طالب رئيس الجامعة الوطنية للطباعة والورق الناصر جلجلي الحكومة التونسية بالتدخل الدبلوماسي العاجل ضد إلاجراءات المؤقّتة وغير العادلة لمكافحة «الإغراق»التي تم اتخاذها من طرف السلطات المسؤولة المغربيّة تجاه واردات الكرّاس المدرسي من أصل تونسي.
قال الناصر جلجلي خلال ندوة صحفية أن فرض رسوم بنسبة تتراوح بين 33.77 في المائة و51 في المائة بما يعني منع الشركات من التوريد إلى المغرب يهدد المؤسسات الناشطة في المجال في ديمومتها مثلما يهدد بفقدان آلاف مواطن شغل لاسيما وأن حجم الصادرات من الكراس المدرسي من خلال شركتين فقط شملهما التحقيق يصل سنويا إلى 7 أطنان بما قيمته 30 مليون دينار سنويا وهو ما يمثل 87 % من الواردات الجمليّة المغربيّة للكرّاسات, الأمر الذي يجعلنا «نطلق صيحة فزع» بحسب تعبيره.
من جهته قال عضو الغرفة الوطنية النقابية للكراس المدرسي لاتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية معز الوكيل، أن قرار السلطة المغربية فرض رسوم جمركية لا يتماشى مع مضمون اتفاقية أغادير التي تقضي بأن تكون المبادلات بين البلدين معفاة من دفع المعاليم الديوانية.
6 مارس تأكيد تمهيدي على وجود عمليّة الإغراق
ويعود قرار المغرب الحمائي ضد صادرات الكراس المدرسي على إثر طلب تقدّم به ثلاثة منتجين مغاربة للكرّاس المدرسي يوم 10 مارس 2017، قامت على إثره وزارة التجارة المغربية بفتح تحقيق يطلق عليه «مكافحة الإغراق» يوم 11 ماي 2017 متعلّق بواردات الكرّاس المدرسي التونسي وبعد التحقيق الذي تجرى أطواره النهائية أصدرت وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الرقمي المغربيّة بلاغا عموميّا يوم 6 مارس 2018 رقم 18/03 تعلم فيه التأكيد التمهيدي على وجود عمليّة الإغراق وعلاقة سببيّة وعليه تم فرض رسوم جمركية ومؤقّتة لمكافحة الإغراق.
ويقصد «بالإغراق» بيع منتوج بسعر منخفض في السّوق الخارجيّة بالمقارنة مع السّوق الدّاخليّة وتحدد منظمة التجارة الدولية شروط ثبات عملية الإغراق ,حيث تشترط المنظمة توفر 3 شروط أساسيّة مجمّعة لتأكيد عمليّة الإغراق وتبرير فرض إجراءات مكافحة الإغراق.
ذكر معز الوكيل الشروط الثلاثة وأولها , الإغراق, حيث بينت الغرفة أن سلطات التحقيق المغربيّة لم تقم بتحديد القيمة الطبيعيّة (السعر الموظّف في السّوق التونسيّة) على أساس المعطيات المتعلّقة بمبيعات الكرّاس في تونس ,أما عن الأضرار ,فإن سلطة التحقيق المغربيّة لم تثبت وجود أيّ ضرر, فإنّ أغلبيّة العناصر الاقتصاديّة التي تمّت معاينتها، تدلّ على أنّ أرقام أصحاب الشكاوى قد تطوّرت بصفة إيجابيّة وملحوظة خلال الفترة المعنيّة, أما الشرط الثالث والمتعلق بالعلاقة السببية ,فقد ذكرت الغرفة أنه لا يمكن إثبات أيّ علاقة سببيّة بين الواردات التونسيّة للكرّاس ووجود أضرار مزعومة من قبل الشاكين, حيث أنّ معاملات أصحاب الشكاوى في السّوق المغربيّة، انخفضت سنة 2016 في وقت تراجعت فيه كذلك الواردات
التونسيّة.
تخوف من استنساخ التجربة مع قطاعات أخرى
إلى جانب الثقل الجبائي الذي سيواجهه مصدرو الكراس المدرسي التونسي في صورة تطبيق الإجراءات المؤقّتة أوالنهائيّة الخاصّة بمكافحة الإغراق ، فإنّ تداعيات ذلك ستكون وخيمة وقد أبدى المتحدث تخوفه من نسخ هذه التجربة على عدة قطاعات أخرى مؤكدا لوجود لعدة قطاعات مستهدفة على غرار قطاع العجين الغذائي والتمور وأيضا الصناعات الميكانيكيّة التي تواجه اليوم عراقيل شتّى, مضيفا أن فتح «تحقيق الإغراق» سيكون له أثر سلبي لدى الدول التي نتعامل معها لتقوم باتخاذ خطوات مماثلة.
وفي هذا السّياق، أكدت مديرة إدارة الإجراءات الوقائية عند التوريد بإدارة الإجراءات الوقائية والحماية ضد الممارسات غير المشروعة بوزارة التجارة درة البرجي في تصريح لـ «المغرب» أن ما انتهجته السلطات المغربية قد يفتح «الشهية» على ممارسة الإجراء ذاته مع باقي القطاعات .
