من إجراءات جبائية ليكون قانونا جبائيا بامتياز اثر في أسعار اغلب المواد التي أثّرت على القدرة الشرائية للتونسي وتتالت الأحداث التي ارتبطت بما سبق حيث تعد السنة سنة الأرقام القياسية على مستوى العجز التجاري ونسبة التضخم والعجز الجاري بالإضافة إلى تعرض تونس الى ما يسمى بصدمة النفط الناجمة عن ارتفاع الأسعار العالمية وغيرها من المؤشرات الأخرى كما كانت سنة 2018 سنة الانطلاق في الإصلاحات الكبرى.
كان النسق التصاعدي للتضخم من الملاحظات الابرز للعام حيث انطلقت الاسعار في الارتفاع منذ شهر جانفي ليرتفع بذلك التضخم من 6.9 % خلال شهر جانفي 2018 إلى 7.8 % خلال شهر جوان وتلاه استقرار عند 7.5 % في جويلية وأوت ليستقر في الأشهر الثلاثة الأخيرة في حدود 7.4 % الناتج عن ارتفاع في أسعار مختلف المجموعات المعتمدة في احتساب التضخم وكان ارتفاع التضخم دافعا لتدخل البنك المركزي للتّرفيع في نسبة الفائدة تحسبا من ان تواصل الضغوط التضخمية نسقها التصاعدي نظرا للتطورات المنتظرة آنذاك لجملة من المؤشرات الظرفية الإستباقية وبالأساس الإرتفاع المتوقع للأسعار العالمية للمواد الأساسية وخاصة منها الطاقة. فقد قام البنك المركزي التونسي في شهر مارس بالتّرفيع في سعر نسبة الفائدة المديرية بـ75 نقطة أساسية دفعة واحدة، لتنتقل من 5 % إلى 5.75 ليقوم للمرّة الثانية خلال النصف الأوّل من سنة 2018، بالتّرفيع في نسبة الفائدة بـ100 نقطة أساسيّة، لتنتقل النسبة من 5.75 % إلى 6.75 %.
التضخم لم يكن المؤشر الوحيد الذي بلغ مستويات قياسية فالميزان التجاري أيضا اخذ منحى تصاعديا رغم كل الإجراءات التي تم اتخاذها للحد من اتساعه، فقد بلغ في الشهر الماضي 17.3 مليار دينار وهو ما أثار قلق البنك المركزي باعتبار تأثر ميزان المدفوعات الجارية بهذا الارتفاع ليبلغ 9.2 % من الناتج المحلي الإجمالي وذلك على الرغم من تحسن بقية عناصره. كما تفاقم العجز الجاري موفى نوفمبر 2018 ليصل إلى 10.7 مليار دينار، أي ما يعادل 10.1 بالمائة من الناتج الداخلي الخام مقابل 9.2 مليار دينار موفى نوفمبر 2017، رغم التحسّن الملموس في ميزان الخدمات وفق ما ورد بتقرير البنك المركزي التونسي حول التطوّر الإقتصادي والنقدي لشهر ديسمبر 2018.
ظروف عالمية غير مساعدة
لم تكن الظروف العالمية مساعدة أيضا حيث أثر ارتفاع سعر البرميل الذي تجاوز في بعض المراحل عتبة الــ80 دولار فيما انبنت ميزانية 2018 على فرضية 54 دولار على فاتورة دعم المحروقات الظروف العالمية أيضا كانت سلبية من جهة الترقيم السيادي لتونس فقد حافظت تونس، وفق آخر تصنيف لـ«موديز» على تصنيف «ب2» مع أفاق سلبية كما قامت وكالة التصنيف الياباني واستثمار المعلومات (R & I) بتخفيض تصنيف تونس إلى BB مع آفاق سلبية وأشار التقرير إلى أن تغيير توقعات الوكالة إلى سلبية مبني على تشكيك في تأخر التحكم في عجز الميزانية الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع المديونية. وقامت وكالة فيتش رايتنغ بتثبيت توقعاتها حول التصنيف الائتماني طويل الأمد لتونس من مستقر إلى سلبي B+.
كما أن وضع احتياطي البلاد من العملة الصعبة دون 80 يوم توريد منذ أشهر والعملة المحلية في انزلاق مستمر وقد أثار الوضع في بعض المراحل من العام مخاوف من عدم توفر الأدوية خاصة وان الاحتياطي من العملة الصعبة يكون عادة لتامين واردات ثلاثة أشهر من الدواء والغذاء والطاقة.
الدينار أيضا لم يتعاف هذا العام وظل في منحى تنازلي أمام العملات الرئيسية (الدولار والاورو) وتجاوز في نهاية السنة 3.4 دينار مقابل اليورو و3 دينار للدولار الواحد.
نقطة ضوء
كل هذه الصورة القاتمة لاتخفي بعض النقاط الايجابية التي تعلقت اساسا بالدعم الذي تلقاه الاقتصاد الوطني من قطاعين هما السياحة والفلاحة فقد سجل القطاع السياحي انتعاشة هذا العام تتمثل اساسا في بداية عودة الاسواق التقليدية.
بلغت عائدات القطاع السياحي منذ بداية السنة الى غاية شهر نوفمبر المنقضي 3.7 مليار دينار، وفقاً للمؤشرات النقدية والمالية اليومية للبنك المركزي التونسي. لكن في التطورات الاقتصادية والنقدية للبنك المركزي اظهرت تراجعا في حجم العائدات بالاورو حيث بلغت العائدات في نوفمبر 2018 بـ70 مليون اورو مقابل 73 مليون اورو العام الفارط، في تاثر واضح بالانزلاق الذي يشهده الدينار التونسي، كما كانت صادرات زيت الزيتون دافعا للابقاء على التحسن الطفيف في الصادرات وقد اكدت مجمل المؤسسات المالية الدولية على ان الاقتصاد التونسي حقق نموه نتيجة قطاعي الزراعة والسياحة.
أما على مستوى العجز في الميزانية فانه ولأول مرة منذ سنوات يتم تحقيق التوقعات التي تضمنها قانون المالية بعجز كان مقدرا بـ4.9 %.
وبناءا على كل التطورات فقد أفرزت نتائج النمو الاقتصادي للثلاثية الثالثة للعام الجاري نموا بـ 2.6 % بحساب الانزلاق السنوي وهي وان كانت نسبة أفضل مما تم تحقيقه في السنوات القليلة الماضية إلا أنها غير كافية لاستيعاب الأعداد الهائلة من العاطلين عن العمل إذ تقدر نسبة البطالة بـ 15.5 %.
سنة 2018 كانت ايضا بداية الاصلاحات الكبرى التي لم تكن محل إجماع فالندوة الوطنية حول الإصلاحات الكبرى شهدت تغيب الاتحاد العام التونسي للشغل وهي محل انتقاد من عديد الاطراف