مرة عتبة الثمانية ملايين سائح والعائدات التي بلغت ما يزيد عن أربعة مليار دينار، بل أيضا على مستوى عدد الوافدين من دول شمال المتوسط الذي قارب عددهم المليونين ونصف المليون وافد. ولقد كان سياح أوروبا دوما الرئة الحقيقية التي يتنفس بها الاقتصاد الوطني نظرا لما ينفقه الوافدون من هذه الأسواق مباشرة داخل الدورة الاقتصادية خاصة في الصناعات التقليدية والرحلات المنظمة والمطاعم بأنواعها وغيرها من مصادر الإنفاق وإن لم تك بالأهمية والقدرة اللازمة.
الوافدون من عموم الأسواق الأوروبية شهد عددهم السنة الأخيرة ازديادا، قدر بـ 42 %، و29.1 % من إجمالي عدد السياح الوافدين، لكن هذا التطور لم يرتق بعد إلى نتائج 2010 والتي كان فيها السياح الأوروبيين يمثلون النسبة الأهم بأكثر من أربعة ملايين سائح، أي قبل ان تشهد الوجهة التونسية حدثين إرهابيين دمويين كان لهما الأثر البالغ على الأسواق في أوروبا التي تولي مسألة الأمن والسلامة لمواطنيها أهمية قصوى، لكن استطاعت البلاد أن تستجمع قواها وقدرتها على التصدي للإرهاب وقطع دابره بسرعة ليعود للوجهة صيتها في أوروبا، حيث تشير التوقعات لمتوفرة اليوم لدى منظمي الأسفار وأيضا لدى النزل في تونس إلى موسم سياحي استثنائي، وليس أدل على ذلك أن الحجوزات على جزيرة جربة تكاد تكون في أغلب النزل مكتملة إلى ما بعد موسم الذروة.
العودة الهامة للأسواق السياحية الأوروبية تدفعنا اليوم للحديث عن ثلاثة أو أربعة أسواق هامة كانت في ما قبل 2015 تمثل العمود الفقري للسياحة الأوروبية على الوجهة التونسية أولها السوق الفرنسية والتي كانت تصنف الأولى من حيث عدد الوافدين حيث كان عدد السياح الفرنسيين سنة 2010 يفوق المليون و300 ألف سائح، لكن مع حادثتي باردو ثم سوسة تقلصت السوق بشكل واضح إلى ما دون النصف لكنها اليوم عادت إلى سالف زخمها حيث سجلت العام الماضي أكثر من 780 ألف سائح ويتوقع أن يزيد عدد الوافدين منها عن المليون هذا الموسم وهذه التوقعات تأتي في ضوء ما سجل هذا العام.
السوق الثانية التي ينتظر أن تحقق نتائج مهمة هي السوق الألمانية حيث تميزت الموسم الماضي بزيادة كبيرة بنسبة 52 % مقارنة بعام 2017، أي أكثر من 275 ألف سائح، وهذا الانتعاش الجيد والذي لا يعكس واقع السوق الألمانية التي تعد الاولى في العالم من حيث تصدير السياح فأن المؤشرات تنبئ بتواصل التحسن حيث زادت الحجوزات على تونس أكثر من 30 %، مقارنة بعدد من الوجهات الاخرى التي لم تزد فيها الحجوزات عن 4 % من دون إغفال موسم أشهر الشتاء الخمسة والتي بلغت فيها الحجوزات حوالي 25 % من المشاركات السياحية. ويتوقع بالنسبة لموسم الصيف القادم زيادة 35 % مقارنة مع الصيف الماضي.
السوق الروسية هي الأخرى ينتظر أن تحقق هذه السنة قفزة مهمة وينتظر أن يزيد عدد وافديها رغم منافسة السوقين التركية والمصرية بنسبة لا تقل عن 17 %، لكن في ضوء هذا لا يمكن بالمرة إغفال النتائج المهمة لعدد من الأسواق الأوروبية الأخرى على غرار البلجيكية التي قارب عدد سياحها في الموسم المنقضي المائة ألف محققا زيادة بـ 5.93 % مقارنة بـ 2017 أيضا السوق السويسرية والتي زاد وافدوها بنسبة 1.33 % ثم الهولندية التي فاقت نسبة وافديها 103 % كالاسبانية التي تطورت هي الأخرى بنسبة 9.24 % .
عودة الأسواق الأوروبية إلى الوجهة التونسية هي من الأهمية بمكان لما تدره لخزينة الدولة من عائد في ضوء تراجع مستوى صرف الدينار وهو ما سيسمح في النهاية بتعديل الميزان التجاري لكن شريطة أن لا يتم «بيع» الوجهة بأسعار دون المأمول وحتى لا تبقى الوجهة التونسية في وضع لا يعكس منتوجها ولا حقيقتها في المتوسط.