عدد من الفاعلين الاقتصاديين والخبراء الذين قدموا تحاليلهم واستنتاجاتهم حول موضوع المائدة وخصائص الميزانية التونسية منذ الاستقلال .
أشار رئيس المعهد التونسي للخبراء المحاسبين المنصف بوسنوقة في عرضه للموضوع إلى اهم التداعيات المتولدة عن العجز المسجل في الميزانية. متسائلا عن الجدوى من مواصلة الترفيع في الجباية وإثقال كاهل كل من المؤسسة والمواطن داعيا إلى ضمان التوازنات عبر استنباط حلول مبتكرة تقطع مع اللجوء إلى الجباية لفك معضلة تمويل الميزانية وكذلك الحد من المعاليم الديوانية والاداء على الاستهلاك مع المحافظة على سياسات الدعم .
وبين في سياق آخر ان عدم نمو مداخيل الدولة بالشكل المطلوب يعود أساسا إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي والضغط المسلط على القطاعات المهيكلة والمنظمة في حين ما يزال القطاع الموازي ينعم بتحصيل موارد لم تغنم منها الميزانية شيئا يذكر.
أجمع الحضور من خلال الحوارات على أن الميزانية في تونس ما زالت لم ترتق إلى اعتماد طرق حديثة فمازالت تتحكم في إعدادها طرق غير محينة لم تتوصل خاصة في السنوات القليلة الماضية لدفع الاستثمار ولا في الحد من البطالة مبدين انشغالا من الزيادات المتواصلة في الأجور التي قد لا تساعد على دفع الاستثمار وبالتالي تطوير الناتج المحلي الاجمالي.
وتطرق الحضور إلى موضوع الاستثمار فأبرزوا أن هذا الجانب في الغالب الأعم يتأتى من تراكم مخلفات الميزانيات المتعاقبات، داعين إلى وجوب الإسراع بفض الإشكاليات التي تنتج عند تنفيذ الاستثمارات والحد من المعوقات التي تنجر عنها تراكما تها الكمية عند صرفها نتيجة بفعل تعطل المشاريع لأسباب متعددة مشيرين إلى الدور السيئ للإيديولوجيات التي يتلبس بها نشطاء الأحزاب وتأثيراتها على مناقشات الميزانية خاصة خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي الذي تعيشها البلاد .
ابرز المنجي صفرة الخبير الاقتصادي من جهته، أن تونس هي واحدة من بلاد قليلة تمثل فيها الجباية نسبة عالية ووضع كهذا يحد بشكل كبير في جلب الاستثمار لان نسبة الجباية التونسية عالية فهي تمثل 5.22 % فضلا عن 8 % أخرى ضمان اجتماعي وهذا ما يزيد في سيطرة الاقتصاد الموازي ويبدو اليوم ضروريا التخفيض من نسبة الجباية و زيادة تحصيل الأرباح من النشاطات العامة على غرار السجائر التي تغنم الدولة منها سنويا ألفا و600 مليون دينار وهو رقم يمكن زيادة ربحيته بأكثر من200 مليون دينار سنويا من خلال النشاط الموازي.
وتحدث آخرون عن تأثير المرحلة الانتقالية على الميزانية وما سببته من مصاعب هيكلية لها مشيرين إلا ان العجز المقدر بأربعة ألاف مليون دينار يمكن الحد منه على المدى القصير مبرزين في ذات السياق عدم توفر رؤية واضحة خاصة والحكومة لا تلتزم بوقف حساباتها معتمدة على الاقتراض الذي يمكن ان يكون سببا في خلق الثروة لو تم التبصر فيه .
وأكد فيصل دربال لـ«المغرب» حول موضوع التفويت في بعض المؤسسات، أن الامر فيه جدوى اقتصادية مهمة أولا سيحد من التعويل على الاقتراض وبالتالي الحد من تبعات الدين والفوائض والعجز في الميزانية كما سيمكن هذا التفويت في ضخ استثمارات وشد أزر الصناديق الاجتماعية التي تعاني من مصاعب هيكلية وبهذا نرى في التفويت استثمارا مجديا سيخفف الأعباء على الدولة ويحد من الالتجاء إلى الاقتراض.