جولة إفريقية لماكرون تشمل 4 دول على وقع رفض شعبي: فرنسا ومحاولات استعادة المجد في اللقارة السمراء

بدأ الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون أمس الأول جولة افريقية قادته إلى 4 دول ، استهلّها بزيارة العاصمة الغابونية ''ليبرفيل''

ثمّ أنغولا والكونغو برازافيل وجمهورية الكونغو الديمقراطية . وتأتي الجولة التي رافقتها انتقادات في هذه الدول مع احتجاجات شعبية رافضة في وقت تواجه فيه باريس تراجعا غير مسبوق لدورها في القارة السمراء مقابل تنامي مشاعر العداء لها في أغلب دول القارة السمراء وأيضا في ظلّ بروز أدوار خارجية أخرى في القارة.
وتأتي جولة ماكرون في وقت يشهد فيه النفوذ الفرنسي تراجعا ملحوظا في القارة وسط مساع لإعادة الوفاق للعلاقات المتعكرة بين باريس وعدد من الدول الإفريقية ، وتأتي زيارة الرئيس الفرنسي إلى القارة بعد يومين على طرح ما أسماه ''إستراتيجية أفريقية للسنوات الأربع المقبلة''.
وخلال خطاب سبق الجولة أقر ماكرون بوجود استياء متنام تجاه بلاده في القارة السمراء ، داعيا إلى "بناء علاقة جديدة متوازنة ومتبادلة ومسؤولة" مع أفريقيا.كما أعلن عن خفض الانتشار العسكري الفرنسي الذي يركز منذ 10 سنوات على مكافحة الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، والذي أصبح تجسيدا لإرث استعماري لدى شباب هذه المنطقة المتعطشين لاستقلال "جديد".وأكد الرئيس الفرنسي أن "أفريقيا ليست حديقة خلفية" لفرنسا، داعيا إلى "التواضع والإصغاء وذلك استكمالا لخطاب ألقاه في العاصمة البوركينابية واغادوغو في نوفمبر 2017.
يشار إلى أنّ الجيش الفرنسي انسحب في منتصف عام 2022 من مالي وبوركينا فاسو بعد أن طالبه قبل المجلسان العسكريان الحاكميان في كلا البلدين الى مغادرة البلاد في خطوة عمقت الخلافات بين الطرفين ، ودفعت فرنسا الى محاولة كبح جماح الغضب الافريقي أمام تزايد فرص التحالفات مع أطراف دولية أخرى على غرار روسيا ايطاليا الصين وأمريكا . وتأتي زيارة ماكرون إلى أفريقيا في وقت تتعرض فيه فرنسا، كقوة استعمارية سابقة، لضغوط في العديد من الدول الأفريقية. هدفها إحياء العلاقات التقليدية بين فرنسا والدول الأفريقية.
ملفات عالقة
ويُجمع مراقبون اليوم على أنّ قارة إفريقيا ورغم تأثيرات الحروب الداخلية والتحديات الصعبة التي تواجهها، مازالت غنية بإمكانيات وثروات ضخمة تجعلها محطّ أنظار العالم وفي قلب حرب النفوذ الدائر بين مختلف الدول الرائدة .
وتتزامن جولة ماكرون مع متغيّرات دراماتيكيّة يعيشها العالم على كافة الأصعدة سياسيا واقتصاديا وعسكريا ، إذ تعاني الدول الإفريقية منذ عقود طويلة من تبعات حقبة استعمارية غربية استمرت سنوات طويلة ، ورغم استقلالها استمرت الدول الغربية في اتخاذ قارة إفريقيا كموطئ قدم لها تحت مسميات مختلفة سواء مكافحة الإرهاب أو بسط الأمن أو المشاركة في عمليّات عسكرية مشتركة لحفظ السلام وأيضا تحت مسمى مساعدة الديمقراطيّات الناشئة على مواكبة النكسات السياسية التي تمر بها أغلب دول إفريقيا. إذ تعاني دول إفريقيا من انقلابات وعدم استقرار سياسي وهو ما اتخذته الدول الغربية كذريعة لبسط نفوذها وتكريس وجودها في القارة السمراء الغنية بالثروات .
وفي هذا الوضع الدولي المتغير وبالرجوع إلى تأثيرات جائحة كورونا الكارثية على اقتصاديات دول العالم ودول إفريقيا أيضا ، تجد القارة السمراء نفسها أمام أزمات أخرى ذات تأثير مدمر على الاقتصادات الإفريقية وهي تغير المناخ والصراعات التي لم تحل وأزمة الغذاء الحادة، فضلا عن التحديات التي تفرضها الأزمة الروسية الأوكرانية.

ويرى مراقبون أنّ المشهد الحالي في العالم والانقسام الغربي حول الحرب الروسية الأوكرانية فرض على دول العالم البحث عن بدائل عن العملاق الروسي مما جعل القارة السمراء محط أنظار القوى الكبرى نظرا لإمكانياتها الضخمة . ولطالما كانت قارة إفريقيا محلّ خلافات جادة بين الدول الغربية خاصة بين ايطاليا وفرنسا وذلك بسبب عدّة ملفات عالقة بين البلدين لعلّ أهمها أزمة الهجرة التي تؤرق القارة الأوروبية عامة وتؤثّر بشكل أكبر على كلّ من فرنسا وايطاليا . وأيضا الأدوار التي تلعبها كل من فرنسا وإيطاليا في ساحة الصراع في ليبيا سواء سياسيا أو اقتصاديا.
وتتقدم موسكو على باريس في نطاق نفوذها التاريخي بأفريقيا، مستفيدة من مرتزقة مجموعة ''فاغنر'' الروسية المسلحة وحملات إعلامية تغذي الاستياء حيال فرنسا عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
ويسعى ماكرون الآن إلى الاعتماد على المجتمع المدني وعلى الشتات الأفريقي في فرنسا لطي صفحة "فرنسا الأفريقية" التي طبعتها الكثير من العلاقات المضطربة ودعم حكام محليين مستبدين، حيث وعد "بالدفاع عن المصالح" الاقتصادية الفرنسية بأفريقيا، في حين تحرز دول مهمة مثل الصين وتركيا تقدما هائلا في القارة.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115