بين روسيا وفرنسا وتركيا وألمانيا في سبتمبر القادم ، لتعيد طرح التساؤلات حول مآل التسوية السياسية في بلد لا يزال اهله يدفعون غاليا من ارواحهم ودمائهم ثمن اعنف حرب في المنطقة متواصلة منذ اكثر من ثماني سنوات .. وذكرت الخارجية الروسية امس ان لافروف سيبحث خططا لقمة رباعية عن سوريا تشمل قادة فرنسا وتركيا وألمانيا خلال زيارته الحالية لأنقرة ..
وتزامنت المبادرة الروسية مع اعلان الرئيس التركي اردوغان امس عن استعداد بلاده الى اقامة المزيد من المناطق الآمنة في سوريا. وقال الرئيس التركي إن ربع مليون شخص عادوا بالفعل إلى مناطق «محررة» في سوريا. ويشمل اتفاق المناطق الآمنة الموقع بين إيران وتركيا 4 مناطق، هي محافظة إدلب والأجزاء المتاخمة لها من اللاذقية وحلب وحماة، وتنص مذكرة الاتفاق الروسية على وقف الجيش السوري وفصائل المعارضة كل الاشتباكات بما فيها الضربات الجوية.
لقد تعددت المبادرات والقمم بشأن سوريا ، من مؤتمر جنيف بنسخها المتعددة الى مباحثات الاستانا وما تلاها من التوافق على آليات وأطر جديدة لتسويات محلية على غرار ايجاد « المناطق الآمنة» وغيرها ..وتزامن هذه التسويات غير النهائية مع تواصل المعارك على الارض ، وتمكن خلالها الجيش السوري من استرجاع عديد المناطق من الجماعات المقاتلة المعارضة سواء المعتدلة او المتشددة والتكفيرية..وفيما يستعد النظام السوري اليوم لاسترجاع جبل التركمان ..
والجدير بالذكر ان معركة الجنوب السوري مثلت بدلالاتها تحولا عميقا واستراتيجيا في الازمة السورية وجعلت موازين القوى تعود لصالح دمشق وحلفائها الروس والايرانيين..
واقع سوري جديد
في هذا السياق يعتبر المحلل والكاتب الاردني زيد نواصية ان التطورات الميدانية فرضت ايقاعا جديدا على الازمة السورية التي دخلت عامها الثامن؛ ويضيف بالقول :» ان سيطرة جيش الدولة السورية على مزيد من الجغرافيا السورية وعودة سيطرته على معظم المدن باستثناء مدينة ادلب وريفها التي تحولت لمستوعب للمعارضات السورية على تناقضها واختلاف مرجعياتها السياسية إقليميا ودوليا -وهو الامر الذي تمظهر في تخلي الكثير من الرعاة الذين تكفلوا بالدعم المالي والعسكري والسياسي- ، كل ذلك فرض واقعا جديدا على المعارضة التي تبدو اليوم مكشوفة وتقر بفشل مشروعها في سوريا».
اما بشأن دعوة روسيا الى عقد قمة جديدة حول سوريا اجاب بالقول :«روسيا اليوم هي اللاعب الأقوى في سوريا ومن الواضح ان قمة هلسنكي بين ترامب وبوتين أسست لمقاربة أمريكية مختلفة حول سوريا ، ابرز ملامحها هو الإقرار ببقاء الرئيس بشار الأسد وبقاء هيكلية الدولة وربما ان هذا يعني ضمنيا تراجع مبادرة جنيف لصالح توافقات استانا ولقاءات سوتشي التي نجحت موسكو فيها في جمع المعارضات السورية ، وبتوافق مع المبعوث الاممي ديمستورا في الذهاب لخيارات التعديلات الدستورية بوجود كافة المكونات السياسية السورية وهي بذلك تسقط خيار التقسيم وتركز على ان اي حل سياسي ييجب ان ضمن بقاء سوريا دولة موحده».
