أن هذه الأسواق التي تعتمد على السلع الأولية ستكون من بين أشد البلدان عرضةً للآثار الاقتصادية للجائحة ،حيث لن تقف تداعيات فيروس كورونا عند الخسائر الصحية والبشرية التي ستعيشها هذه البلدان بل ستتعدى آثار الركود الاقتصادي العالمي الى تراجع الطلب على الصادرات، وتعطل سلاسل التوريد ستضر كلها باقتصادات هذه البلدان.
أدت حالة الطوارئ الصحية التي التهمت العالم جراء جائحة فيروس كورونا الى تعطل كل الأنشطة تقريبا الأمر الذي كان له تداعيات فورية على أسواق السلع الأولية في العالم، ومن المرجح أن تستمر في التأثير عليها لعدة أشهر قادمة حسب البنك الدولي الذي قال في تقرير صدر حديثا حول آفاق أسعار السلع الأولية أن جائحة كورونا قد أثرت في الطلب والمعروض من السلع الأولية، إذ كانت لها تداعيات مباشرة من جراء الإغلاقات وتعطل سلاسل التوريد، وتداعيات غير مباشرة ناجمة عن توقُّف النمو الاقتصادي، وكانت الآثار أكثر شدة لاسيما على السلع الأولية المتصلة بقطاع النقل ومن المنتظر أن تستمر في التأثير عليها لعدة أشهر قادمة.
35 دولار متوسط سعر برميل النفط
وقد أثرت الجائحة لاسيما على السلع الأولية المتصلة بقطاع النقل ،فقد تراجعت أسعار النفط منذ شهر جانفي ،وبلغت مستوى تاريخيا متدنياٍ خلال شهر افريل ويُعزى هذا التراجع إلى هبوط حاد للطلب،علاوة على حالة عدم اليقين التي تحيط بمستويات الإنتاج لدى كبار منتجي النفط و قد توقع البنك الدولي أن يهبط الطلب على النفط على نحو لم يسبق له مثيل بمقدار 9.3 ملايين برميل يوميا هذا العام عن مستواه في 2019 الذي بلغ 100 مليون برميل يوميا. ومن المتوقع أن تبلغ أسعار النفط في المتوسط 35 دولارا للبرميل في عام 2020،أي بإنخفاض بنسبة 43% عن المتوسط في 2019 الذي بلغ 61 دولارا للبرميل،كما انهارت أيضا أسعار المطاط الطبيعي والبلاتين اللذين يستخدمان على نطاق واسع في قطاع النقل خاصة في ظل تقييد معظم أنشطة السفر.
إنخفاض أسعار الغاز الطبيعي والفحم بنسبة 40 %
أما في ما يتعلق بأسعار الطاقة ، فمن المتوقع أن تنخفض أسعار الغاز الطبيعي والفحم، بنسبة 40 % في المتوسط في عام 2020 عن مستوياتها في 2019، على أن تشهد تعافيا ملموسا السنة المقبلة وقد انخفضت أسعار الغاز الطبيعي انخفاضا ملحوظا هذه السنة لكن أسعار الفحم كانت أقل تأثُّرا، لأن الطلب على الكهرباء كان أقل تأثرا بالتدابير الرامية إلى الحد من تفشي الجائحة.
وقال تقرير البنك الدولي، أن توقف الأنشطة الاقتصادية قد أضر بالسلع الأولية الصناعية مثل النحاس والزنك، ومن المتوقع بوجه عام أن تتراجع أسعار المعادن هذا العام ،وقد مثلت مادة الذهب استثناء ،حيث ارتفعت الأسعار نتيجة بحث المشترين عن الأمان في خضم اضطرابات الأسواق المالية.
وفي مجال السلع الغذائية،فقد شهدت وفرة في إمدادات المعروض، لكن المخاوف بشأن الأمن الغذائي تزايدت على خلفية فرض عدد من البلدان قيودا على التجارة تضمَّنت حظر تصدير سلع مُعيَّنة وانخرطت في ممارسات الشراء المفرط. وقد يتأثَّر إنتاج السلع الزراعية، لاسيما في الموسم القادم من جراء تعطل حركة التبادل التجاري وتوزيع المستلزمات مثل الأسمدة والمبيدات والأيدي العاملة ومع أن الأسواق تشهد وفرة في إمدادات المعروض، فإن القيود على الصادرات قد تضر الأمن الغذائي في البلدان المستوردة.
كما أضاف البنك الدولي ان تأثيرات جائحة فيروس كورونا على أسواق السلع الأولية قد تؤدي إلى تغيرات أطول ومن المحتمل أن ترتفع تكاليف النقل بسبب المتطلبات الإضافية لعبور الحدود وستُؤثِّر زيادة تكاليف التجارة على وجه الخصوص على الزراعة والسلع الغذائية والمنسوجات ومن المحتمل أن تؤثر قرارات تخزين سلع مُعيَّنة على تدفق التجارة، وقد يكون لها تأثير على الأسعار العالمية.