نتائج تحقيقات حادثة تصادم السفينة «أوليس» التونسية مع القبرصية: ضابط قيادة «أوليس»انشغل كليا بإجراء مكالمات ومراسلات خاصة ولـم يقم بأي تحرك لمنع حادث التصادم..

بعد مضي ثلاثة أشهر عن حادثة اصطدام بين السفينة «أوليس» التابعة للشركة التونسية للملاحة

في رحلتها بين مينائي جنوة ورادس مع السفينة القبرصية « فرجينيا CSL»، نظمت وزارة النقل يوم أمس ندوة صحفية كشفت فيها عن مختلف حيثيات الحادثة ،مؤكدة أن التحقيقات الأولية خلصت إلى وجود خطأ بشري متمثل في سهو كل من ضابط قيادة سفينة «أوليس» وضابط قيادة سفينة «فريجينا» وانشغالهما بمكالمات هاتفية.
قال مدير عام الإدارة العامة للنقل البحري والموانئ البحرية التجارية يوسف بن رمضان أن عدم تفطن ضابط قيادة أوليس وحضوره الجسدي دون الذهني وإنشغاله بمكالمات هاتفية خاصة تسبب في إصطدام اوليس بالسفينة القبرصية فيرجينيا.وقد أوضح بن رمضان لدى تقديمه يوم أمس لملابسات الحادثة أن السفينة التونسية كانت تسير بسرعة 19 عقدة حين اصطدمت بالسفينة القبرصية التي كانت راسية على المخطاف على بعد 28 كلم شمال كاب كورس في مكان غير مستعمل عادة لإرساء السفن على المرساة ،مشيرا إلى أن إرساء فريجينا جاء بناء على طلب صاحب الشركة وليس بناء على قبطان السفينة الذي يفترض أن يكون صاحب قرار إختيار الموقع وليس صاحب السفينة.

تقصير طاقم القيادة «أوليس»
وبين بن رمضان أن الإخلال الرئيسي وراء التصادم هو أن المسؤول عن قيادة السفينة لم يقم بأي إجراء لتفادي الحادث رغم تفطنه للسفينة القبرصية على بعد ساعة تقريبا، حيث لم يقم بتغيير مسار السفينة أو التخفيض في سرعة السفينة ولم يتفطن إلى وجود السفينة «فيرجينيا» في مسار سفينة «أوليس» منذ ظهورها على شاشة الرادار على بعد 20 أو حتى على مسافة قريبة، مشيرا إلى أن الأسباب المؤكدة التي منعته من القيام بواجبه تعود إلى إنشغاله الكلي بهاتفه الجوال لأجراء مكالمات ومراسلات نصية خاصة وعدم تنبهه إلى إشارة الخطر المرئية التي ظهرت على شاشة الرادار.

تقصير طاقم القيادة «فريجينا»
في ما يتعلق بما وقع على مستوى طاقم قيادة السفينة القبرصية فقد ذكر مدير عام الإدارة العامة للنقل البحري والموانئ البحرية التجارية يوسف بن رمضان أن التحقيقات أثبتت عدم القيام بالخفارة كما هو منصوص عليه بالاتفاقيات الدولية ذات الصلة لاسيما منها الاتفاقية الدولية لمعايير التدريب والإجازة، الجزء الأول – الرابع المتعلق بالمبادئ المطلوب مراعاتها في الخفارة للملاحين الأمر الذي يثير الشك في وجود ضابط خفارة في وقت الحادث أصلا خاصة وانه لم يتم تشغيل الرادار أثناء إرساء السفينة ولم يتم الاتصال بالسفينة «أوليس» بالوسائل المتاحة لتفادي التصادم ممّا يدل على وجود تقصير بناءا على الفصل 5 من الاتفاقية الدولية لمنع التصادم بالبحر، ولفت بن رمضان إلى وجود تضارب بين إفادة ضابط القيادة والتسجيلات وذلك على اعتبار أن ضابط القيادة يدعي أنّه وجّه إنذارا لبرج المراقبة فور تفطنه لاقتراب الباخرة التونسية لكن التحقيقات أكّدت عدم صحّة ذلك بعد العودة إلى الاتصالات التي سجلها الرادار، متابعا أنّه لم يقم بأيّ تحرك لتجنّب الحادث حيث كان منشغلا بإجراء مكالمة هاتفية مباشرة قبل الحادث.
وأوضح أن الشركة القبرصية المالكة لسفينة «فرجينيا» قامت ببيعها في تركيا لفائدة شركة أخرى، وتم بالتالي تغيير علم التسجيل من علم قبرص إلى علم بنما.

كلفة تنظيف محيط السفينة أوليس قدر بـ 240 ألف دينار
تسببت حادثة الاصطدام في تهشم الواجهة الأمامية لسفينة «أوليس» التي تمتد على 190 متر وتحطم آلات المناورة الأمامية من اوناش ومكان سلاسل الإرساء على المخطاف إلى جانب تعطل آلة الدفع الأمامية الجانبية وقد أكد بن رمضان أن السفينة الآن يجري إصلاحها وقد تم تخصيص 10 مليون دينار من قبل شركات التأمين لإصلاحها وتمكينها من تجهيزات جديدة عوضا عن التي وقع إتلافها خلال الحادث مع العلم أنّ كلفة تنظيف محيط السفينة «أوليس» يقدر بـ 240 ألف دينار، وقد أكد المصدر ذاته أن «أوليس» تستأنف أواخر شهر جوان أو مطلع جويلية المقبل العمل.

