يجلس احمد شهاب بمحل صغير لبيع المواد الغذائية نجح في إدارته بعد أن قدم إلى تونس وتزوج تونسية، تحدث مطولا لكن حسرته كانت على صورة بلده الذي تركه هناك في دائرة صراع لا يعلم متى تنتهي أو كيف ستنتهي، يقول وبعد أن انتشرت في تونس أخبار بأن السوريين أصبحوا يشحذون أمام المساجد وفي الشوارع أن هؤلاء همهم ليس البحث عن ملجإ آمن لحياتهم بل أنهم قطعوا مسافات طويلة وعبروا على الأقل دولتين للوصول إلى تونس لتكون «الشحادة» مهنتهم التي ضاعت عنهم في بلدهم ويضيف أن العديد ممن أقابلهم في تونس يشحذون وبعد الحديث معهم اكتشف أنهم تونسيون استغلوا فرصة قدوم لاجئين لاستعطاف الناس في الشارع بعد أن عبر المواطنون عن تضامنهم مع السوريين. نظرة احمد غير المطمئنة لسان حالها يقول : التيه كيف له أن ينتهي؟
« الهروب من الموت إلى الموت من حرب الحياة على الأرض إلى حرب الحياة في البحر هكذا اختار عدد من الشبان السوريين الذين قدموا الى تونس والقوا بأنفسهم الى المهربين لاجتياز البحر باتجاه اروبا بحثا عن استكمال إحساسهم بالأمن فهو كل لا يتجزأ» هكذا يقول ألف دولار هو معلوم الإبحار.
أما بخصوص عرض بيع تأشيرات للسوريين لمغادرة تونس فيقول المتحدث انه يسمع أحيانا عن عروض لكن بمبالغ باهضة، ولفت في معرض حديثه عن صعوبات التحاق بعض أفراد عائلات من قدموا الى تونس على غرار والدته البالغة من العمر 50 سنة والتي لم تستطع القدوم الى تونس بسبب تخوف الجانب التونسي من إمكانية تسرب ارهابيين فالعامل الأمني هو الدافع الوحيد للمنع حسب حديث احمد.
وأضاف « بحثت عن شغل في تونس عرض علي أن اعمل في مصنع بـ250 دينارا، رفضت ولأني املك رصيدا متبقيا لي فتحت دكانا لبيع مواد غذائية بإمكانيات بسيطة حتى لا أجوع أنا وعائلتي» تحدث احمد شهاب بمرارة عن المعاناة التي يلقاها السوريون في تونس وفي رحلة البحث عن الحياة بعيدا عن رحم الوطن والموت»
بخلاف احمد شهاب الذي يؤكد في حديثه لنا ان عدد السوريين في تونس يصل الى 4 الاف سوري يقول شوقي راجح رئيس جمعية الجالية السورية في تونس ان العدد يعد بالمئات بين 500 و600 شخص،
وأن العدد الأكبر دخل أثناء الأزمة الليبية وأكثرهم هم من المقيمين بليبيا وان تونس قامت بواجبها على اكمل وجه، فالبعض ممن دخلوا الى تونس عن طريق الجزائر ليس بقصد الإقامة لكن بقصد التحول الى نقطة اخرى، وليس للإقامة في تونس وهناك من عاد الى الوطن.
«لاتوجد ارقام دقيقة لمن دخلوا تونس او غادروها، وتونس لاتعد وجهة للسوريين باعتبار بعدها عن المحيط السوري» تحدث راجح الذي أكد أن الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للسوريين في تونس لاتعد حرجة نتيجة مساعدة السوريين المقيمين في تونس من قبل الاجئين الجدد،. الإشكال الأبرز يكمن في تسجيل الولادات الذي لابد ان يكون بالسفارة السورية، ويتم بصفة ظرفية تسجيل المولودين الجدد في سفارة سوريا بالجزائر هذا دون اعتبار تعقد الإجراءات لان الوثائق لابد أن تكون مصادقة من 5 جهات بتونس وأخرى بالجزائر. والسفر من بلد إلى بلد تكاليفه عالية وجهد كبير.
المفوضية السامية للاجئين: 750 لاجئ من بينهم 450 سوري
اثار مازن ابو شنب ممثّل المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتونس في بداية حديثه ضرورة التفريق بين اللاجئ والمهاجر فالأول هو من يترك بلده الى بلد اخر خوفا من الاضطهاد والحروب الأهلية اي ليس له خيار للمغادرة هو مجبر عليها اما المهاجر فهو من يترك بلده طوعيا بحثا عن حياة افضل. باختصار اللاجئ يطلب الحماية والمهاجر يطلب العيش أفضل.
