العملة هو طريقة غير ناجعة» هذا هو راي مصطفى كمال النابلي محافظ سابق للبنك المركزي التونسي الذي قدمه بالإضافة الى عديد الملاحظات الأخرى خلال الندوة التي تتنزل في إطار «لقاءات السقيفة الكحلة» التي تنظمها جمعية ديناميكية التأملات الاقتصادية في المهدية والتي انعقدت الأسبوع الفارط.
استقرار الدينار يجب ان يكون له شروط أيضا على غرار التحكم في نسب التضخم وتقليص الديون والتحكم في عجز ميزان المدفوعات.
وهذه الشروط حسب النابلي مازالت غير مستوفاة في تونس فنسبة التضخم تجاوزت الـ 7 % وعجز الميزانية في اتساع متواصل وكذلك تسجيل عجز كبير في الحساب الجاري. وسيواصل الدينار المنحى التنازلي طالما محكوم عليه باختلال الاقتصاد الكلي حسب توقعات المتحدث.
ولفت النابلي الى أن بعض الحلول التي تم اعتمادها بهدف تحقيق بعض النقاط لصالح الدينار هي حلول خاطئة على غرار إنشاء مكاتب صرف لاستعادة العملات من السوق الموازية هو حل حسب المتحدث يزيد من اختلال الميزان التجاري أكثر من تأثيره السلبي في السوق الموازية للعملات.
الحل الآخر الذي يعتبره النابلي خاطئا هو العفو عن جرائم الصرف وهو إن كان يفرج نوعا ما على مخزون العملات الا انه لن يزيد من تدفقات العملة الصعبة.
حل اخر يُعد حلا اعتباطيا هو إجراءات التحكم في الواردات فتاريخيا لم يثبت هذا الحل نجاعته ومن شان هذا التوجه أن يحد من التوريد عبر القنوات الرسمية لكنه سيزيد من مرورها عبر شبكات التهريب.
واليوم هناك ثلاثة خيارات مطروحة، الأول هو الحفاظ على استقرار الدينار رغم التضخم المرتفع وعجز ميزانية متسع ونسب مديونية مرتفعة وعجز قياسي في ميزان الدفوعات، وهذا هو حال تونس اليوم والذي نتج عنه الاستقرار في سعر صرف الدينار منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، ولكن لن يصمد الدينار طويلا باعتبار أن الاحتياطي من العملات الأجنبية لم يعد في وضع مريح.
الخيار الثاني هو الحفاظ على سعر صرف مستقر باعتماد سياسة نقدية ومالية تقييدية وهو خيار له تكلفة مؤلمة اجتماعيا، السؤال الذي يطرحه المتحدث هو هل ستستطيع تونس مواجهة هذه التكلفة؟
الخيار الثالث ترك الدينار ينزلق دون القيام بالإصلاحات اللازمة للحد من إخلالات التوازنات المالية وهو خيار يدفع البلاد نحو دوامة من التضخم والمديونية.
واستقرار الدينار يمرّ لزاما عبر ترشيد المالية العمومية وتقليص عجز ميزان الدفوعات والتحكم في التضخم والابتعاد عن الحلول الاعتباطية كما يصفها النابلي. وتونس لا يمكنها الاستمرار في السياسة المالية المتبعة منذ سنوات إذ يجب تعديل مجمل مكونات النفقات العمومية. فالوضع حساس جدا وبالنجاح في ضبط المالية العمومية وتقليص عجز الميزانية ستكون تونس قادرة على بلوغ سياسة نقدية أكثر ليونة. وما لم يتم النجاح في التقدم في الإصلاحات الهيكلية الضرورية في المالية العمومية فإن تبعاتها السلبية ستتحمل نتائجها السياسة النقدية من خلال التّرفيع المستمر لنسب الفائدة من طرف البنك المركزي.