اما على مستوى الأضرار التي لحقت بسفينة «فريجينا» والتي تمتد على 296 متر، فقد تم تسجيل ضرر على مستوى الجانب الأيمن للسفينة تمثل في شرخ طوله 10 أمتار على مستوى خزان الوقود الذي يحوي 600 طن مما تسبب في تسرب الوقود خارج السفينة وأحدث تلوثا بحريا وصلت آثاره إلى السواحل الفرنسية.

وأشار بن رمضان إلى أن الخسائر التي تكبدتها الشركة التونسية للملاحة تمثل في تجميد السفينة «أوليس» لمدة 9 أشهر على الأقل الأمر الذي دفع الشركة إلى كراء سفينة بكلفة تتجاوز 15 ألف يورو في اليوم الواحد إلى غاية أفريل المقبل قابلة للتجديد، كما ستخسر سفينة «أوليس» نحو 7 آلاف أورو في اليوم الواحد، كما ستتأثر الشركة خلال تجديد عقود التأمين سلبا بعد الحادثة وسيكون ذلك عبر الترفيع في قيمة التأمين الذي تدفعه الشركة التونسية للملاحة، فيما عدا ذلك فإن الشركة تعمل على حماية سمعتها تجاه حرفائها.

وأكد المدير العام للنقل البحري والموانئ البحرية التجارية بوزارة النقل أن العقود المبرمة مع شركات التأمين تنصّ على أن تتحمل هذه الأخيرة كلفة الأضرار التي تلحق بالسفن التونسية أوالاضرار التي تتسبب فيها للبضائع أو الأشخاص على متن السفن الأخرى مع العلم أن سفينة «فريجينا» غير حاملة لسلع أثناء حادث التصادم.
وكانت سفينة «أوليس» قد تعرضت إلى عقلة قبل أن تقدم شركات التأمين ضمانا بقيمة 13.5مليون أورو للمحاكم الفرنسية لرفع العقلة عن سفينة قرطاج وهو أقصى ما يمكن أن تطالب به السفينتان بحسب الاتفاقات الدولية، تابع أنه تم توفير مبلغ 11 مليون دولار من نوادي الحماية البحرية الدولية لتنظيف الشواطئ الفرنسية بعد تسرب كمية من النفط في سواحل جزيرة كورسيكا الفرنسية جرّاء الاصطدام، وإصلاح العطب بسفينة أوليس.

أما في ما يتعلق بالإجراءات، فقد تم إتخاذ أجراء جزائي حيث تم رفع دعوى ضد السفينة «اوليس» والسفينة «فيرجينيا» من طرف السلطة البحرية التونسية إلى السلطة القضائية المختصة طبقا لأحكام المجلة التأديبية والجزائية البحرية، كما تم تكليف مكتب محاماة تونسي للدفاع عن مصالح الشركة التونسية للملاحة في قضية التلوث البحري بالتنسيق مع شركات التامين ونادي الحماية وفقا للمصدر ذاته.

إعفاء ضباط..وإيقاف بحارة عن العمل
أما عن الإجراءات التأديبية، فقد تم اتخاذ إجراءات تأديبية ضد البحارة الثلاثة الذين نشروا الفيديو عبر شبكات التواصل الاجتماعي والذي أساء إلى سمعة الشركة لمدة تتراوح بين شهر وشهرين، كما تم إيقاف وإعفاء ضابطين واتخاذ العقوبات التأديبية والتحفظية ضد طاقم السفينة «أوليس» الذين ثبت تقصيرهم في أداء مهامهم ، حيث وقع إعفاء ضابطين عن العمل هذا إلى جانب تواصل التحقيق عند القضاء الذي قد ينتهي بفرض عقوبات على مختلف الأطراف الآنف ذكرها.

ولئن إستغرق التحقيق 3 أشهر لمعرفة حيثيات التصادم، فإن ذلك يعود حسب يوسف بن رمضان إلى أن إجراء التحقيق يتم على 3 مستويات، المستوى الدولي وهو تحقيق فني تفرضه منظمة البحرية الدولية، المستوى الثاني على اعتبار أن الحادث وقع خارج المياه الإقليمية وحدوثه في المياه الدولية وبالتالي التنسيق بين مختلف الأطراف المتدخلة، المستوى الثالث يحدث على مستوى وزارة النقل.

وقال بن رمضان انه على إثر إنتهاء التحقيق بين مختلف الأطراف، يقع رفع التقرير إلى المنظمة البحرية الدولية لأخذ التوصيات اللازمة وتحيين بعض القوانين وقد تم إصدار حزمة من التوصيات تتمثل أساسا في مراجعة إجراءات نظام التصرف في السلامة على مستوى الشركة التونسية للملاحة وتدعيم فريق طاقم قيادة السفينة، كما أوصى الخبراء بضرورة منع استعمال الهاتف الجوال أثناء قيادة السفينة، كما لا بد من مراعاة عمل ظروف البحارة وعدم إجبارهم على البقاء لمدة طويلة على متن السفينة وتمكينهم من فترات راحة مبينا أن 80 % من حوادث الملاحة البحرية تعود إلى العنصر البشري، أما لنقص في الكفاءة أو لظروف عمل غير لائقة ولفت المتحدث ذاته إلى أن الفترة التي أمضاها ضابط القيادة على متن «أوليس» وصلت 5 أشهر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115