لم يكن هينا على السياحة التونسية عبور مرحلة التقلبات الجوية التي مرت بها منذ سنة 2011 والناتجة لا فقط عن التغيير السياسي الذي عرفته البلاد وسقوط النظام بل أيضا بفعل ما تعرضت له السياحة في تونس من جرائم إرهابية كان لها الأثر السيئ على أداء القطاع وزاد من شك أهل المهن في قدرتهم والإدارة على استعادة الأوضاع لسالف عهدها. بل إن بعض المهنيين عمدوا مع تواصل تعثر السياحة في تونس إلى هجرها وإغلاق مؤسساتهم في انتظار يوم آخر ليس في السياحة بالتأكيد.
لكن اليوم ومع تحسن المؤشرات هذا العام فضلا عن رفع جل البلدان الأوروبية تحجير السفر عن الوجهة بل وحث المسؤولين السياسيين الأوروبيين لمواطنيهم على زيارة تونس الآمنة تحسنت الأوضاع وعاد الصحو لسماء الوجهة التي عاد جانب كبير من نزلها إلى النشاط مع توافد أغلب الأسواق التقليدية للوجهة وبروز أسواق أخرى على غرار السوق الروسية والتي كان لها الفضل العام الماضي في استدامة النشاط وإن كان دون المرجو من العائدات.
المؤكد أن الوجهة في تحسن مستمر ذلك أن نسبة التطور هي اليوم برقمين وبلغت قبيل ذروة الموسم (جويلية واوت وسبتمبر ) 40 %، وتفيد بعض الأرقام المسربة أن عدد السياح بلغ في نهاية شهر جويلية قرابة الأربعة ملايين ، نصفهم تقريبا من أوروبا وهذا بالتأكيد جيد للوجهة التي بدأت تفكر في المستقبل عبر إعادة تموقع المنتوج السياحي التونسي في خانة السياحة الراقية مع بدء وصول نوع جديد من السياح خاصة القادمين من الصين والذين عرفت معدلاتهم تحسنا مطردا من شهر لآخر.
وهذا ما دفع الإدارة والمهنة إلى البحث بجدية عن بدائل مهمة في الوجهة التونسية انطلاقا من تطوير الاستثمار في السياحة الراقية عبر ضخ استثمارات مهمة في النزل والتكوين وأخير المنتوج الذي سيركز على خصائص السياحة التونسية في الثقافة والصحة والاستشفاء بمياه البحر والصحراء والتسوق.
وهذا ما جعل المنظمة العامية لمهنيي السياحة «WTCC» تستبشر بتحسن أوضاع السياحة في تونس هذا العام وتوقعت بعودة النشاط الاستثمار في القطاع الذي تطور بين سنة 2013 من مليار و 500 مليون دينار إلى مليار و700 مليون دينار العام الماضي مع امكانية تواصل ها النسق المطرد ليبلغ سنة 2027 مليارين و380 مليون دينار مع 11 مليون سائح. وهو رقم كان من المفترض تحقيقه العام الماضي لولا ما تعرضت له البلاد في السنوات السبع الماضية.
وتشدد المنظمة الدولية على أن مهنيي السياحة في تونس خاصة الجيل الجديد منهم الذين خلفوا الجيل المؤسس من الآباء ، ما عاد قابلا بسيطرة منظمي الأسفار الكبار المتغولين والذين بسطوا أياديهم على الوجهة وحققوا من خلالها أرباحا ومغانم كبيرة طوال الخمسين سنة الماضية.
وقد دفع الوضع المستجد في تونس بعد 2011 بالمهنيين للبحث عن شراكات أكر انتصافا ممثلة في استجلاب علامات فندقية عالمية لإدارة وتسيير فنادقها وبالتالي رفع منسوب الوجهة كواحدة من وجهات السياحية الراقية.
وهذا التوجه الجديد في السياحة التونسية سيعمل على القطاع مع الصورة الباهتة للوجهة التونسية والتي التصقت بها لعقود طويلة باعتبارها وجهة بخسة تنشط فقط خلال فترة محدودة من السنة بوجهة جديدة ذات صورة مغايرة هي بالتأكيد أفضل من السابقة وذات مردودية أفضل لكنها قد تكون من حيث الإقبال دون السابق.
وتؤكد مصادر في وزارة الإشراف وكذلك من المهنة بوجوب المحافظة على رأس مال السياحة التونسية والمتمثل في السياحة الشاطئية التي يجب تطويرها وتحسين جودتها وبالتالي تطوير مردوديتها بإعادة التفاوض مع منظمي الأسفار في ضوء ما تعرفه من جودة شاملة قد تزيد من عائد الوجهة من العملة الصعبة .