على التوجه الى السوق الافريقية التي اعتبرها اغلب محركي رؤوس الاموال في تونس والعالم سوقا واعدة وحلا لمواجهة الحرب التجارية التي يعيشها العالم حاليا وتحركها سياسات مختلفة تبين اخر مؤشرات المعهد الوطني للإحصاء ان الميزان التجاري لتونس سجل مع مجموعة الدول الافريقية عجزا لافتا قدر بأكثر من 138 مليون دينار خلال الثلاثي الاول من
السنة الحالية مقابل اكثر من 49 مليون دينار خلال نفس الفترة من 2018 ما اعتبره بعض الفاعلين في الشأن الاقتصادي محبطا في جزء منه خاصة مع انطلاق ماراطون المفاوضات مع دول أفريقيا لإبرام اتفاقية منطقة التبادل التجاري الحرّ في كافة أنحاء القارة.
تستعد تونس كسائر مجموعة الدول الافريقية لمتابعة اشغال القمة الاستثنائية لرؤساء الدول والحكومات الإفريقية التي ستنعقد يوم 7 جويلية 2019 بالنيجر، والتي سيتم خلالها إطلاق المرحلة الأولى لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية،التي تتصدر اجندة مشاريع الاتحاد الأفريقي المقبلة لتحقيق النمو الشامل والتنمية المستدامة للمنطقة، وبعد أن أعربت جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي خلال قمة كيغالي المنعقدة في مارس 2018، عن رغبتها واستعدادها لتعزيز التجارة بين الدول الإفريقية، ومقابل التحمس الكبير والتوجه الذي بدا يطفو منذ سنوات قليلة على الساحة المالية والاقتصادية لأغلب الدول ومن بينها تونس فان العوائق التي طفت في الأثناء تتطلب مجهودات مضاعفة كبيرة لتحقيق الحلم المنشود ولعل اهمها الجانب اللوجستي والبنية التحتية القادرة على استيعاب حركة نقل ضخمة بين تونس ودول القارة والذي تصدر كل النقاشات او اغلبها التي جمعت رواد السوق الافريقية من رجال اعمال وحتى مسؤولين خلال اللقاءات التي تبرم للبحث في التحديات والحلول .
تعددت اللقاءات والمنتديات باختلاف تسمياتها ومواضيعها لتخلص في مجملها الى حل واحد وتوصيات اغلبها تصب في منحى تطوير المبادلات التجارية بين تونس ومجموعة الدول الافريقية ومزيد العمل على دعم الاستثمارات في القارة لمواجهة الصعوبات الاقتصادية الكبيرة التي تنتظرها في وضع سياسي واقتصادي صعب ودقيق بامتياز وفتح آفاق جديدة في عديد المجالات اهمها الصناعات الغذائية والطاقات المتجددة وتكنولوجيا المعلومات ومكاتب الدراسات ومواد الصيدلة والأشغال العامة والمواد الكهربائية وغيرها ولئن تتفق اغلب الاراء على هذه المجالات وضرورة تطويرها تبقى الرهانات كبيرة والتحديات اكبر خاصة في ظل الصعوبات التي تواجه هذا الطريق الجديد والتي تتصدرها ضعف الدبلوماسية الاقتصادية في القارة و ضعف النقل الجوي والبحري علاوة على غياب التمثيليات والفروع البنكية التونسية في الدول المستهدفة استثماريا.
يثار جدل واسع حول افاق التعاون الافريقي في المجال الاقتصادي بالأساس ودور تونس في هذا الملف الذي يعتبره البعض فرصة يجب استغلالها بامتياز خاصة باستعمال موقعها الاستراتيجي كبوابة عبور الى دول القارة السمراء كورقة رابحة لتنمية صادراتها والاستفادة من سوق واعدة قد تكون الحل الامثل للخروج من الوضع الحرج الذي طالت مدته منذ الثورة والى اليوم واختلفت الاراء حول سبل معالجته بينما بقيت الانجازات والإصلاحات رهينة قرار حاسم وسريع يقطع مع التردد ويبني لبلد يتطلع الى نمو اكثر جدية و مستقبل اكثر وضوحا وشفافية.