العمل المالي مؤخرا بأن تونس استكملت مبدئيا تنفيذ خطة العمل الخاصة بها التي اقرها الاجتماع العام المنعقد في نوفمبر 2017 بالأرجنتين والتي تستهدف تلافي أوجه القصور التي تشكو منها المنظومة الوطنية لمكافحة غسل الأموال و تمويل الإرهاب.
قال محافظ البنك المركزي مروان العباسي خلال ندوة صحفية عقدت يوم أمس بمقر البنك أن مجموعة العمل المالي ستجري زيارة ميدانية في منتصف سبتمبر المقبل للتثبت من تطبيق توصيات «الفاتف» على ارض الواقع أي التأكد من إشتغال عناصر برنامج العمل الذي صادقت عليه خلال الجلسة ، مشيرا إلى أن التدابير التي وقع إتخاذها سمحت بإرتقاء إمتثال المنظومة الوطنية من مستوى امتثالها ل16 توصية من جملة 40 توصية صادرة عن الفاتف إلى 29 توصية في ديسمبر المنقضي.
وتترقب تونس إرتقاء ثانيا تبعا للتقرير الأخير الذي قدمته اللجنة التونسية للتحاليل المالية لتصل درجة الامتثال إلى 36 توصية.
ويعد قرار مجموعة العمل المالي طبق الإجراءات الخاصة بعملية متابعة الدول المرحلة النهائية بإتجاه الخروج من قائمة الدول تحت المتابعة من قبل الفاتف ومن ثَمَّ الخروج من القائمة الأوروبية.
وأوضح العباسي أن بلوغ هذه النتيجة جاء بعد عمل وسط مناخ صعب لكنه تحقق بفضل الدعم السياسي من السلطات التونسية والهيئات الرقابية المعنية وما أبدته المهن المالية من سعي واجتهاد بالواجبات المحمولة عليهم في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقدتم التركيز على إمتداد 17 شهرا بالتحديد ديسمبر 2017 الى أفريل 2018 على العمل مع مختلف الأطراف والهياكل الدولية ،إذ تداول خبراء اللجنة التونسية للتحاليل المالية في 13 اجتماع 5 تقارير لمجموعة العمل المالي و 3 تقارير لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا «مينافاتف» MENAFATF .
أما على المستوى الوطني فقد تم عقد 6 مجالس وزارية مضيقة برئاسة رئيس الحكومة و4 اجتماعات برئاسة السيد الكاتب العام للحكومة و10اجتماعات برئاسة محافظ البنك المركزي التونسي إلى جانب 18اجتماع لفريق القيادة الفني برئاسة الحكومة و قد وقع خلال هذه الفترة العمل تطوير الإطار التشريعي وذلك لغاية مطابقة المنظومة القانونية التونسية للمعايير الدولية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ،ففي ما يتعلق بالجانب التشريعي ،فقد وقع إصدار القانون المتعلّق بالسجل الوطني للمؤسسات الذي أحدث سجل المستفيد الحقيقي إلى جانب تنقيح وإتمام القانون الأساسي لسنة 2019 المتعلّق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.
و أكد المحافظ إصدار 7 أوامر حكومية خاصة بالسجل الوطني للمؤسسات وتجميد أصول الإرهابيين والكيانات المرتبطة بانتشار التسلح وذلك تطبيقا لقرارات مجلس الأمن عدد 1267 و1373 ،كما وقع إتخاذ 103 قرار عن رئيس الحكومة في تجميد أموال وأصول إرهابيين تطبيقا لقرار مجلس الأمن عدد 1373 فضلا عن 6 قرارات وزارية لضبط الواجبات المحمولة على المهن غير المالية وقرار عن هيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية.
كما أصدر البنك المركزي منشورين إرتبطا بالواجبات المحمولة على البنوك في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب .
وتضمن الإصلاح التشريعي أيضا إصدار 3 تراتيب صادرة عن الجهات الرقابية في القطاع المالي والتأمين والتمويل الصغير ومن جهتها أصدرت اللّجنة التونسية للتحاليل المالية 6 قرارات خاصة بالمبادئ التوجيهية للمهن المالية وغير المالية في مجال المكافحة وقرار خاص بالجمعيات.
على العملي، تحدث المحافظ عن اعتماد مناهج مراقبة على غرار المنهج القائم على المخاطر من قبل البنوك و المؤسسات المالية والمنهج القائم على المخاطر من قبل الهياكل الرقابية والمنهج القائم على المخاطر من قبل الإدارة العامة للجمعيات.
و قد أشار العباسي إلى تنفيذ عديد المهمات الرقابية الميدانية على البنوك و المؤسسات المالية وغير المالية من تجار مصوغ و وكلاء عقاريين و نوادي القمار و تعزيز الرقابة على التدفقات المالية و على نشاط الجمعيات على المستوى المركزي و الجهوي.
إصدار 69 قرار تجميد لحسابات مسترابة
على مستوى اللجنة التونسية للتحاليل المالية،فقد أعدت دليل خاص بكل مهنة غير مالية بجملة 7 دلائل للجهات الرقابية المعنية بها ،كما تم في سنة 2018 أصدرت اللجنة التونسية للتحاليل المالية 47 قرار في تجميد حسابات في علاقة بعمليات مسترابة في غسل الأموال وتمويل الإرهاب وبلغت قيمة الأموال المجمّدة ما يعادل 75 مليون دينار .
