وإرساء مسار جديد للتنمية والنمو.
وكان محمد الهدار رئيس الجمعية التونسية للاقتصاديين قد شدد في البداية على أهمية الحوار حيث أبان المنتدى تعطشا كبيرا لدى الحضور وعكس على الرغم مما فيه من تباين في الرؤى والبرامج والأهداف رغبة حقيقية في التوصل إلى قواسم مشتركة لتحقيق الحلول في إطار التشاركية وبعيدا عن الضغوط .
ثم تطرق في عرضه لمخرجات المنتدى إلى أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد كان المشغل الرئيسي لعدد كبير من المشاركين في المنتدى سواء من السياسيين أو الاقتصاديين وكذلك المجتمع المدني وأن الوضع الاقتصادي اليوم صعب وأن نسبة النمو بـ2.5 %و3 % لا تبدو ملائمة للبلاد اليوم خاصة إذا ما قورنت بنسب الماضي وهذا ما يتوجب معه إصلاحات عميقة وهي القناعة التي خلص إليها المنتدى للوصول إلى التنمية الشاملة وأكثر عدالة.
واستعرض مصطفى كمال النابلي خلال تدخله مجمل مخرجات المنتدى محاولا إبراز خصائصها الاقتصادية والاجتماعية في علاقة بالوضع القائم في البلاد ومدى تأثره بالمستجدات ، مشددا على أن ما خلص إليه المنتدى لا يعدو أن يكون مساهمة لبلورة مجموعة من الأفكار والرؤى يمكن الاستدلال بها وهي بالنهاية ليست حلولا جاهزة بقدر ما هي أرضية لإيجاد الحلول في هذا الظرف الخاص الذي تمر به البلاد.
وشدد النابلي على أهمية الوفاق في هذه المرحلة بين جميع الأطراف مؤكدا أن نجاح المنتدى سيدفع إلى دورات أخرى منه خلال الفترات القادمة في ضوء ما يفرزه من وفاق تام بين الهيآت والجهات الفاعلة في البلاد، داعيا الإعلام الوطني إلى المبادرة بمتابعة ومناقشة الورقة التي صدرت عن المنتدى.
ولم يغفل النابلي في رده عن سؤال لـ«المغرب» ، عن التهديدات و ما يستهدف الدولة وأجهزتها من مخاطر لم يغفل الـتأكيد أن الإرهاب ليس وحده خلف هذه المخاطر بل أطراف عديدة دون أن يذكرها داعيا إلى وفاق حول الخيارات الكبرى خاصة حول المسائل الجوهرية ودونه ستتعقد الأمور والمشاكل.وحول أهمية التعاون التونسي الأوروبي ودور ذلك في مساعدة البلاد على تجاوز أزمتها أشار النابلي إلى أن انفتاح تونس على أوروبا ومن ورائها الاقتصاد العالمي لم يكن بالدرجة المرجوة خاصة وأن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي كان ولا يزال غير مستجيب لتونس وتطلعاتها في النمو وأن الدعم الأوروبي لتونس لا يرتقي إلى المستوى المنشود .
وكان المنتدى الذي انتظم يومي 24 و25 فيفري الماضي ببادرة من الجمعية التونسية للاقتصاديين أفضى إلى اتفاق حول جملة من الخيارات تضمنتها ورقة ضمت «12 توصية» صدرت أمس الأول قد دعت كل الجهات إلى دراستها والتمعن فيها بهدف تطويرها بهدف الوصول إلى خيارات ستمكن البلاد من تجاوز مصاعبها الحالية.
ومن ضمن التوصيات الدعوة لمسار جديد للتنمية الشاملة للترفيع في نسب النمو الحالية إلى مستويات أعلى فضلا عن الرفع في نسق نمو الإنتاجية بالزيادة في حجم الاستثمار الوطني وإصلاحات عميقة على مستوى المؤسسات العمومية والخاصة .
كذلك اعتماد مقاربة جديدة للقضاء على الفقر ورفع الأمية في مدة زمنية معقولة عبر إعادة هيكلة وتجميع مختلف البرامج الاجتماعيّة التي تعوزها النجاعة للوصول إلى الفئات المستهدفة . و دعم الموارد البشريّة واعتماد هدف تكافؤ الفرص في النفاذ إلى خدمات المرافق الصحية والتعليم والتكوين والرفع من مستواها وجودتها كأساس عند بلورة السياسات في هذه القطاعات بإعادة توزيع الضغط الجبائي بين الفاعلين الاقتصاديين لتكريس مبادئ العدالة الاجتماعية والإنصاف .
تطوير دور القطاع الخاص من أجل دفع النمو الاقتصادي الجملي بمضاعفة نسبة الاستثمار الخاص من الناتج الداخلي الخام إلى أكثر من 25 % عبر حفز المبادرة الخاصة وتسهيل الأعمال ورفع العوائق العديدة وتوسيع مجالات تدخله فضلا عن تنويع وإحكام مصادر التمويل، بما يعزز الابتكار ويساهم في خلق الثروة ويوفر مواطن الشغل اللائقة في كنف احترام القوانين الاجتماعية والواجبات الجبائية.
بعث أقطاب حضرية مندمجة قادرة على استقطاب الاستثمار والكفاءات وتوفير كل المرافق اللازمة في جميع المجالات في نطاق سياسة متكاملة وجديّة للتهيئة الترابية انسجاما مع مقتضيات الباب السابع للدستور مع مراجعة جذريّة لمنظومة الإدارة العموميّة في كنف احترام مبادئ الحوكمة الرشيدة وفي اتجاه تعزيز نجاعة تدخلاتها في خدمة المواطن والمؤسسة.
كما أوصى المشاركون بضرورة تبني الحوار الاقتصادي والاجتماعي بين كل الفاعلين السياسيين والشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين والمجتمع المدني لمواصلة بلورة الخيارات الاقتصاديّة والاجتماعية الكبرى في هذه المرحلة الدقيقة .