2024 ... سنة كلّ الإحتمالات

تتجه هاته "الخماسية" نحو الإنتهاء على ما هي عليه من أوضاع سياسية و اقتصادية واجتماعية وليس هناك

ما يدلّ على حدوث أيّ تغير في جميع المستويات، فلا السلطة مستعدة للاعتراف بفشل السياسات التي اعتمدتها الى حد الآن وإحداث أي تغيير في نهجها كما ان الاتحاد وشركاءه ليسوا على نفس الإيمان بجدوى مبادرتهمبعد أن وجدوا الأبواب مغلقة لإجراء "حوار وطني" يدعون إليه، كما ان المعارضات بوضعها السياسي والتنظيمي بمختلف توجهاتها وهي عليه من أوضاع سياسية وتنظيمية لا تملك القدرة على لعب دور للتأثير في مجرى الأحداث. الجميع متساوون في العجز عن إيجاد الحلول المجدية لمعالجة الأزمة والجميع لا يعترفون بذلك ويصرّون على الاستمرار على نفس النهج الذي يسلكونه.

في مثل هذه الحالة حين تشتدّ الأزمات وتجد النّظم السياسية نفسها في مأزق، أوّل إجراء يقع اللجوء إليه هو العودة الى صندوق الاقتراع بإجراء انتخابات سابقة لأوانها بما يسمح بطرح أفكار جديدة وإعادة ترتيب المشهد والأهم تشريك الشعب في الحسم في ذلك.وبما أنّ فرصة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية سابقة لأوانها إثر25 جويليةوقع القفز عليها لم يبق سوى الإعداد لموعد 2024..... الا ان هذا الموعد بات محل شك ويلفه الغموض لأنّه تمّ حل البرلمان وإلغاء الدستور واعتماد دستورجديد وتنصيب "مجلس نيابي جديد" بما يعني فسخ العهدة السابقة برمّتها بما في ذلك روزناماتها الانتخابية ممّا يرجح اعتبار موعد 2024 في حكم المعدوم.واحتساب العهدة الرئاسية قد أصبح بالأمر الواقع بدءا من تاريخ المصادقة على الدستور الجديد أو ربّما من تاريخ"انتخاب"البرلمان الجديد.قد يبدو هذا الأمر سهلا من الناحية الشكلية في ظلّ ميزان القوى الحالي، لكن بقراءة متمعنة في التطور المتسارع للأوضاع يمكن استنتاج أنّ ذلك لن يكون بالسهولة التي يتصوّرها البعض ويبقى رهين إيجاد الموارد المالية الضرورية في الأشهر القادمة لضمان استمرار الدولة في الإيفاء بالحد الأدنى من تعهّداتها الداخلية والخارجية وتحقيقها بعض التحسن في حياة الناس التي تدهورت إلى حد بعيد، وهذا غير ممكن بدون مساعدة من الخارج، وذلك بعد أن اتضح أنّ شعارات استرجاع الأموال المنهوبة والصلح الجزائي والشركات الأهلية بعيدة كلّ البعد على أن تكون عناصر حقيقية تساعد على حلحلة الأزمة ب"التعويل على الذات" كما يدعو إليه الرئيس، وهامش المناورة للحصول على تمويلات هو بحدّ ذاته ضيق ولم يبق أمام الدولة سوى منفذ وحيد وهو صندوق النقد الدولي، وهو المنفذ الذي لا يحبذه الرئيس لأنّه يرى فيه البوابة التي تسمح للدول المانحة بالتدخّل في الشأن الداخلي وعدم اقتصار شروطه على الجانب المالي والاقتصادي.

 

وحتى إن سلّمنا بضعف المعارضة وبعدم قدرتها على الاعتراض على أي شيء في الوقت الحالي نظرا لما تتعرض له من هرسلة وإيقافات ومن حملات إدانة وتخوين، فإنّ " إلغاء" حضورها على الساحة سوف لن يعبّد الطريق أمام السلطة لتفعل ما تريد، عادة ما يخلق ذلك النوع من الفراغ ظواهر تنظيمية خارجة عن المنطق القانوني والسياسي لأخرى متعارف عليها، ومن نتائجه الأولى ظهور بوادر الانشقاق والصراعات التي تظهر بين الجماعات التي تنسب نفسها للرئيس وقد صارت تتنافس على احتلال المواقع ومراكز القرار
كلّ هذا الذي سبق ذكره هو جزء هام من المشهد لكن الجزء الأهم هو موقع وموقف القاعدة الشعبية الواسعة من التطورات التي ستحصل في المستقبل، فهذه القاعدة التي تحمّلت بصمت وبصبر الجبال تبعات كلّ السياسات في مختلف المراحل السابقة، وأغلبيتهاهي التيزكت كل ّ الإجراءات التي اتخذها الرئيس لحدّ الآن، وهي التي وقفت إلى جانبه في معاركه ضد الطبقة السياسية وهي التي ساندته في تفكيك وإعادة تركيب النظام السياسي حسب رؤيته وهواه،
والسؤال الذ يطرح نفسه اليوم ما مدى قدرة هذه القاعدة على الاستمرار في تحمّل تآكل مقدرتها الشرائية و ندرة السلع الغذائية وفقدان الأدوية وتردي الخدمات،والتبني الكامل لوجهة نظر الرئيس حول أسباب الأزمة وتحميل مسؤوليتها الأزمة للمحتكرين والمتآمرين... من الصعب جدا التكهن بالجواب وقد بينت العديد من التجارب صعوبة فهم المزاج الشعبي وتقلباته، لذلك يبقى مفتوحا على كلّ الإحتمالات
2024على الأبواب ومهما يكن السر الذي سينكشف..... سيكون عاما مختلفا عن سابقيه وقد يكون محدّدا في المستقبل القريب للبلاد.

 

المشاركة في هذا المقال

تعليقات394

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115