عن تأثير انهيار الليرة التركية على المبادلات التجارية مع تونس: التراجع سيعطي أفضلية للصادرات التركية في السوق التونسية... والعجز التجاري سيتفاقم

لم تهنأ الليرة التركية بموجة الاستقرار التي شهدتها خلال الأيام الأخيرة ,حيث عاودت العملة التركية

الانزلاق أمام الدولار يوم أمس بنسبة 1.1 %, حيث نزلت الليرة 1.1 % إلى 6.1000 مقابل الدولار بعد إغلاقها عند 6.0330 ليرة وكانت العملة قد انخفضت بنسبة 38 % هذا العام متأثرة بأزمة العلاقات الأمريكية التركية.

فتح تقهقر قيمة الليرة التركية إزاء الدولار الذي كان يعادل ثلاث ليرات، ثم أربع ليرات، ثم خمس، قبل أن يصل مستوى ست ليرات، الباب على مصراعيه أمام التساؤل عن مصير التعاملات التجارية لأنقرة مع العديد من الدول،على غرار تونس التي تسجل معها عجزا تجاريا كبيرا .

قد يكون التراجع الذي عرفته العملة التركية خلال الأسابيع الأخيرة تحت تأثير الأزمة الدبلوماسية بين واشنطن وأنقرة أزمة ظرفية لن تحدث أثرا كبيرا في المبادلات التجارية مع تونس ولكن في حال تواصل انهيار قيمة الليرة التركية أمام الدولار فإن العجز التجاري مع تركيا سيتفاقم بفضل ارتفاع حجم الواردات التونسية ذات المنشأ التركي باعتبار أن السلع التركية ستكون أكثر تنافسية مع تراجع قيمة الليرة حسب ما أكده الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي لـ«المغرب», مشيرا إلى أن تراجع الليرة التركية سيعطي في الأمد القريب جدا أفضلية للصادرات التركية في السوق التونسية.

وفسر الشكندالي أن حجم وارداتنا من تركيا اكبر من صادراتنا, وأمام تراجع قيمة العملة التركية فإن كلفة الصادرات تصبح أقل وهوما من شأنه أن يجعل من تنافسية الاقتصاد التركي مرتفعة على مستوى الاقتصاد العالمي و هو ما قد يسمح للمنتجات التركية برفع تنافسيتها في السوق التونسية بفعل انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار لاسيما فيما يتعلق بواردات الألبسة الجاهزة .

وبين المتحدث أن انخفاض قيمة السلع التركية سيحفز تونس على استيراد السلع التركية بإعتبار تكلفتها الزهيدة وبالتالي فإن تونس ستضاعف حجم واردتها من تركيا في حال ثبوت تميزها في جانب التكلفة مع نظرائها من الدول مما يعني أن العجز التجاري سيتفاقم مع تركيا غير أن تراجع قيمة الليرة التركية لن يحدث أثرا على حجم صادراتنا ,فقد يؤدي التراجع إلى جعل صادراتنا أغلى في السوق التركية.

وشهدت المبادلات التجارية التونسية مع تركيا عجزا بنسبة 19 %, وقد بلغ عجز الميزان التجاري نحو 10 مليار دينار خلال الأشهر السبعة الماضية مقابل 8.17 مليار دينار خلال السداسي الأول من العام الجاري والعجز المسجل ناتج دائما عن العجز المسجل مع بعض البلدان كالصين الشعبية بـ3.05 مليار دينار وإيطاليا 1.6 مليار دينار وتركيا 1.2 مليار دينار .
وبالنسبة لما يحدث بين تركيا وأمريكا ,قال الشكندالي إن مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى إلى دفع المستثمرين الأجانب إلى الخروج من تركيا, مما من شأنه أن يقلص من حجم المبالغ من العملة الأجنبية, الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع قيمة الدولار أمام الليرة ويتسبب في انخفاضها, على إعتبار أن خروج المستثمرين يعني خروج العملة الصعبة معهم وكنتيجة لذلك تتأثر العملة التركية سلبا.

سلاح المقايضة سيضعف الدولار
أما عن الجانب التركي, فقد تحدث مصدرنا عن سياسة دونالد ترمب المستفزة ولدت حالة من التضامن مع تركيا حيث أعربت ألمانيا، وهي أكبر شركاء تركيا، عن استيائها من سياسة الرئيس ترمب منددة بـ«استفزازاته في مجال التجارة العالمية» وعرج الشكندالي على عزم تركيا استعمال سلاح المقايضة في المعاملات التجارية وذلك عبر إمضاء معاهدات مع كل من روسيا والصين والهند يتم من خلالها التعامل بالمقايضة أي التبادل يكون عن طريق السلع دون عملة بعد تحديد قيمة السلع فيما بينها وتمكن عملية المقايضة من التقليص في قيمة الدولار على إعتبار أن قيمة العملة في حجم تداولها وفي حال تم التخفيض من حجم تداول الدولار فإن قيمة اليورو سترتفع أمام الدولار والليرة التركية ستستعيد عافيتها تباعا.

الرسوم الجمركية والمعاملة بالمثل
يذكران ترمب كان قد إتخذ إجراء ضد صادرات الصلب والألمونيوم التركية إلى الولايات المتحدة يتمثل في مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم وكرد على هذه الخطوة أعلنت تركيا زيادة في الرسوم الجمركية على عدد من المنتجات المستوردة من الولايات المتحدة,حيث أصبحت الرسوم المفروضة على عدد كبير من المنتجات مثل السيارات السياحية التي باتت رسوم استيرادها تبلغ 120 في المائة، وبعض المشروبات الكحولية (140 % ) والتبغ (60 % ) والأرز وبعض مساحيق التجميل.
وذكرت وكالة الأنباء الحكومية (الأناضول)، أن الرسوم الجديدة تعادل ضعف الرسوم التي كانت مفروضة في الأساس.ويأتي قرار ترامب بسبب اعتقال تركيا قساً أميركياً منذ عام ونصف العام ترفض تسليمه وهوما أدى إلى تدهور العلاقات بين أنقرة وواشنطن.ورفضت محكمة تركية الأربعاء طلباً جديداً للإفراج عن القس الأميركي، فقد قررت محكمة مدينة إزمير رفض الطلب مؤكدة أن برنسون سيبقى قيد الإقامة الجبرية، حسب رواية الأناضول.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115