وكانت بعيدة جدا ولم يكن هناك احتمال لوصولها الى تونس الا ان اعلان ايطاليا عن تسجيل بؤرة لانتشار الفيروس دفع السلطات التونسية الى اعتبار الخطر قريبا وبدات دولة بعد اخرى تعلن عن تسجيل اصابات ليكون تاريخ 2 ماري 2020 تاريخ تسجيل اولى الاصابات في تونس ليبدأ الكابوس وقد اعتبر العام 2020 عاما لامثيل له.
اطلقت جميع الدول والمؤسسات المالية الدولية صافرة الانذار لانكماش اقتصادي لم يشهده العالم منذ الكساد الكبير في الثلاثينات تاريخ الازمة المالية العالمية وقد خيم على تونس شبح ازمة اضافية في وقت يشهد فيه الاقتصاد الوطني نموا هشا ومؤشرات مفزعة لم يثن الحكومة على اعلان حجر صحي شامل وقد انخرطت ما اصطلح على تسميته بالاغلاق الكبير ولتعلن على اجراءات اقتصادية واجتماعية لمواجهة اثار تفشي الفيروس، كما كانت تونس مضطرة الى الاقتراض لمواجهة التداعيات المؤكدة لهذه الازمة، فتحصلت على خط تمويل سريع من صندوق النقد الدولي بقيمة 745 مليون دولار في افريل كما اعلنت عن فتح خط لحمع تبرعات من المجموعة الوطنية، تحمل التونسيون اغلاق لمدة تزيد عن الشهرين اعلنت خلالها عديد المهن والقطاعات ان الازمة كان لها وزن ثقيل وان رقم معاملاتها توقف عند الصفؤ وتسريح العمل شر لابد منه.
تاثيرات متفاوتة
القت الازمة الصحية بظلالها على الجميع الا ان بعض القطاعات كانت الاكثر تضررا فالسياحة والمطاعم والمقاهي سجلت انكماشا كبيرا واغلقت عديد النزل ابوابها وعجز بعض اصحابها عن تحمل التزاماتهم المالية لتسجل السياحة في نهاية السنة تراجعا في عائداتها بنسبة تقارب الـ70 % لتكون تداعياتها ايضا على العمال في هذا القطاع حيث من المتوقع ان يفقد مالايقل عن 27 الف موطن شغل قار نهاية السنة ونزول 6 اسر من اصل10 يعمل عائلها في قطاع الفنادق تحت خط الفقر. كما كانت الفلاحة النقطة المضيئة الوحيدة في الافتصاد التونسي في هذا العام الذي لامثيل له لتسجل نموا ايجابيا في قيمتها المضافة فيما تراجعت كل القطاعات.
انكماش اقتصادي ينسف جهود عقود
اشارت كل التوقعات الى تسجيل انكماش اقتصادي غير مسبوق فبعد ان سجلت الثلاثية الاولى انكماشا بـ1.7 % وكانت بمثابة بداية الاثار الكارثية للازمة الصحية، ثم اعلنت الثلاثية الثانية وكانت نتائجها كارثية فقد انكمش النمو بـ 21،6 % وانتهت الاشهر التسعة الاولى بنموا بانكماشا بـ 10 %. لتكون فرضية تسجيل 7.3 % شبه مستحيلة.
امام حالة الاغلاق التي شهدها العالم انكمشت المبادلات التجارية التي اثرت في عائدات الصادرات وكشفت عن توقف الاستثمار بما ان ابرز الواردات التي تراجعت كانت المواد الاولية والنصف المصنعة والتجهيز.
فقد ادى تازم الظرف الاقتصادي محليا ودوليا الى صعوبات في تعبئة موارد خارجية في شكل استثمارات مباشرة وقروض اجنبية لتتراجع الى الاستثمارات بـ 23 % والقروض بـ 37 %.
أما في ما يتعلق بسعر الصرف والموجودات الصافية من العملة فقد تميزت سنة 2020 عموما باستقرار في قيمة الدينار مقابل أبرز العملات الاجنبية كما سجل المخزون الوطني من العملة الاجنبية ارتفاعا ملحوظا بسبب تراجع الدفوعات بعنوان الواردات وتدفق موارد بالعملة بعنوان تحويلات التونسيين بالخارج.
الاثار الاجتماعية
انكماش النمو واغلاق المؤسسات في فترة الحجر الصحي زاد من وتيرة ارتفـاع البطالة في الثلاثي الثانية الى 18 % وتراجعت خلال الثلاثي الثالث الى 16.2 %. ضمن احصائيات المعهد الوطني للإحصاء تم تسجيل فقدان نحو 69،3 ألف مشتغل لوظائفهم بسبب جائحة كوفيد_19. الازمة الصحية كانت ايضا دافعا للتحركات الاجتماعية في عديد الجهات لعل ابرزها اعتصام الكامور وتوقف انتاج المحروقات الى حين امضاء اتفاق يستجيب الى مطالب المحتجين وانطلقت اثره عديد الاحتجاجات في مختلف المناطق المطالبة بالتشغيل والتنمية، هذا الحراك الاجتماعي مازال متواصلا امام تواصل اسبابه ودوافعه.
لم تكن تونس الدولة الوحيدة التي شهدت أزمة في هذا العام فكل الدول شهدت انكماشا غير مسبوق ليردد صندوق النقد الدولي نداءاته الى العمل الجماعي للخروج من الازمة غير المسبوقة.
2020 سنة لامثيل لها: فقدان الأرواح.. انكماش النمو وخسارة الوظائف
- بقلم شراز الرحالي
- 09:11 04/01/2021
- 771 عدد المشاهدات
9128 كلم هي المسافة الفاصلة بين تونيس ومدينة ووهان المدينة التي ظهرت فيها اولى الاصابات بفيروس كورونا