جاءت توقعات صندوق النقد العربي في تقرير بعنوان إصدار سبتمبر «آفاق الاقتصاد العربي»وهي مراجعة لنشرية أفريل 2017 والتي يعدل فيها الصندوق توقعاته على ضوء التطورات الاقتصادية الحاصلة في المنطقة العربية. وتوقع التقرير الصادر مؤخرا عن الصندوق أن تتحسن اتجاهات النمو الاقتصادي التونسي بتحقيق نسبة نمو عند 2.3 % للعام الحالي و3.0 % للعام المقبل,وذلك بفضل تطور مستوى الإنتاج في بعض القطاعات الحيوية على غرار الفسفاط والفلاحة والصناعات الميكانيكية والكهربائية فضلا عن بداية تعافي القطاع السياحي.
وعلى الرغم من التوقعات الايجابية التي رصدها صندوق النقد العربي والتي استند فيها إلى برنامج الإصلاح الذي تنفذه الحكومة التونسية و المدعوم ببرنامج «اتفاق التسهيل المدد» لمدة أربع سنوات بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ب2.77 مليار دولار ,حيث من المنتظر أن يساعد ذلك على التقليص في العجز المالي لتحقيق الاستقرار في الدين العام إلى مادون 70 % من إجمالي الناتج الإجمالي المحلي مع حلول سنة 2020 مع زيادة الإنفاق الاستثماري لخفض معدلات البطالة المستقرة حاليا عند مستويات مرتفعة نسبيا تقدر بنحو 15 % , إضافة إلى الجمع بين مرونة سعر الصرف وإبقاء التضخم عند مستوى أقل من 4 %, فقد راجع الصندوق توقعاته لينزل نسبة النمو إلى 2.3 %, للعام الجاري بعد ماكانت 2.5 %.
ويذكر التقرير أن البرنامج المعتمد للحكومة التونسية سيضمن استمرارية نظام الجرايات وتحسين حماية الأسر محدودة الدخل, إضافة إلى تسريع الإصلاحات لتحسين الحوكمة و تشجيع النمو المنشئ لفرص العمل الذي يقوده القطاع الخاص. وبحسب ماورد في التقرير فإنه سيتم إعادة تطبيق آلية تعديل أسعار الوقود وسرعة المضي نحو إصلاح نظام الخدمة المدنية من اجل تحسين جودة الخدمات و تقليص فاتورة الأجور وسن إصلاحات شاملة لضمان استمرارية جرايات التقاعد وإنشاء نظام ضمان اجتماعي ناجع إضافة إلى تحسين إدارة المؤسسات العمومية أيضا.
يبدو أن توقعات صندوق النقد العربي استندت أساسا إلى التوقعات الرسمية على غرار توقعات البنك المركزي التونسي الذي توقع في تقريره الأخير «التطورات الاقتصادية والنقدية» تحقيق نسبة نمو بـ2.3 % للعام الحالي مدفوعة بتوقعات بتحسن نتائج الموسم الفلاحي وعودة نشاط الفسفاط وانتعاش النشاط السياحي , كما تأتي هذه المراجعة كذلك استناد لمراجعات صندوق النقد الدولي و البنك الدولي اللذان توقعا 2.3 % كنسبة نمو للسنة الحالية و 3 % للعام المقبل.
على الصعيد العربي توقع صندوق النقد العربي نمو اقتصادات الدول العربية بنحو 1.9 % عام 2017 وارتفاعها إلى 2.9 % عام 2018 وأشار التقرير إلى ظهور بوادر تنم عن التعافي النسبي للنشاط الاقتصادي العالمي خلال النصف الأول من عام 2017 على ضوء تحسن أداء قطاع الصناعة وارتفاع مستويات الاستثمار والتجارة الدولية بما ساعد على تعزيز الثقة في آفاق النمو الاقتصادي العالمي. شمل هذا التحسن كلا من الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء.
ويقول التقرير أنه رغم التوقعات بتحسن آفاق النمو،فإن هذا التعافي لا يزال هشاً وغير قابل للاستدامة في العديد من البلدان نتيجة انخفاض معدلات نمو الإنتاجية. كما يحيط بهذا التعافي الاقتصادي قدرُ لا يستهان به من المخاطر في الأجل المتوسط لعل أبرزها ارتفاع مستويات عدم اليقين بشأن مسارات السياسات الاقتصادية في البلدان المتقدمة، وتزايد الاتجاه نحو السياسات الحمائية.
أما في ما يتعلق باتجاهات تطور الأسعار المحلية، فقد شهدت ارتفاعاً في معظم الدول العربية خلال الأشهر الأولى من عام 2017، نظراً لقيام معظم الدول العربية بتحرير أسعار مواد الطاقة سواء بصورة جزئية أو كلية. إضافةً إلى تأثر حجم المعروض من السلع والخدمات بسبب التطورات المحلية التي تشهدها بعض الدول العربية.