يمثل خطرا جسيما يواجه اقتصاد تونس الذي لم يتعاف بعد من ازمات متلاحقة عمقتها اثار الكوفيد 19 وسوء التصرف في المال العمومي بما جعل هذه المؤسسات تغرق في نفق المديونية وتزداد اشكالياتها تعقيدا يوما بعد يوم. فكيف يرى الخبراء الحل الامثل للخروج من هذه الارث الثقيل؟ ومالذي ادى الى هذه الوضعية المحبطة، وهذه الديون التي تتمثل اغلبها في ضرائب وأداءات وقروض وتسبقات خزينة وإتاوات وحصص أرباح، علاوة على سوء التصرف الذي ضبطته تقارير موثقة لدى السلط المعنية؟
كثرت القراءات والتحاليل الاقتصادية والمالية المتعلقة بوضعية المالية العمومية للشركات التي يعاني اغلبها ان لم نقل كلها من صعوبات مالية حرجة ووضع دقيق وتداولت الجلسات الوزارية وحتى لقاءات العمل التي عقدت في مناسبات عديدة الحالة المزرية التي باتت عليها المؤسسات التابعة للدولة والتي كان لزاما ان تتصدر المراتب الاولى في النشاط والأداء لتساعد الحكومة في تجاوز ازمتها الحالية غير ان الواقع بين ان الدولة متصرف سيء في مؤسساتها فالحقيقة شيء والتصورات شيء اخر، وقد شغلت وضعية هذه المؤسسات كجزء من مكونات النسيج الاقتصادي في البلاد الراي العام وتحدث عنها ماسكو هذا الملف في شكل صيحات فزع منبهين إلى خطورة وضعيتها وما ستؤول اليه في صورة التغافل عنها وعدم التعامل مع ملفاتها الثقيلة بصورة جدية.
وضع دقيق
لقد تعددت أسباب اختلال التوازن المالي لهذه المؤسسات ولعل اهمها وفق ماصرح به المسؤولون في الدولة في العديد من المناسبات هي ارتفاع كتلة الاجور التي تضاعفت بـ 35 ٪ وارتفاع وتيرة التحركات الاجتماعية و الإضرابات امام ضعف الإطار المؤسساتي وتعقد المشهد الاداري وتعدد الهياكل المكلفة بالإشراف والمراقبة، التي تداخلت ادوارها في بعض الاحيان وكانت سببا من اساب تاخر اداء بعض المؤسسات بدل تطور انتاجها ودعمها فنيا وماديا و سببا مباشرا في ضعف ادائها الذي تراجع بصورة مباشرة خلال السنوات الاخيرة والذي يحمل اغلب الفاعلين في الملف مسؤوليته الى ضعف الاطار التشريعي والقانوني الذي ينظم مجال وطرق التصرف فيها بالإضافة الى الانتدابات العشوائية وتشتت وضعف منظومة المتابعة والإشراف وتحميل المسؤولية لأطراف غير فاعلة.
حل الخوصصة
عبر اغلب المسؤولون في الحكومة في مناسبات عديدة عن قلقهم الكبير وتخوفاتهم ازاء الوضعية الحرجة التي تعيشها المؤسسات العمومية وتصاعد مديونيتها التي ترتفع باستمرار والنزيف المالي الذي لا احد استطاع التحكم في سيله وقد كلف اصلاح وانعاش هذه المؤسسات الدولة والمجموعة الوطنية فاتورة باهضة لا احد قادر على ضمان استرجاع حجمها ودون فائدة ترجى.
وامام تعقد مسار الاصلاح لهذه المؤسسات المهددة بالافلاس وصعوبة وضعيتها التي استنزفت جهود الحكومة واستهلكت اموالا طائلة ضحت في خزينتها دون جدوى وامام تمسك المنظمة الشغيلة بموقفها الرافض للتفويت في المنشات الوطنية يرى بعض الخبراء أن الدولة متصرف سيئ جدا وجب الخروج من بيت طاعته واللجوء الى شركاء خواص من خلال وضع جزء منها تحت تصرفهم بالتفويت فيها بهدف انقاذها بعد ان اثبتت التجربة ان المؤسسات الخاصة رغم كل الصعوبات التي - أحيانا - تعيشها تخرج من وضعياتها المزرية لتنهض من جديد على اعتبار ان القطاع الخاص يولي اهمية بالغة لعاملي الوقت والرأسمال البشري حيث لا يوظف الا اليد العاملة المنتجة للقيمة المضافة ولا يسلم اجورا الا لمن تعبوا في الحصول عليها ولا مجال لعقلية ملك الدولة وتقاليد التواكل فالانتاج هو الفيصل وهو حسب رايهم الحل الامثل للخروج من الوضع الصعب لهذه المؤسسات التي تستنزف اموالا طائلة وتستهلك كل راس مالها بطاقة انتاج ضعيفة امام تشغيلية ضخمة .
وبانتظار ان يتم الفصل نهائيا في وضعية هذه المنشآت يبقى سيل استنزافها لاموال الدولة متواصلا ..