تجميد 350 مليون دينار في علاقة بعمليات في غسل الأموال وتمويل الإرهاب
كما أصدرت اللجنة التونسية للتحاليل المالية خلال هذا العام 22 قرارا في تجميد حسابات في علاقة بعمليات مسترابة في غسل الأموال وتمويل الإرهاب خلال وبلغت قيمة الأموال المجمّدة ما يعادل 350 مليون دينار .
وقد تم وضع نظام معلوماتي جديد مستقل خاص باللجنة التونسية للتحاليل المالية واقتناء تطبيقة معلوماتية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة الى جانب انخراط محللي اللّجنة في دورات تكوينية لدى مركز التكوين التابع لمجموعة العمل المالي وصندوق النقد الدولي ومجموعة مينافاتف.
وكان إجتماع مجموعة العمل المالي المنعقد بباريس في الفترة من 17 إلى 22 فيفري المنقضي ،قد تّم النظر في ملف متابعة تنفيذ تونس لخطة العمل التي تم اعتمادها في نوفمبر 2017 ، وقد خلص إلى أ ن تونس حققت خطوات نحو تحسين منظومتها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بإتخاذ عديد الإجراءات التصحيحية على غرار القانون الأساسي عدد9 لسنة 2019 المؤرخ في 23 جانفي 2019المنقح و المتمم للقانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 والمؤرخ في 7 أوت 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال .
وقد كانت بعض النصوص الجوهرية قد صدرت بعد إجتماع 16 جانفي أي قبل إنعقاد الاجتماع العام للغافي بفترة وجيزة الأمر الذي حال دون تمكن خبراء مجموعة العمل المالي من التدقيق في امتثال الأوامر الجديدة مع المعايير الدولية والتأكد من شروع الجهات التونسية المعنيّة في التطبيق الفعال لتلك النصوص، بالإضافة إلى ضرورة أن تقّدم السلطات التونسية ما يفيد استكمال تطبيق كل من المحامين وعدول الإشهاد والخبراء المحاسبين الالتزامات المحمولة عليهم في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وبناءا على ذلك طلبت الغافي الامتثال ل4 توصيات منها استكمال تطبيق كل من المحامين وعدول الإشهاد والخبراء المحاسبين الالتزامات المحمولة عليهم في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ودخول منظومة السجل الوطني للمؤسسات حيز النفاذ وتوفير معلومات دقيقة ومحيّنة حول المستفيد الحقيقي ووضع هذه المعلومات على ذمة جهات إنفاذ القانون وتطبيق منظومة العقوبات المالية المستهدفة ذات الصلة بتمويل الإرهاب ومزيد متابعة قطاع الجمعيات إلى جانب تطبيق المؤسسات المالية والأعمال غير المالية المحددة لمنظومة العقوبات المالية المستهدفة ذات الصلة بتمويل انتشار التسلح موضوع الأمر الحكومي عدد 72 المؤرخ في1 فيفري 2019.
في علاقة «الفاتف «بقائمة الدول التي تشكو نقصا في مكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال ؟
إن خروج تونس من رقابة مجموعة الغافي يعد تعبير عن امتثال تونس للمعايير الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال،حيث يعتمد الاتحاد الأوروبي تقارير وملاحظات مجموعة العمل المالي أساسا في إصدار قائمة الدول ذات المخاطر العالية في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ،حيث يصنف الاتحاد الأوروبي الدول التي لديها تأثير نظامي على سلامة النظام المالي له ،أو تلك التي يتم مراجعتها من قبل صندوق النقد الدولي كمراكز مالية دولية خارجية أو الدول التي لديها أهمية اقتصادية وعلاقات اقتصادية قوية مع الاتحاد الأوروبي وتعمل اللجنة التابعة للاتحاد الأوروبي في كل بلد على تقييم مستوى التهديد القائم والإطار القانوني والضوابط
الموضوعة لمنع مخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتنفيذها الفعال كما أخذت اللجنة في اعتبارها عمل فرقة العمل المعنية بالإجراءات المالية (FATF) ،هي مؤسسة المعايير الدولية في هذا المجال.
وتعمل اللجنة الفنية التابعة للاتحاد الأوروبي مع البلدان التي تم تحديدها على أنها تعاني من أوجه قصور في إستراتيجية في مجال مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وستساهم بشكل خاص في معايير الرفع من القائمة كما ستمكّن هذه القائمة البلدان المعنية من تحديد المناطق التي يمكن تحسينها بشكل أفضل من أجل تمهيد الطريق لإحتمال شطبها بمجرد معالجة أوجه القصور الإستراتيجية.
ويؤكد الاتحاد الأوروبي في تقاريره في هذا الباب انه يتابع التقدم الذي تحرزه البلدان المدرجة في القائمة، ويواصل رصد المستجدات بما يتوافق مع منهجيته وبناءا عليه يقوم بتحديث هذه القائمة إما بالإدراج أو بالرفع ،حيث تشير توقعات البنك المركزي إلى خروج تونس من قائمة «الدول ذات المخاطر العالية في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب» خلال شهر أكتوبر المقبل.