«وصايتنا فقط على اللاجئين في العالم بوصاية من الجمعية العامة للأمم المتحدة، لمساعدتهم على العيش الكريم وايجاد الحلول المناسبة لهم وهذا لا يتم الا مع المفوضية وتعاون الدول المضيفة»
وعن العدد الدقيق للاجئين في تونس يؤكد مازن ابو شنب ان من هو مسجل لدى المفوضية، باعتبار ان التسجيل طوعي وليس الزاميا، فالعدد هو 750 لاجئ معترف بهم وهو لا يلغي وجود آخرين اغلب المسجلين لدى المفوضية هم سوريون بعدد 450 لاجئ، البقية يتوزعون على نحو 20 جنسية من القارة الافريقية.
وتقدم المفوضية مساعدات مجانية في الدراسة والصحة وبخصوص الخدمات الصحية يؤكد ابو شنب بان معالجة اللاجئين تكون بالمستشفيات العمومية وهناك حالات خاصة يتم توجيهها الى المصحات الخاصة. وتحرص المفوضية على تقديم المساعدات للمدارس والمستشفيات وخلال الأعياد.
كما انه يوجد تدريب بتخصيص جزء من ميزانية المفوضية للمساعدة لاجئين على بعث مشروع صغير على غرار عائلات سورية قامت بإنشاء مطعم بكل من العوينة وسوسة اما عن لاجئي القرن الافريقي فيتم تكوينهم في اختصاصات الكهرباء على سبيل المثال
ويحرص ايضا الهلال الأحمر على تقديم المساعدات الصحية والأكل والمواد غير الغذائية. الى جانب تقديم مساعدات مالية عبر البريد للاجئين المحتاجين وفق معايير معينة.
وعما اثاره رئيس الجالية السورية من إشكاليات التنقل الى الجزائر لتسجيل حديثي الولادة يقول ابو شنب ان كل الموجودين وان كانوا باعداد قليلة تقدم لهم الإثباتات من الدولة التونسية والتنقل الى الجزائر يعود الى غلق السفارة السورية ولما كانت الجزائر اقرب دولة فان البعض يتنقل الى هناك لتسجيل ابنائهم بالسفارة السورية بالجزائر.
وعن الدراسة واستكمال الطلاب لدراستهم يؤكد محدثنا ان عدد الطلاب ممن هم دون 18 سنة يبلغ 185 تلميذا، وتقوم المفوضية في هذا الغرض بتقديم مساعدات عينية للمدارس وللتلامذة. وعن الوفيات فإن الهلال الأحمر يقوم بكل الاجراءات. وعادة ما يكون مجهولو الهوية هم من الانقاذ البحري بالجنوب خاصة.
«تونس ليست وجهة للاجئين واغلب من يصل الى تونس اما مضطرا او بالإنقاذ البحري او هربا من ليبيا كما انه في تونس لا يوجد برنامج اعادة توطين. والدولة التي تستقبل لديها شروط والمفوضية لديها خصائص معينة لمن يطلب إعادة التوطين.
اما على صعيد عالمي في العالم فيوجد 560 مليون لاجىء وكل لاجئ تنطبق عليه شروط الحماية ولايمكن اعادته الى بلده قسرا.
أما عن مخيم الشوشة وما أثاره من ضجة إعلامية في الآونة الأخيرة بعد عملية الإخلاء والتي تتنزل وفق ابو شنب في اطار عزم الدولة التونسية استغلال المساحة الترابية التي كان يقيم فيها نحو 33 افريقيا لإنشاء منطقة حرة، موضحا ان مجموعة ال33 هم مهاجرون وليسوا لاجئين كما يروج لذلك وتم عرض العودة الطوعية الى بلدانهم ومساعدتهم على فتح مشاريع صغيرة لكنهم رفضوا ومن بين الـ33 اثنان فقط تنطبق عليهم صفة لاجئ.
اما عن امكانية تعرض بعض اللاجئين الى مشاكل قد تجعلهم يمثلون امام القضاء فيقول مازن ابو شنب ان اللاجئ ليس فوق القانون وتطبق عليه القوانين التونسية الا انه نفى وجود مشاكل قد اثارها لاجئون.
من جهته يقدم عبد الباسط بن حسن رئيس المعهد العربي لحقوق الانسان رقما آخر حول عدد اللاجئين في تونس وهو 650 لاجئا من بينهم نحو 600 من السوريين مشيرا الى ان المعهد والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بتونس اطلقت حملة دعم المشروع خاص باللجوء في تونس للتسريع في المصادقة عليه مبينا ان المشروع الان هو لدى رئاسة الحكومة وتعقد الان مجموعة من اللقاءات البرلمانية لاجل المصادقة عليه في اقرب الآجال.