تونس على طاولة أشغال القمة الأوروبية: فرنسا وايطاليا تتحركان لوقف "الخطر"

تسارعت التطورات المتعلقة بالملف التونسي في أروقة الاتحاد الأوروبي خلال الأيام الفارطة، لتصل إلى مرحلة الإعلان الصريح

بان لازمة الاقتصادية والسياسية في تونس باتت تقلق أوروبا وتمثل خطرا عليها يستوجب التحرك من اجل دعم تونس لمنع موجات من الهجرة غير النظامية إلى القارة.

انتهت القمة الأوروبية المنعقدة في بروكسل يومي الخميس والجمعة الفارط وقد كان لتونس نصيب من أشغال هذه القمة والتي انتهت بموقف فرنسي ايطالي موحد في علاقة بالازمة المالية والاقتصادية التونسية، عبر عنه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورئيسة الحكومة الايطالية جورجيا ميلوني في تصريحاتهما الصحفية عقب القمة وأثناءها. وذلك بعد لقاء ثنائي جمعهما يوم الخميس الفارط في بروكسل تناول جملة من الملفات من بينها ملف الهجرة وتفرعاته والتي شملت تونس وازمتها الاقتصادية والسياسية، ليتفق الثنائي على موقف عبّرا عنه في اليوم الموالي، بشكل صريح ومباشر بدعوتهما في مؤتمر صحفي إلى دعم تونس التي تواجه أزمة مالية خطرة وذلك لتجنب "ضغط الهجرة" الى السواحل الأوروبية.
هنا فصل الرئيس الفرنسي الموقف اكثر، بإشارته إلى قلق بلده وايطاليا بسبب ان "التوتر السياسي كبير جدًا في تونس والأزمة الاقتصادية والاجتماعية المستعرة في ظل غياب اتفاق مع صندوق النقد الدولي ". اذ يرى الرئيس الفرنسي ان هذه العناصر مجتمعة "تؤدي إلى زعزعة استقرار البلاد والمنطقة، وإلى زيادة ضغط الهجرة على إيطاليا والاتحاد الأوربي"، ولتجنب هذا وجب على دول الاتحاد ان "تعمل معا" لمساعدة تونس بهدف "السيطرة على الهجرة" وذلك خلال المدى القصير لضمان النجاح في إيقاف تدفق المهاجرين من تونس".
هذا التطور في الموقف قال عنه ماكرون انه محل توافق فرنسي ايطالي وذلك اثر مناقشة زعيمي البلدين للملف في اجتماعهما الثنائي وهو ايضا ما لمحت اليه رئيسة الحكومة الايطالية وذهبت ابعد من ذلك بقولها ان اوروبا " معرضة لخطر وصول موجة ضخمة من المهاجرين إلى شواطئها من شمال أفريقيا إذا لم يتم تأمين الاستقرار المالي في تونس". لتؤكد ميلوني عقب قمة لزعماء دول الاتحاد الأوربي في بروكسل تحذيرها بالقول "ربما لا يدرك الجميع ضرورة الحفاظ على الاستقرار المالي في بلد يعاني من مشاكل مالية حادة .... "اذا لم يعالج الاتحاد الأوروبي هذه المشاكل بشكل مناسب فإننا معرضون لموجة غير مسبوقة من الهجرة". ليتضح من موقف الجانب الايطالي والفرنسي أن الأوضاع في تونس وتسارع وتيرة احتدام أزمتها الاقتصادية بالأساس في ظل تأخر الوصول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي بات يمثل "خطرا" لأوروبا التي تخشى من توافد مئات الآلاف من المهاجرين غير النظامين اليها قادمين من السواحل التونسية.
هذا المصير الذي تخشاه أوروبا هو من التداعيات المرجحة بشدة لتحقق فرضية رسمتها الدولتان الأوربيتان وعبرتا عنها منذ مطلع الأسبوع الفارط ، تقول بان تونس اذا لم تصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في الاسابيع القليلة القادمة ستكون امام أزمات معقدة ومتشعبة.
فرضية عبر عنها وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني ضمنيا بالتأكيد على ان بلاده ترغب في أن يفرج صندوق النقد الدولي عن قرض قيمته 1.9 مليار دولار لتونس، كما حث الصندوق على إبداء مرونة لتفادي الانهيار المالي المحتمل لتونس". هنا تجتمع الاجزاء المبعثرة لتتشكل الصورة الأكبر، وهي أن أوروبا باتت تنظر الى استمرار تدهور الاوضاع المالية والاقتصادية على انه خطر محدق بها يستوجب التحرك، ويبدو انها اختارت ان تكون خطوتها الاولى حث الدولة والسلطات التونسية على البدأ في تنزيل الاصلاحات الاقتصادية للوصول الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. فمن وجهة نظر اوروبا الحائل اليوم دون الاتفاق مع الصندوق ليس الاخير، بل السلطة التونسية التي تاخرت في تنزيل اصلاحات هي من تقدمت بها للصندوق في اطار خطتها، وان التعثر في الملف اليوم هو سياسي بامتياز لذلك فهي تحث السلطة على ان تتقدم في اتجاه الاصلاح.
موقف يمزج بين دعوة السلطة للتحرك وبين التدخل لفائدة تونس لدى الصندوق ودعوة الدول الأوروبية الى تقديم دعم مالي لتونس، وتلك هي الورقة الاولى للاتحاد الذي يبدو انه اعد خيارات تتضمن ضغطا متصاعدا على تونس والسلطة بهدف دفعها الى تطبيق اصلاحات غير شعبية.
وهنا يقذف الاتحاد الكرة في ملعب السلطة وينتظر ردّها وتفاعلها مع دعوته.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115