ضرورة اتخاذ حزمة من الإجراءات الجدية ترمي إلى الحد من واردات المؤسسات المقيمة لاسيما المنتجات غير الضرورية (تحت التسمية الأصلية أوغير مطابقة للمواصفات الفنية والصحية) والتي تؤثر سلبا في الاحتياطي من العملة الصعبة.
حلل البنك المركزي في وثيقة تحليلية للمبادلات التجارية في تونس بالنسبة للنصف الأول من سنة 2017، نشرها عبر موقعه الالكتروني، أسباب تفاقم العجز التجاري والذي تفاقم ب24,9 بالمائة خلال النصف الأول ,نتيجة تطور نسق الواردات ب16.4 %, مقابل بطء نسق الصادرات 12.7 %.
واردات قطاعي الطاقة والمواد الغذائية تمثلا نصف عجز الميزان التجاري
لقد بلغت قيمة الواردات خلال السداسية الأولى من العام الحالي 16072.3 مليون دينار في ما بلغت قيمة الصادرات 23607.5 مليون دينار,علما وان واردات قطاعي الطاقة والمواد الغذائية استأثرا بنصف عجز الميزان التجاري المسجل خلال السداسية الأولى .ولقد أرجأ البنك المركزي هذا التفاقم إلى ارتفاع شراءات تونس من المواد الغذائية (29,8% ) والتي شملت بالخصوص المواد الأساسية (القمح اللين والزيوت النباتية والسكر والقهوة ... ) وارتفاع واردات مواد الاستهلاك (13,1 %) وخاصة المواد الصيدلية (15,7 %) .
أما عن الصادرات فقد بينت النشرية تحسن صادرات القطاعات الصناعية ومن بينها الصناعات المكيانكية والالكترونية ارتفاعا بنسبة 16,1 % خلال النصف الأول من 2017 مقابل 11,7 بالمائة خلال النصف الأول من 2016 ناهيك عن الانتعاشة التي تشهدها صادرات قطاع الصناعات المعملية والتي تأكدت خلال النصف الأول من السنة إذ سجلت مبيعاته في الأسواق الخارجية ارتفاعا بنسبة 13.2% في الوقت الذي تبقى نسبة اندماجه في الاقتصاد ضعيفة وتتجلى في قيمة مضافة متدنية.
ضبط سياسية ترويجية لقطاع الفسفاط
وفي سياق متصل دعا البنك المركزي الحكومة إلى ضرورة ضبط سياسة ترويجية لقطاع الفسفاط تمكن تونس من استعادة أسواقها التقليدية، من جهة، واستهداف أسواق جديدة لترويج صادرات هذه المادة التي وفرت قرابة نصف مليون دولار أمريكي خلال النصف الأول من سنة 2017 من جهة أخرى مشيرا الى الصعوبات التي باتت تلقاها السلطات التونسية في ترويج الفسفاط في السوق الدولية بسبب اشتداد المنافسة.
كما ذكر البنك المركزي أن المؤسسات مؤسسات المقيمة تساهم بنسبة كبيرة في عجز الميزان التجاري لتونس، إذ أفضت مبادلاتها التجارية إلى عجز قارب 10,8 مليار دينار خلال النصف الأول من سنة 2017 ولم تتجاوز نسبة تغطية صادراتها لوارداتها 36,7 %.
وأوضح المصدر ذاته أن الشركات المقيمة في تونس يستأثر بنسبة 70 % من الواردات في حين لا يساهم سوى بنسبة 40 % في الصادرات.وطالب البنك هذه المؤسسات بمواصلة تنفيذ إستراتيجية تدفع صادراتها بما يكون له تأثير مباشر على الاحتياطي من العملة الأجنبية.
هذا وقد ارتفع العجز التجاري لتونس خلال الأشهر السبع الأولى من 2017 إلى 8628مليون دينار ، رغم تحسن صادرات البلاد بنسبة 15,9 % وفق بيانات نشرها المعهد الوطني للإحصاء مفسرا ذلك بواردات القمح والطاقة فيما تساهم كل من تركيا وروسيا والصين في العجز التجاري.
وفي السياق ذاته كان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد عقد مجلسا وزاريا مضيقا منذ الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجارية للنظر في آليات الحد من العجز التجاري وتدارس الإجراءات الكفيلة باحتواء العجز في حدود مقبولة من الناتج المحلي الإجمالي خلال سنة 2017 والتي تناولت جملة من المقترحات من بينها إيقاف عقد الفرانشيز للملابس الجاهزة ومراجعة الاتفاقيات الثنائية واتخاذ إجراءات جمركية.
وأوصى الشاهد آنذاك بإحداث لجنة تعنى بالتعمق في الإجراءات المقترحة من قبل مختلف الأطراف المعنية في علاقة بالاقتصاد الوطني والمتعاملين الاقتصاديين والعجز الجاري، آخذا في الاعتبار التزامات تونس مع المنظمة العالمية للتجارة والاتفاقيات الثنائية والإقليمية.
من جهتها عمدت وزارة التجارة والصناعة إلى فرض رسوم جمركية على المنتجات التركية واسناد امتيازات تفاضلية للسلع التونسية وكان ذلك في إطار إمضاء 4 اتفاقيات مع نظيرتها التركية والتي ترمي إلى معالجة الإشكاليات المتعلقة بعجز الميزان التجاري ودفع الاستثمار وتقديم تمويلات بفائدة ضعيفة لتمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة.