على افتتاح الندوة الوطنية حول التوجّهات الاقتصادية والاجتماعية لمشروع قانون المالية لسنة 2019 تحت عنوان : «دفع النمو / الإدماج الاجتماعي والجهوي». وأكد رئيس الحكومة في كلمته الافتتاحيّة أن الحكومة أعطت توجيهات واضحة حتى لا يتضمّن قانون المالية 2019 ضرائب جديدة على المؤسّسات والأفراد ودعا إلى ضرورة تخفيف العبء الجبائي على المؤسّسات وتمكينها من المزيد من الاستثمار وذلك للحدّ من ظاهرة الاقتصاد الموازي وتوفير سيولة للدولة وتحسين استخلاص الموارد الجبائيّة.
من أهم الإجراءات والتوجهات الكبرى لمشروع قانون المالية لسنة 2019 تخفيف العبء الجبائي على المؤسسة لتمكينها من المزيد من الاستثمار ومعالجة مشكلة الديون الجبائية المتراكمة من سنوات. ومواصلة التشجيع على إحداث مؤسسات وإحداث مواطن شغل ومراجعة نسب الضريبة على الشركات. والعمل على خط تمويل ميسر لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة. وتطوير الاستثمار العمومي بدعم مشاريع الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص. وإعطاء دفعة جديدة لقطاع التجارة الالكترونية من خلال نظام جبائي خاص تفاضلي. ومضاعفة الاعتمادات المخصصة لبرنامج التنمية الجهوية PRD.
وتركيز بنك الجهات. والتّرفيع في الاعتمادات المخصصة لصندوق التشغيل لسنة 2019 بـ 150 مليون دينار. وتخصيص مبلغ 50 مليون دينار لتوفير التمويل الذاتي لبعث المشاريع الخاصة للشباب. واتخاذ الإجراءات الضرورية من أجل تمكين المواطن من شراء سيارة شعبية بسعر أقل من 20 ألف دينار. ونبّه رئيس الحكومة إلى ضرورة إيجاد حلول سريعة لمسألة العجز الطاقي وخاصة إلى تراجع قطاع المحروقات بعد ارتفاع أسعار البترول والذي انعكس سلبا على ميزانية الدولة.
فرضيات مشروع قانون المالية
قال توفيق الراجحي وزير الإصلاحات الكبرى إن مشروع قانون المالية 2019، يتضمن محاور عديدة أهمها دفع النمو والتنمية وهي إجراءات للمؤسسات الكبرى والمتوسطة والصغرى وهي إجراءات جبائية خفيفة ومعالجة لعديد المسائل مثل الترفيع في نسبة الفائدة إذ سيتم تخصيص صندوق يعمل على دعم المؤسسات والاستثمار وهناك اجراءات لدفع الاندماج الاجتماعي والجهوي عبر الترفيع في عد يد المنح على غرار زيا ة ب 150 مليون دينار في صندوق التشغيل ليمكن الحكومة من سياسات نشيطة بالنسبة للشباب وحاملي الشهادات العليا من العاطلين عن العمل، كما أضاف انه ستكون هناك عديد البرامج التي تتوجه الى هذه الفئات ودائما في الجانب الاجتماعي يؤكد المتحدث أنه سيتم التّرفيع في منحة العائلات المعوزة وإدماج 35 الف العائلات المعوزة في المنظومة.
إجراءات أخرى تحدث عنها الراجحي ستكون مضمنة في مشروع قانون المالية تهم أساسا التهرب الجبائي وخصوصا الإجراءات التي تهم التقليص من استعمال النقد، أما عن الفرضيات التي تم تضمينها المشروع فهي تقوم على تقليص العجز إلى 3.9 % والمديونية بـ 70.5 % ونسبة نمو بـ 3.5 % اما عن سعر البرميل فقد أكّد الراجحي أن سعر البرميل حاليا يساوي 76 دولار مشيرا إلى وجود توقعات على مستوى المبيعات الآجلة بان يظل في 70 دولار وسيكون حجم الميزانية في حدود 40٫5 الف مليون دينار.
بعث الصندوق التونسي للاستثمار
من جهته صرح زياد العذاري وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي لـ«المغرب» أنه سيتم دعم الاستثمارات العمومية بمضاعفة الاعتمادات المخصصة للبرنامج الجهوي للتنمية ودعم بـ 50 مليون دينار لبرامج المبادرة الخاصة عن طريق تحمل الدولة لكلفة التمويل الذاتي لتشجيع الشبان على الاقبال لبعث المشاريع. هناك ايضا اجراءات لدفع الاستثمار من خلال التمديد في عديد الحوافز المالية والجبائية للمؤسسات من اجل إعطاء فترة إضافية للانتفاع بهذه الإجراءات باعتبار ان الاستثمارات تأخذ اكثر وقت مما كان مبرمجا وحتى لا يتم حرمانها من هذه الحوافز. سيتم ايضا بعث الصندوق التونسي للاستثمار لتمويل المشاريع واعطاء دفع للاستثمار الخاص للقطاعات ذات الاولوية واعطاء خطوط تمويل بشروط تفاضلية لتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطية لإعطائها فرصة للنفاذ الى التمويل بالنسبة الى المؤسسات التي تعاني صعوبات.
