من ±2,5 % إلى 5 ± % بالنسبة إلى سعر الصرف المركزي المحدد من طرف بنك المغرب على أساس سلة من العملات مكونة من اليورو والدولار الأمريكي بنسبتي 60 % و40 % على التوالي حسب القرار الذي نشرته وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة في موقعها الرسمي .
وتندرج هذه الخطوة الثانية في إطار مسلسل إصلاح نظام سعر الصرف الذي إنطلق في جانفي 2018 وقد إعتبرت وزارة المالية المغربية أن الشروع في هذه المرحلة الثانية من الإصلاح في ظروف ماكرو اقتصادية ومالية ملائمة على الصعيد الداخلي تتسم على الخصوص بمستوى ملائم للاحتياطيات من العملة الصعبة ومستوى تضخم متحكم فيه واستدامة الدين العمومي وصلابة القطاع المالي.
وتتزامن الخطوة المتخذة وفقا لوزارة المالية مع استقرار الدرهم و توفر مؤشرات إيجابية على صعيد الاقتصاد الكلي، مما يعني أن المملكة جاهزة للمضي قدما في إضفاء مرونة على الدرهم،مثل ما أكدت وزارة المالية إن إصلاح نظام سعر الصرف، هو توجه إرادي وتدريجي ومنتظم ويمتد على عدة مراحل، يهدف إلى تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على امتصاص الصدمات الخارجية ودعم تنافسيته وبالتالي المساهمة في دعم مستوى نموه ،كما سيواصل بنك المغرب، طبقا لقانونه الأساسي، السهر على حسن سير سوق الصرف وسيتدخل،عند الضرورة،من أجل ضمان سيولته.
وتأتي هذه الخطوة بعد مضي أكثر من سنتين على المرحلة الأولى من دخول الدرهم مرحلة التحرير والتي كانت ترافقها مخاوف كبيرة خاصة على مستوى الأسعار والتضخم ولكن الخبراء أكدوا أن الاقتصاد المغربي لم يعرف تأثير واضح تبعا لتغيير نظام الصرف ومن المرتقب أن يقع تحرير سعر الصرف بشكل كامل بعد حوالي 15 سنة.
وللتذكير فقد كان الحديث عن دخول الدرهم مرحلة التعويم قد بدأ منذ أواخر 2016 , وذلك بإعلان البنك المركزي المغربي أن المراحل الأولى من الانتقال التدريجي من مرحلة القيود المفروضة على العملة إلى سعر صرف مرن ستنفذ في النصف الثاني من 2017 بالتزامن مع إجراء إصلاحات أخرى، الخطوة قابلتها مخاوف من إعادة السيناريو المصري خاصة بعد ما عرفت أسعار المنتجات في مصر ارتفاعا كبيرا تعمق بتراجع قيمة الجنيه المصري إلى 3 مرات تجاه الدولار تقريبا بعد إجراء التعويم, وقد لجأ بنك المغرب المركزي الى تنظيم ورشات عمل مع الصحافة للإعلان عن إصلاح نظام الصرف، ولطمأنة المواطنين بأن المسار الذي ينوي من خلاله تحرير سعر صرف الدرهم «لن يكون مثلما حدث في مصر. وأعلنت الحكومة المغربية آنذاك أن تعويم الدرهم مشروع هيكلي سيسمح للسوق المغربية بالمنافسة، مشيرا إلى أن تأجيل القرار كان يهدف إلى توفير الشروط اللازمة لاحتواء التداعيات السلبية المحتملة على التوازنات المالية.
وفي منتصف 2018, قال البنك المركزي المغربي في بيان له أن الظروف مواتية نسبياً لتعويم الدرهم أو تحرير سوق الصرف محذرا من أن التنفيذ لا يخلو من المخاطر، مشيرا إلى أن نجاح التعويم يشترط ثلاثة أسس من بينها الانضباط المالي والتوفر على مستوى كاف من احتياطيات الصرف واستمرار تعبئة جميع الأطراف المعنية، لكن الخطوة تأجلت من طرف حكومة الرباط بعد جدل واسع أثارته في الأوساط المالية والاقتصادية وحتى السياسية في الحكومة المغربية , وتوقع حينها الخبراء الماليون والاقتصاديون في المغرب الانطلاق في نظام الصرف الجديد بداية من سنة 2018.
ومع منتصف شهر جانفي من سنة 2018 أعلن البنك المركزي المغربي عن دخول قرار تعويم الدرهم في المغرب حيز التنفيذ بشكل رسمي بعد مصادقة الحكومة على الخطوة قبل أيام لتبدأ البلاد بذلك رحلة طويلة لتحرير أسعار الصرف بشكل تدريجي من أجل تقوية اقتصاد البلاد ،وكان البنك المركزي قد نشر في بيان له آنذاك ان وزارة الاقتصاد والمالية قد قررت بعد التشاور مع بنك المغرب ,اعتماد نظام جديد لسعر الصرف بداية من 15 جانفي 2018 يقوم على تحديد سعر صرف الدرهم داخل نطاق تقلب (+2.5 %) و(-2.5 %) عوضا عن النسبة الحالية وهي بين (+0.3 %) و(-0.3 %) حول سعر الصرف المحوري المحدد من طرف بنك المغرب على أساس سلة تمثيلية من اليورو والدولار،بنسبة 60% و40 % على التوالي لكن بهامش مرونة أكبر بكثير على أن يواصل البنك المركزي تدخلاته لضمان سيولة سوق الصرف.
وأفاد البيان ذاته أن ذلك «يستهدف تقوية مناعة الاقتصاد الوطني إزاء الصدمات الخارجية ودعم تنافسيته وتحسين مستوى نموه، كما سيمكن من مواكبة التحولات الهيكلية التي عرفها الاقتصاد المغربي طيلة السنوات الأخيرة، خاصة على مستوى التنويع والانفتاح والاندماج في الاقتصاد العالمي».
وكان صندوق النقد الدولي قد إعتبر خطوة إدخال نظام صرف جديد للدرهم المغربي في تقريره بتاريخ 22 جانفي 2018 «سيساعد على تحقيق تحسن أكبر في المركز الخارجي للمغرب، وتعزيز قدرة الاقتصاد على امتصاص الصدمات والحفاظ على تنافسيته الخارجية».
كما رحب صندوق النقد الدولي في تقريره بتاريخ 11 نوفمبر 2019 بعزم السلطات على التحول التدريجي نحو نظام أكثر مرونة لسعر الصرف، الأمر الذي سيسمح للاقتصاد المغربي بامتصاص الصدمات الخارجية على نحو أفضل والحفاظ على قدرته التنافسية.