بقيمة 247 مليون دولار أي ما يعادل تقريبا حوالي 730 مليون دينار، ليصل مجموع الاقساط التي تحصلت عليها تونس من الصندوق حوالي 1.6 مليار دولار من القيمة الجملية للقرض المتفق عليه والذي يبلغ 2.9 مليار دولار. وفي بيانه الذي اصدره الصندوق على موقعه الرسمي اشار الى العديد من النقاط التي تحيل الى عدة قراءات تؤكد صعوبة المرحلة رغم سياسة الاصلاح التي بدأت تظهر نتائجها حسب الصندوق.
اشار صندوق النقد الدولي في بيانه الى ان مخاطر البرنامج لا تزال مرتفعة جدا وان التزام السلطات الثابت بأجندة السياسة والإصلاح ، والمراقبة الفصلية، والدعم المالي القوي وبناء القدرات من جانب الشركاء الخارجيين لتونس ، أمر أساسيي للتخفيف من حدتها.
كما اشار الى ان المجلس وافق أيضًا على طلب السلطات بالتنازل عن عدم التقيد بمعايير الأداء في نهاية مارس 2019 على صافي الاحيتاطيات الدولية وصافي الأصول المحلية. وان هذه الاعفاءات مُنحت على أساس التدابير التصحيحية التي اتخذتها السلطات.
تواصل مواطن الضعف
افاد الصندوق انه رغم ظهور نتائج السياسة الاصلاحية الا ان النمو لا يزال ضعيفًا مع تواصل مواطن الضعف في الاقتصاد الكلي ، ورغم ان ميزانية تونس تسمح بالحفاظ على الاستثمار المعزز للنمو وزيادة الإنفاق الاجتماعي ، الا انه لا يوجد مجال لتخفيف الجهد على الضرائب أو النفقات الجارية بعد الزيادة الأخيرة في أجور الخدمة المدنية، وان السياسات على المدى القريب يجب ان تواصل التركيز على تحسين العجز المالي والخارجي للتغلب على ارتفاع نسبة الدين التي لا يمكن تحملها ، والحد من التضخم ، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي للأسر ذات الدخل المنخفض.
اغلب النقاط التي وردت في بيان صندوق النقد الدولي التي خلص اليها وفد خبرائه عقب زيارتهم الى تونس لم تتضمن عنصر المفاجأة على اعتبار ان الوضعية الاقتصادية والسياسة العامة في البلاد تتواصل في جانب كبير منها بتعقيداتها التي تلقي بظلالها على الامن الاجتماعي في بلد يتقلب على صفيح ساخن يؤججه جدل الانتخابات التي باتت قاب قوسين أو أدني وأصبح حديث الساعة وملفا يشغل الرأي العام. تعقدت الوضعية بعد هزات سياسية وازمة ثقة عنيفة عاشتها البلاد التي راهن جزء كبير من مواطنيها على احزاب تصدعت اعمدتها ولم تكن بحجم الانتظارات والوعود الانتخابية التي قدمتها للمقترعين. ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي في تونس يتأرجح بين تسع حكومات تعاقبت وتسلمت ارثا ثقيلا لم تتمكن اي واحدة منها من التوصل الى المفتاح السحري الذي يعيد الامور الى نصابها ويضع البلاد على مرافئ الاستقرار الاقتصادي والمالي ويغلق نهائيا ملف الانتقال الاجتماعي بالصورة التي انتفضت لأجلها الملايين.
تراجع وانخفاض
المتابع للمؤشرات الاقتصادية التي تقدمها تباعا المؤسسات الرسمية يلاحظ انها وعلى مدار سنوات عديدة تتأرجح بين تراجع وانخفاض تسبب فيه عجز محركات اساسية على غرار نسبة النمو التي بلغت 1.1 % خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية واعتبرها الخبراء اسوا نسبة عرفتها البلاد على مدار ثلاث سنوات وانتعاشها يرتبط باستكمال الإصلاحات العاجلة لتحسين مناخ الاستثمار وتحسين الوضع الأمني والاجتماعي وارتفاع العجز التجاري الذي بلغ الى موفي شهر ماي الماضي نحو 8.106 مليون دينار مقابل 6.625 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2018، وهي مؤشرات رغم محاولات تطويرها وانعاشها لم يتم التوصل نهائيا الى الفصل فيها لعدة اعتبارات ابرزها الانشغال بالمشهد السياسي وسحر الزعامات والكراسي.
علاوة على المشهد السياسي المعقد والمربك لصورة تونس التي اصبحت تتسم بالضبابية تلاحظ اغلب المؤسسات المالية المانحة لتونس والخبراء الفاعلين في الشأن المالي والاقتصادي ان السياسة العامة تشهد بطءا في التعافي وتواجه عدة مخاطر مالية واقتصادية تعمقها وفي جزء كبير منها الخلافات في الآراء حول الاصلاحات الرئيسية في المالية العمومية و التخفيض من الانفاق في ظل وضع اجتماعي دقيق يتسم بارتفاع معدلات البطالة والفقر يتطلب بدوره تطويرا لمناخ الاستثمار الذي يعتبر ذا اولوية في وقت تحتاج فيه البلاد الى المبادرات الخاصة لتحريك نموها علاوة على ارتفاع معدل الفساد الذي ينخر قلب الرحى.