أمام تزايد الضغوطات على الاقتصاد الوطني , أجرى المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية دراسة بعنوان «الخطوط الكبرى لدراسة تشخيصية واستشرافية لظاهرة التجارة الموازية والتهريب بالفضاء الحدودي التونسي الليبي» مؤكدا ارتباط التهريب في جزء منه بالمناطق الحدودية الليبية التونسية .
وبينت الدراسة أن العوامل المساعدة على انتشار ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي تعود إلى سببين , الأول يعود إلى سياسة التعديل الهيكلي لاقتصادات الدول عن طريق النموّ تطبيقا لشروط المؤسسات المالية الدولية المقرضة منذ منتصف السبعينات والثمانينات والثاني يتعلق بالعولمة التي نشرت ثقافتها الإنتاجية الجديدة (ثقافة «الترحال والانتجاع» التي يمارسها رأس المال والمؤسسات العالمية الكبرى على مستوى العالم .
وتذكر الدراسة أن من مساوئ الاقتصاد غير الرسمي أنه لا يمكّن من امتصاص الصدمات التي تأتيه من الخارج وذلك لضعف نسبة الإنتاج فيه، وقد تسبّب هذا في انتكاسة بنقطتين في معدل النمو لهذه الدول.
أما عن الانعكاسات على المبادلات التجارية, فإن التجارة الموازية تنعكس سلبا على السلع المدعمة وإيجابا من ناحية أخرى على توريد المحروقات وبعض الآليات الفلاحية وغيرها من المواد والبضائع التي تستوردها تونس بالعملة الصعبة، وصلت نسبة التوريد الموازي، «من إجمالي التوريد الفعلي من القطر الليبي نسبا عالية، ناهزت 76,8 % بالنسبة لـ2012 وفقا للنشرية الاقتصادية للسفارة الفرنسية في تونس.
كما تغلغلت ظاهرة التجارة الموازية في تونس ,حيث ذكر المعهد نقلا عن تصريح مدير عام مؤسسة «وايتو» العالمية غير الحكومية المتخصّصة في مقاومة المنتجات المقلدة والرشوة والفساد أنّ الأرباح التي يحققها القطاع غير الرسمي تصل إلى 250 مليار أورو في العالم وأنّ 77,6 %من التونسيين يقتنون بضاعة من السوق الموازية وبالاعتماد على معطيات دراسة قام بها الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية, فإن التجارة الموازية تساهم من 15 إلى 20 % من الناتج الداخلي الخام وتشغل 31 % من اليد العاملة غير الفلاحية.
ونقلا عن إحصائيات نشرتها وزارة الدفاع سنة 2016 بالمنطقة العسكرية العازلة,تبين أنه تم حجز 721 عربة (سيارة وشاحنة) كما تم ضبط عدد 1055 شخص من هذه المنطقة، حجز حوالي 23 قطعة سلاح (بنادق صيد، وكلاشنكوف)، بالنسبة للسلع تم حجز 1.894.320 لتر من المحروقات، 881.420 علبة سجائر، 17.809 علبة معسل، 13.214 (بين علبة وقارورة كحول)، كما تم حجز جملة من المواد الغذائية والألعاب النارية و4.123 من الأغنام وماعز.
وقالت الدراسة ان وزارة الداخلية كشفت خلال أوت 2017 أنه سجل ارتفاع في عدد عمليات التهريب التي تم احباطها بـ 157 قضية بنسبة 21,30 % (894 قضية من 1 جانفي إلى 31 جويلية 2017 مقابل 737 قضية خلال نفس الفترة من سنة 2016)، تم خلالها الاحتفاظ بـ 52 مورّطا من 1 جانفي إلى 31 جويلية 2017 مقابل 80 مورطا خلال نفس الفترة من سنة 2016.
وختم المعهد دراسته بطرح آفاق بإحداث منطقة حدودية عازلة بالجنوب التونسي و إنشاء منطقة تبادل حر بين تونس وليبيا كما جاء بالورقة المعدة من قبل مصالح وزارة التجارة التونسية بعد الثورة.
كما اقترح المعهد لمعالجة ظاهرة التجارة الموازية والتهريب بالفضاء الحدودي التونسي الليبي بتكثيف الدورات التكوينية لأعوان وإطارات المصالح الديوانية والأمنية العاملة بالحدود وتشجيعها ماديا واستنباط آليات خاصة لمكافحة الرشوة والفساد في الهياكل الحدودية.