واعتبر محدثنا ان القمة الرباعية التي قد تعقد في سبتمبر بالرغم من الازمة الاقتصادية التركية تلقي بظلالها على طبيعة الموقف التركي الذي يمر بأخطر مرحله منذ صعود حزب العدالة والتنمية لحلبة المشهد السياسي التركي، لذلك تستعجل روسيا والرئيس الأسد حسم مسألة ادلب وهي المعضلة الأخيرة بعد هزيمة داعش الارهابي في حوض اليرموك ومطاردته في البادية السورية، اذ تسعى روسيا لإقناع تركيا بالتأثير على حلفائها من المعارضة بالخيارات السلمية والانخراط في الحل السياسي تلافيا لاستخدام الحل العسكري والذي يبدو انه لصالح الجيش السوري .
ويضيف محدثنا :» تركيا في ازمة حقيقية وليست في وارد الدخول في معركة جديدة». اما فيما يتعلق بنتائج اللقاء الرباعي وهل سيلقى نفس مصير جنيف واستانا؛ اجاب بالقول :»اعتقد ان استانا انجز مهامه وهو نجاح مناطق خفض التصعيد باستثناء ادلب حتى اللحظة ولكن المهم هنا تطوير سوتشي وهو ما تريده موسكو ، واللقاء الرباعي عنوانه إعادة الاعمار» ..
مرحلة المساومات بين موسكو وواشنطن
هل الدخول في تفاهمات جديدة .. يعني قرب انتهاء الازمة ..يجيب المحلل والكاتب السياسي الاردني انه بالمعنى الاستراتيجي يمكن القول ان الازمة السورية تضع اوزارها واننا دخلنا في مرحلة المساومات بين موسكو وواشنطن فلم يعد مهما رأي الأطراف التي مارست دور الوكيل عن الولايات المتحدة، العقدة الإيرانية تم تجاوزها بتوافق بين تل ابيب وموسكو قضت بابتعاد القوات الإيرانية وحزب الله ثمانين كم عن الجولان، اما قوات سوريا الديمقراطية -العنوان الكردي في سوريا- قد ادركت ان غيابها عن الحوار مع دمشق الرسمية يعني خسارة أي مكاسب يمكن ان تحصل عليها لأنها تلقت إشارات واضحة من حليفها الأمريكي بانه مغادر وان سوريا ليست في استراتيجية ترامب كهدف مركزي.
البدء في الذهاب لخيارات التسوية لا يعني ان الحل السياسي غدا ولا ان سوريا لن تتغير باتجاه إصلاحات سياسية ودستورية ، لكن المهم هنا ان هيكلية الدولة السورية والجيش السوري بقيت ثابتة وهي العنوان الأساسي في أي حل سياسي وان الجميع دخل في مرحلة ما بعد الحرب وهو إعادة الاعمار التي يتكلف مئات المليارات وستوفر فرص كبيره الكل يريد ان يضمن حصته منها.
ملف اللاجئين
اما فيما يتعلق بملف اللاجئين السوريين الذي يصل عددهم لحوالي سبعة ملايين فان موسكو تتحرك بشكل كثيف لعودتهم لان هذا الامر في غاية الأهمية كرسالة بان الازمة في سوريا تضع اوزارها . ويبدو ان موسكو نجحت في انشاء مركز يدير العملية والأردن لا يمانع ولكن دون اكراه لللاجئين لان ذلك يخالف الشريعة الدولية . ولكن كل المؤشرات تؤكد ان هناك اعدادا كبيرة ستعود خاصة اذا ضمنت وجود امن واستقرار، وربما يساعد توقف عمليات الدعم والإغاثة من المنظمات الدولية على سرعة عودة اللاجئين لبلادهم حتى ينخرطوا في الحل السياسي ويشاركوا في انتخابات بلادهم من الداخل السوري وحتى لا يكونوا ورقة تستثمرها الجهات التي لا تريد قيام حل سياسي يضمن بقاء الدولة السورية.