العالم العربي» إنه دون أساس مستقر، حتى أفضل السياسات يمكن أن تتعثر. وستفتقر سياسة المالية العامة إلى المصداقية.
جاء في كلمة مديرة صندوق النقد الدولي أن بعض البلدان المستوردة للنفط، حققت تحسنا في نموها ، مؤكدة أنه دون مستويات ما قبل الأزمة العالمية مبينة أن عجز المالية العامة مازال كبيرا ، كما ارتفع الدين العام بسرعة – من 64% من إجمالي الناتج المحلي في 2008 إلى 85% من إجمالي الناتج المحلي بعد ذلك بعشر سنوات. ويتجاوز الدين العام حالياً 90% من إجمالي الناتج المحلي في حوالي نصف هذه البلدان.
وعن مصدري النفط لم يتعافوا بشكل كامل من صدمة أسعار النفط التي حدثت في 2014، وإن المستقبل غير مؤكد بشكل كبير على الرغم من النمو المتواضع.
وقالت لاغارد "بسبب تراجع العائدات لا ينخفض العجز المالي إلا ببطء، على الرغم من الإصلاحات المهمة في جانبي الإنفاق والدخل بما في ذلك تطبيق ضريبة القيمة المضافة وضرائب الإنتاج، وهذا أدى إلى زيادة كبيرة في الدين العام من 13% من إجمالي الناتج المحلي في 2013 إلى 33% في 2018".
واضافت في تفسيرها للوضع العالمي والاقليمي أن بلدان المنطقة لم تحقق بعد التعافي الكامل من الأزمة المالية العالمية وغيرها من الاضطرابات الاقتصادية الكبيرة التي سادت العقد الماضي.
وذكرت لاغارد بتوقعات الصندوق المتعلقة بنمو الاقتصاد العالمي الذي من المتوقع أن يحقق نمواً بمعدل 3.5% هذا العام، بانخفاض قدره 0.2 % عن توقعات سابقة. وتؤكد مديرة الصندوق أن المخاطر العالمية اصبحت اعلى اليوم وتتعلق اساسا بالتوترات التجارية وزيادة ضيق الأوضاع المالية. ولم تنف أن تتاثر بلدان المنطقة بالتراجع الذي قد يسجله العالم في تاثر بالتجارة وتحويلات العاملين وتدفقات رؤوس الأموال وأسعار المواد الأولية وظروف التمويل.
وشددت لاغارد على أن الاساس هو ارساء اطر مالية عامة سليمة من خلال القوانين والترتيبات المؤسسية التي من شانها أن تحقق هذه الاهداف التي تسمح بان تنجح الدول في التخطيط لميزانياتها على المدى المتوسط تعكس أهدافا واضحة. ومن مواطن الضعف التي تتحدث عنها لاغارد في هذا الصدد الرؤية قصيرة المدى ونقص المصداقية.
ولفتت لاغارد الى ان التركيز على الأفق قصير المدى يزيد من صعوبة تنفيذ الإصلاحات التي تتسم بالأهمية على غرار معالجة ارتفاع فاتورة أجور القطاع العام، وتصميم نظم فعالة للحماية الاجتماعية، والتخلص من الدعم الضار على أسعار الوقود.
وهنا أنتقل إلى مصداقية المالية العامة. وهنا أشير إلى عوامل مثل مبالغ الإنفاق الكبيرة التي لا تدرج في الميزانية وضعف إدارة المخاطر. وفي مختلف أنحاء هذه المنطقة، يشيع توجيه موارد الثروة السيادية لتمويل المشروعات بشكل مباشر، دون المرور على عملية الموازنة العادية. وهناك مؤسسات مملوكة للدولة في بعض البلدان لديها مستويات عالية من الاقتراض – خارج الميزانية أيضاً. وليس من شأن معالجة هذه المخاطر التي تواجه المالية العامة أن تعزز مصداقية الميزانية وشفافيتها فقط، بل أن تساعد على كبح الفساد أيضاً. كذلك فإن مصداقية الميزانية تدعو لتحسين إدارة المخاطر، مع وضع ميزانية أكثر شمولاً تقوم على تنبؤات واقعية.
والنبأ السار هنا هو أن العديد من البلدان بدأت بالفعل تعزيز أطر ماليتها العامة – وكثير منها يقوم بهذه المهمة بمساعدة الصندوق. وإليكم بعض الأمثلة:
في استعراضها لما حققته بعض الدول العربية من تعزيز اطر ماليتها العامة ثمنت لاغارد ما تقوم به عديد البلدان لم تكن تونس من بينها من مجهود في هذا الاطار فقد ذكرت ما تقوم به كل من المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة والسودان وقطر ولبنان جميعها بإنشاء وحدات للمالية العامة الكلية وهي خطوة أولى مفيدة في تعزيز إطار المالية العامة.
واعتمدت الجزائر مؤخراً قانوناً جديداً للميزانية يركز بقوة على المدى المتوسط، كما استحدثت البحرين برنامجاً للمالية العامة يهدف إلى تحقيق التوازن على المدى المتوسط.
وتحقق موريتانيا والمغرب والأردن ولبنان تقدماً كبيراً في التخطيط للاستثمارات العامة وتنفيذها على المدى المتوسط.
وتنشر مصر حالياً بياناً بالمخاطر على المالية العامة مرفقاً بميزانيتها، وتصدر أثناء السنة تقييماً داخلياً للمخاطر التي تتعرض لها الميزانية. وتعمل دولة الإمارات أيضاً على إطلاق مشروع لإدارة مخاطر المالية العامة – بمساعدة الصندوق – وستصدر هذا العام اختبارها الأول لقياس تحمل الضغوط على المالية العامة.
وفي حديثها عن الفساد قالت لاغارد إن الحوكمة الضعيفة والفساد يرتبطان بانخفاض كبير في النمو، والاستثمار، والاستثمار الأجنبي المباشر، والإيرادات الضريبية – ومستويات أعلى من عدم المساواة والإقصاء وهو عامل الإرباك الأكبر لسياسة المالية العامة
وللاصلاح تقول لاغارد إنه في ميدان المالية العامة، يتطلب الأمر زيادة شفافية المالية العامة بتسليط ضوء على كل جوانب الميزانية والحسابات العامة. ومن شأن هذا أن يقدم صورة أدق لمركز المالية العامة وآفاقها المتوقعة، والتكاليف والمزايا طويلة الأجل لأي تغييرات في السياسة القائمة، ومخاطر المالية العامة المحتملة التي قد تتسبب في انحراف المسار. وهناك مجال لتحسين هذا الجانب في هذه المنطقة.
واكدت أن النقد الدولي قام مؤخرا بزيادة انخراطه مع البلدان الأعضاء في مجال الحوكمة والفساد. ففي العام الماضي، تم وضع إطار جديد يقوم على المشاركة في جهود البلدان الأعضاء حول هذه القضايا بصورة أكثر منهجية ومساواة وفعالية وصراحة على أن يتواصل العمل على تنفيذ هذا الإطار.