الاتجاهات العامة للمستوى العام للأسعار، من المرتقب أن تسجل معدلات التضخم مستويات مرتفعة نسبياً في بعض الدول العربيّة خلال عام 2021 تأثراً بمجموعة من العوامل أهمها الارتفاع الملموس للأسعار العالمية للغذاء، إضافة إلى ارتفاع أسعار منتجات الطاقة لاسيما في ظل تطبيق عدد من الدول العربية لآلية التسعير التلقائي لمنتجات الطاقة لتتوافق مع التغيرات في الأسواق العالمية. كما يتوقع أن يتأثر المستوى العام للأسعار بأثر التمرير الناتج عن الضغوطات التي تواجه أسعار صرف العملة المحلية في بعض الدول العربية. إضافة إلى تصاعد الضغوط التضخمية الناتجة عن التضخم المدفوع بعوامل جذب الطلب في بعض الدول كنتيجة لزيادة مستويات المعروض النقدي والزيادة في مستويات الأجور. كما يتوقع أن يتأثر المستوى العام للأسعار في بعض الدول العربية الأخرى بالتغيرات في حجم الإنتاج الزراعي المرتبط بالتقلبات المناخية.