في النمو المتوقع هذا العام. ومن بين 50 ألف شخص شملهم المسح الذي أجري في بداية فيفري في 42 بلدا قال 15 % إنهم اختاروا إما عدم السفر أو قضاء العطلة كل في بلده ولم ينحصر تراجع السياحة في دولة دون سواها، بل طال جميع الدول المشهورة باستقبال ملايين الزوار سنويا، ومنها ما تأثر بشدة ومنها بدرجة أقل فعلى سبيل المثال تراجع عدد السياح الأجانب بشكل طفيف في تركيا في العام 2015، للمرة الأولى منذ سنوات، بسبب تدهور الوضع الأمني في البلاد ومغادرة الزوار الروس، بحسب أرقام رسمية.
وشهد عدد السياح الروس، الذي يقصدون خصوصا المنتجعات الساحلية للمتوسط مثل أنطاليا (جنوب)، تراجعا كبيرا مع 3,65 ملايين روسي في العام الماضي مقارنة بـ 4,5 ملايين في 2014. ومنذ 28 نوفمبر، منعت وكالات السفر الروسية من تنظيم رحلات الى تركيا لاسباب امنية بعدما اسقط الطيران التركي مقاتلة روسية قرب الحدود السورية.
ولا شك ان هناك اسبابا اخرى غير هبوط الدخل اثر على السياحة وخاصة الاوضاع الأمنية، وهناك مؤشرات واضحة حول هذا الأمر، فباريس التي استقبلت 19 مليون سائح اجنبي سنة 2014 ما خولها تصدر قائمة الوجهات السياحية العالمية، لم تفرغ من زوارها. غير أن طوابير الانتظار الاعتيادية امام معالم العاصمة الفرنسية كمتحف اللوفر وبرج ايفل باتت اقل ازدحاما منذ هجمات 13 نوفمبر التي اوقعت 130 قتيلا ومئات الجرحى. وشهدت الحجوزات في الفنادق تراجعا بنسبة 20 % بحسب فرنسوا نافارو المسؤول عن لجنة السياحة في المنطقة الباريسية. كذلك عمد سياح كثيرون خصوصا من اليابان والصين وروسيا الى إلغاء رحلات كانت مقررة لهم الى فرنسا.
الاستثناء الوحيد في عدم تأثر القطاع السياحي بالأزمة المالية الحالية هو اسبانيا حيث استقبلت عددا قياسيا من السياح سنة 2015 بلغ 68,1 مليون زائر أجنبي، بحسب ما كشف المعهد الوطني للإحصاءات (آي ان اي) في وقت يتفادى فيه السياح بلدان البحر المتوسط التي شهدت اعتداءات. وهذه هي السنة الثالثة على التوالي التي تسجل فيها إسبانيا عددا قياسيا من السياح. وهي كانت قد استقبلت سنة 2014 نحو 65 مليون أجنبي، مع ارتفاع بنسبة 7,1 % بالمقارنة مع العام السابق.
وعلى العكس من اسبانيا، مصر التي تضررت السياحة فيها كثيرا، استنادا الى تراجع اعداد السياح الأجانب الوافدين إليها، فقد كان الاف السياح الاجانب يزورون يوميا منطقة الاهرامات الثلاثة ولكن هذا الرواج بات الان مجرد ذكرى بعيدة اذ اختفت حافلات السياحة التي كانت تزدحم بها ساحة انتظار السيارات. اما الفنادق التي كانت نسبة الاشغال فيها تصل الى مئة في المئة فاصبحت مهجورة. اليوم، ليس هناك سوى بعض الاسر المصرية ومجموعات من الطلاب والقليل جدا من السياح يتنزهون في هذا الموقع الاثري الذي يبلغ عمره 4600 عام.
وبهدف توجيه رسائل طمأنة، دعي 55 ممثلا عن المجموعات الصينية لتنظيم الرحلات السياحية الصينية الى باريس نهاية فيفري الماضي «للتطرق الى الوضع الامني» وفق نافارو. وسيمضي هؤلاء خلال زيارتهم هذه ساعتين في مفوضية للشرطة حيث سيتم اعلامهم بالتدابير المتخذة بعد الاعتداءات.
ومنذ نوفمبر الماضي، نشر 10 الاف عسكري فرنسي كتعزيزات للشرطة بهدف حماية البلاد كما أن شركات الأمن الخاصة استعانت بعناصر حماية لمؤازرة الحراس في المواقع الاكثر جذبا للزوار. انيكا سائحة المانية في الثالثة والعشرين من عمرها تسافر للمرة الأولى بمفردها، تبدي «ارتياحها» لانتشار الدوريات في الشوارع ولعمليات التفتيش المنهجية للحقائب عند مداخل المتاجر الكبرى والمواقع السياحية. وتقول «في البداية، لم اكن اريد المجيء البتة بسبب الاعتداءات. لكن قررت عدم الاستسلام للخوف» وقد «طغى سحر باريس على ما عداه». كذلك ينظر كثير من السياح في باريس بموضوعية ازاء الخطر الذي يتهددهم في العاصمة الفرنسية. وتشير ياو وهي صينية تزور العاصمة الفرنسية برفقة زوجها الى ان الاعتداءات «قد تحصل في اي مكان».
ويلخص فرنسوا نافارو الوضع لافتا الى ان الاعتداءات «باتت جزءا من تاريخنا لكن باريس تبقى عاصمة الحب وفن الطهو والتسوق». ويتشارك البريطانيان مارك وودز وسامانتا ارنولد هذه النظرة الى باريس كعاصمة للرومنسية. وتقول الشابة خلال مرورها قرب كاتدرائية نوتردام «لقد طلب يدي للزواج للتو وهذا هو الدليل» ليردف الرجل «حصل ذلك تحت برج ايفل» بحسب فرانس برس.
السياح يهجرون مصر مع تواتر الاعتداءات
وكان البريطانيون أكثر السياح توافدا إلى اسبانيا سنة 2015 مع 15,68 مليون زائر من بريطانيا، تلاهم الفرنسيون (11,55 مليونا) ثم الألمان (10,29 ملايين)، بحسب إحصاءات المعهد الوطني. وتراجع عدد السياح الروس بنسبة 32,7 % إلى 955976 زائرا بسبب انخفاض قيمة العملة الروسية. ويشكل الأوروبيون السواد الأعظم من السياح في اسبانيا وهم كانوا في السابق يقصدون تركيا وتونس ومصر التي شهدت اعتداءات وتراجعت السياحة فيها.