كما أكدت البرجي أن التحقيق «الإغراق» الذي قامت به الشركات المغربية يعتبر ملغى وذلك على اعتبار عدم توفر الشروط الرئيسية الثلاثة وأوضحت أن النتائج التي وصل إليها التحقيق في المغرب مغلوطة وماترتب عن النتائج من إجراءات لا يمكن القبول به وقد تم رفضها ,مشيرة إلى عقد جلسة بتاريخ 30 افريل بالمغرب لمناقشة ومراجعة القرار وبحضور جميع الأطراف المعنية من المصدرين والموردين والشركات التي تقدمت بالشكوى .
وقد بينت البرجي أنه سيتم خلال هذه الجلسة الطعن في تحقيق «الإغراق» باعتباره غير مستوف لشروط قيامه وإجراءات تنفيذه, كما سيتم الطعن في قرارات الرسوم الجمركية.
وفي رد على الخطوة التي سيتم اتخاذها في حال تشبث الطرف المغربي بموقفه, قالت البرجي أنه في مثل هذه المواقف يجب استنفاد جميع السبل الدبلوماسية وتطبيق الخيارات الفنية والقانونية في مرحلة أولى في ما عدا ذلك يبقى الأمر مفتوحا على جميع الاحتمالات وإن استدعى الأمر سيتم الطعن لدى منظمة التجارة الدولية وتقديم شكاية لدى هيئة تسوية النزاعات التابعة لها.
وفي ما يتعلق بمساندة السلطات المعنية لمصدري الكراس المدرسي, فقد أكدت المتحدثة أن الوزارة رافقت المصدرين منذ بداية الحادثة وقد راسلت السلطات المغربية سواء عن طريق الدبلوماسية أو من خلال وزارة التجارة. وقد عملت وزارة التجارة على تبسيط الإجراءات التي طالبت بها السلطات المغربية كما حرصت على التمديد في آجال الاستجواب الذي رفعته الشركات المتضررة إلى الشركات التونسية المصدرة بحسب المتحدثة .
المغرب لم تمنع تصدير الكراس المدرسي
من جهتها فندت سفيرة المغرب بتونس لطيفة أخرباش في تصريح لـ«المغرب»خبر منع المغرب الشركات المصدرة للكراس المدرسي من التصدير مؤكدة أن تحقيق «الإغراق» لم يتم ختمه بعد وسيتم عقد جلسة استماع علنية موفى الشهر الجاري على أن تجمع بين الأطراف المعنية ويتم على إثرها استكمال باقي التراتيب القانونية المتعارف عليها وفقا لما تضبطه منظمة التجارة الدولية معرجة في الآن ذاته على احترام المغرب لجميع القوانين المتعارف عليها المحلية منها والعالمية في فتح التحقيق مثلما تم احترام تمشي مشترك في التعاطي مع الملف , مما يعني أن طلب فتح تحقيق الإغراق قانوني بحسب تعبيرها.
كما أضافت السفيرة أن الشكاية التي تقدمت بها الشركات المغربية المتضررة منذ سنوات والوزارة لم تتفاعل إلا مع تفاقم الوضع وتأزم واقع الشركات الناشطة في المجال والقانون الدولي يعطي الحق بفتح تحقيق في الإغراق قد حرصت الوزارة المغربية عل اعتماد الشفافية كمنهج في هذا التحقيق منذ بدايته ,مؤكدة أن المصلحة الوطنية للمؤسسات المغربية تقتضي اتخاذ إجراءات ضد الإغراق والمغرب ليست استثناءا على اعتبار أن تونس ذهبت في الأمر ذاته ضد السلع التركية .
لا وجود لعلاقة صدامية في التجارة مع تونس
وفي رد لها عن حقيقة مايروج عن وجود نية لضرب قطاعات أخرى وإتخاذ إجراءات مماثلة, قالت أخرباش أن «هذا التخوف فيه تجن كبير على المغرب ونحن دولة تؤمن كثيرا بالتبادل التجاري بما فيه خير للطرفين وليست لنا نية مبيتة لضرب أي قطاع».
وأضافت أخرباش «أن من يروج لعلاقة صدامية تجارية بين تونس والمغرب غير صحيح... والتنافس ظاهرة صحية نسعى من خلاله إلى تطوير علاقاتنا التجارية» واعتبرت أن عجز الميزان التجاري المغربي لصالح تونس لن يكون عائقا أمام تطوير علاقاتنا التجارية وإنما حافزا لمزيد الاشتغال على تطوير المبادلات التجارية.
كما أكدت السفيرة حرص بلدها الشديد على تعزيز المبادلات التجارية مع تونس ,فالمغرب تعمل على رفع الحواجز العالقة مع تونس وتكوين حزام اقتصادي قوي بين بلدان الدول الأعضاء في الاتفاقية العربية المتوسطية للتبادل الحر (اتفاقية أغادير) بما يمكنهم من اكتساح السوق الإفريقية وتحسين المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي .
كما عرجت السفيرة على المقترح الذي تم تقديمه ومضمونه الجمع بين خبراء من كلتا الطرفين وإقامة حوار أخوي من أجل التوصل إلى حل مرضي قبل جلسة الاستماع غير أنه لم يتم تلقي أي رد بعد.