من جهته أكد وزير التجارة عمر الباهي على ان مراجعة منظومة الدعم لا تعني التخلي عنها بل سيتم إصلاحها بالمرور من دعم المواد الى دعم المداخيل مشيرا إلى أن الفوارق بين المواد المدعمة وغير المدعمة على مستوى الأسعار متباينة على غرار الزيت وهو ما يفتح باب التلاعب، ومن بين الإصلاحات التي سيتم اعتمادها إعطاء تحويلات مالية للفئات المستحقة التي تطالب بالدعم و سيتم التدرج على مستوى الإصلاح على سنوات.
أما بخصوص ترشيد الواردات فقال الباهي انه توجد الآن دراسة مع البنك المركزي ووزار ة المالية قيد الإعداد، مبينا ان ترشيد الواردات سيهم أيضا المواد الصناعية أيضا قائلا انه من غير المعقول أن يقوم الموردون بإحداث مخزونات بتوريد حصص كبيرة.
تواصل النسق الإصلاحي في مجال الاجتماعي
وفي ما يتعلق بالإجراءات الاجتماعية والإحاطة بالفئات الضعيفة ومحدودة الدخل، قال وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي في تصريح لـ«المغرب» أن قانون المالية للعام المقبل سيواصل النسق الإصلاحي في المجال الاجتماعي ومن بينها صناديق الضمان الاجتماعي، حيث تم إعداد مشروع قانون لإصلاح الصناديق الاجتماعية تمت إحالته على مجلس النواب ويتضمن المشروع الإصلاحي مراجعة لسن التقاعد ومراجعة نسبة الاشتراكات وتنويع مصادر التمويل والحوكمة وترشيد الموارد المالية للصناديق.
كما ستواصل الدولة التزامها بدعم صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية حتى يستطيع أن يحدث التوازن المالي ويتمكن من مواصلة صرف جرايات المتقاعدين بانتظام وبدون نقصان.
كما سيتم توسيع قائمة المنتفعين بمنح العائلات المعوزة وإلغاء نظام الحصص بكل ولاية، حيث سيتم تقديم المنح للعائلات التي هي في حاجة إلى الدعم متى توفرت شروط العائلة المعوزة مع العلم ان العائلات المعوزة اليوم وصل عددها إلى 285 ألف عائلة.
وأضاف الطرابلسي أنه ولأول مرة في تونس ,فقد تم إقرار إجراء يتعلق بالجرايات الضعيفة للمتقاعدين والتي تصل في بعض الحالات إلى 100 دينار ،حيث سيتم تضمين في قانون المالية المقبل إجراء يسمى بالجراية الدنيا يمنع صرف أية جراية تقل عن الجراية أو المنحة التي تصرف لفائدة العائلات المعوزة والمقدرة ب180 دينار. كما ستكون هناك لفتة لمراكز التربية المختصة وبالتحديد أطفال التوحد ومحو الأمية و ذوي الاحتياجات الخصوصية.
مواصلة القطاع الخاص لدوره في سبيل خروج البلاد من الأزمة
من جانبه إقترح رئيس الاتحاد الوطني للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول تضمين قانون المالية لسنة 2019 عددا من المحاور التي تضمن إنقاذ الاقتصاد الوطني وترتبط هذه المحاور بتخفيف الضغط الجبائي على المؤسسة الاقتصادية وتشجيع الادخار والتصدير وبعث مواطن شغل جديدة والتصدي الحقيقي للاقتصاد الموازي وتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة وإعادة هيكلة المؤسسات، بالإضافة إلى تخفيف وترشيد النفقات العمومية وإعادة النظر في جباية بعض القطاعات التي تضررت بشكل فادح بسبب قوانين المالية السابقة.
واعتبر ماجول خلال حضوره الندوة الوطنية حول التوجهات الاقتصادية والاجتماعية لمشروع قانون المالية لسنة 2019 إن الإجراءات التي تم إدراجها في قوانين المالية لسنتي 2017 و 2018وجهت ضربات موجعة للمؤسسات الاقتصادية وللقطاع المنظم مشيرا إلى «أن بعض الأحكام كانت مسقطة وقد تم إقرارها تحت جناح الظلام، وكانت مخالفة للمشاورات التي أجرتها منظمة الأعراف مع الحكومة....وهو أمر لم نعد نقبل به».
هذا ودعت المنظمة إلى ضرورة التعجيل في معالجة قضايا تمويل المشاريع و خاصة للباعثين الجدد وأساسا في الجهات الداخلية وإتخاذ قرارات جريئة تسمح بالحد من مستوى البطالة .
وتتطلع منظمة الأعراف إلى إعادة هيكلة المؤسسات التي تعاني صعوبات حتى تستعيد أهميتها في النسيج الاقتصادي لاسيما وأن عددا مهما منها على حافة الإفلاس وتقترح المنظمة أيضا إيجاد آليات تؤمن النهوض بالمهن والحرف والصناعات التقليدية التي أصبح الإفلاس يهدد أصحابها.
سمير ماجول طالب أيضا أن يتضمن قانون المالية خطة وطنية واضحة للتصدي للتهريب والاقتصاد الموازي الذي طال جل القطاعات وتسبب في إغلاق عديد المؤسسات وفي خسائر فادحة لخزينة الدولة, كما مثلت مسألة الدعم وترشيده وتوجيهه نحو مستحقيه من الفئات الهشة مطلبا ضمن لائحة المطالب التي طرحتها منظمة الأعراف ، بالإضافة إلى معالجة واقع الصناديق الاجتماعية لتكون قادرة على الإيفاء بإلتزاماتها إزاء منخر طيها الذين بلغوا سن التقاعد وتقديم خدمات أرقى للمضمونين وان لا تكون عبئا على الدولة.
ودعا ماجول في كلمته مجلس نواب الشعب إلى إيجاد آلية خاصة تمكن من الإسراع في النظر في مشاريع القوانين ذات الطابع الاقتصادي و العاجل.
واختتم ماجول كلمته متمنيا أن تسهم الندوة في صياغة رؤية واضحة لقانون المالية لسنة 2019 و أن تكون مقدمة لاتخاذ إجراءات و قرارات شجاعة يمليها الظرف الذي تمر به تونس مؤكدا أن القطاع الخاص سيواصل القيام بدوره في سبيل خروج البلاد من الأزمة.
إدراج الإصلاحات الكبرى في إطار مقاربة تشاركية
كما أبدت منظمة الفلاحين خلال الندوة الوطنية بمقترحاتها حول التوجهات الاقتصادية والاجتماعية لمشروع قانون المالية لسنة 2019، حيث أكد رئيس الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري عبد المجيد الزار أنه لا يمكن الحديث عن انتقال اقتصادي حقيقي ما لم يتم مراجعة بنية الاقتصاد الوطني وإعادة ترتيب أولوياته بشكل يجعل من قطاع الفلاحة والصيد
البحري ركيزته الأساسية ،الأمر الذي يتطلب التركيز على دعم الإنتاج قبل الاستهلاك والتصدير والتوريد ودعم المؤسسات العمومية ذات الصلة الوثيقة بحياة المواطنين على غرار الصحة والتعليم والنقل.
وفي ما يتعلق بالمقترحات المتعلقة بقانون المالية ل2019 ،فقد أكد الزار ضرورة إدراج الإصلاحات الكبرى في إطار مقاربة تشاركية تشارك فيها مختلف الأطراف الفاعلة بما يساعد على إرساء دعائم منوال تنموي جديد قادر على رفع التحديات القائمة وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية.
ودعا الزار إلى ضرورة اعتماد مقاربة جديدة لدعم جهاز الإنتاج مباشرة وإيصال الدعم إلى مستحقيه كما طالب بضرورة دعم التصدير والإسراع بحل معضلة المديونية بصورة عملية وجذرية والابتعاد عن الحلول الترقيعية وذلك عبر إقرار إعفاء الفلاحين من الديون التي تقل قيمتها عن 10 الاف دينار من حيث الأصل وطرح جميع فوائض التأخير والفوائض التعاقدية وجدولة أصل الديون التي تفوق قيمتها 10 آلاف دينار من حيث الأصل.
وأمام تأثيرات التغيرات المناخية وتداعيات الكوارث الطبيعية على القطاع الفلاحي وما يمكن أن تخلفه من أضرار فادحة يتكبدها الفلاح، فقد طالب رئيس منظمة الفلاحين بالإسراع في تطبيق آليات صندوق الجوائح الطبيعية وإصدار الأوامر الحكومية التي تحدد مفهوم هذا الصندوق وطرق التسيير والتصرف المتعلقة به.
وأمام ما يعانيه الفلاحون والبحارة من ارتفاع مهول في كلفة الإنتاج ،فقد دعا الزار الحكومة إلى الترفيع في منحة المحروقات وإعفاء الفلاحين من الأداء على القيمة المضافة في عديد القطاعات منها عقود التامين والمواد العلفية واستهلاك الكهرباء.
أما على مستوى الاستثمار, فإن المنظمة تقترح إرساء سياسة واضحة للاستثمار الفلاحي تنبني على مراجعة الإطار المؤسساتي وتبسيط الإجراءات الإدارية وضمان الشفافية والتقليص في الآجال وتوفير خطوط التمويل اللازمة مشيرة إلى أن دفع الاستثمار في قطاع الفلاحة والصيد البحري ونجاحه لا يمكن أن يتحقق إلا بإصلاح منظومة الإرشاد والتكوين ، الأمر الذي يحتم الإسراع بتفعيل قرار اللجنة المشتركة 5+5 المتعلق بإرساء برنامج نموذجي للإرشاد تكون المهنة طرفا محوريا فيه ورصد الاعتمادات المالية الضرورية لتنفيذه .
كما ترى المنظمة أيضا وجوبية تضمين آليات فعلية لمقاومة التوريد العشوائي والقضاء على التهريب في قانون المالية للعام المقبل وبعث صندوق للصحة الحيوانية .
تغطية شراز الرحالي وأحلام الباشا