هل تجلس دمشق على مقعدها في الجامعة العربية في شهر مارس القادم؟

كان تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول في نوفمبر 2011، بمثابة نقطة التحول في تاريخ الجامعة، والصدمة التي اعتبرها مراقبون خطوة

تخلو من الدبلوماسية، لأن سوريا كانت من أوائل الدول المؤسسة والمنضمة إلى لواء جامعة الدول العربية، في هذا الإطار هناك مجموعة أسئلة تفرض نفسها اليوم على المراقب والمحلل السياسي، لعل أهمها: الم يحن الوقت الوقت لعودة سورية الى الجامعة العربية؟ حتى لو أدى ذلك الى غضب الإدارة الأمريكية وحلفائها؟ أم يجب على العرب أن ينتظروا موقف أمريكا وجل دول الخليج الى حين صدور أوامرهم بعودة سورية الى مقعدها الذي ما زال الى حد الآن شاغراً؟ فسورية باتت المفتاح لوضع المنطقة على المسار الآمن، لذلك أدرك العالم متأخراً أن سورية دولة مركزية في منطقة الشرق الأوسط، وما يجرى فيها له إرتداداته وإنعكاساته على المنطقة بأكملها خاصة لما تمثله من ثقل في محيطها العربي وبوابة الوجود العربي والقومي في المنطقة، فضلاً عن مواقفها المتميزة تجاه القضايا القومية في معركتها ضد مؤامرة الشرق الأوسط الكبير.

ولم يعد سراً على الإطلاق أن هناك اتصالات مستمرة طوال السنوات الماضية الى يومنا هذا مع عدد من العواصم العربية، هدفها إعادة العلاقات بين دمشق والدول العربية إلى ما كانت عليه في السابق، فالموقف العربي المعادي لدمشق بدأ يتراجع خطوات الى الخلف فى الآونة الأخيرة، هذا ما عجل بالتقارب السوري الكويتي، وليست الكويت وحدها من يدخل مرحلة فتح السفارات السورية، فتونس فعلت ذلك ولم تقطع لبنان والعراق والجزائر والسودان والامارات والبحرين علاقاتهابالحكومة السورية، ولا نستبعد إقدام دول خليجية أخرى على الخطوة نفسها، وهناك حالة من التناغم بين الرياض ودمشق من خلال مبادرات لعودة العلاقات بينهما، بالتزامن مع قرب انعقاد القمة العربية في الرياض في نهاية مارس المقبل.
في هذا السياق يؤكد عدد من المحللين السعوديين أن المملكة السعودية لن تكون عائقاً أمام عودة سوريا الى الجامعة العربية، كما انها تسعى في الوقت نفسه الى لم الشمل العربي كما تسعى بكل جهدها ألا تكون أية دولة عربية خارج القمة، ومن هنا فان عودة العلاقات إلى مجاريها الطبيعية بين الدولتين الرئيسيتين في منطقة الشرق الأوسط وهما سورية والسعودية بكل تأكيد يخدم مصالح الدولتين، وينعكس إيجابيا بالدرجة الأولى على التقليل من التوتر ويحوله إلى شيء من التنسيق والأداء المتناغم الذي يصب لصالح السلام والاستقرار في المنطقة، لان البلدين وزنهما وأهميتهما في المنطقة العربية.
على خط مواز، إن إستعادة دمشق لمكانتها العربية والدولية يعيد بريق الريادة مرة أخرى فى المنطقة رغم التدهور الحاصل فى بعض الدول العربية، لكنها قادرة على إستعادة الزمام ولململة شتات النظام الإقليمى العربي من جديد وتثبيت أركانه بالتنسيق والتعاون مع الرياض والقاهرة، وإني على يقين أن خطوات عودة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بين سورية ومصر والسعودية وغيرها من الدول العربية، ستترتب عنها اوضاع إقليمية جديدة، ستعيد دور دمشق الإقليمي بقوة، الذي ينعكس إيجاباً على المنطقة العربية بأسرها ويمثل عاملاً مساعداً لتخفيف الهزات التي تعرضت لها المنطقة، بما تمثله سورية من ثقل في محيطها العربي والإسلامي، وهذا يدفع إلى التساؤل عما إذا كان مقعد سورية الذي بقي شاغراً خلال أعمال القمة العربية التي إنعقدت في الجزائر ستستعيده دمشق في آذار المقبل حين تحتضن الرياض القمة المقبلة.
علينا اليوم تغيير المعادلة في المنطقة لأننا نقف أمام حقيقة واقعية وهي لا حرب من دون سورية ولا سلام من دون سوريا وما يحصل اليوم محاولة فرض سياسة أمر الواقع الإسرائيلي على المنطقة، وإن ما يحاك للمنطقة أكبر بكثير من مسألة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وعندما نرى من هم الذين يطالبون بحقوق الإنسان والحريات والديمقراطية نعرف ما يدبر ضد سوريا كمقدمة لإدخال المنطقة في بيت الطاعة الإسرائيلية وإنهاء القضية الفلسطينية والمقاومة في لبنان.
إن سوريا هي الأكثر مسؤولية في إيقاظ الصحوة القومية المنشودة والحفاظ على ثوابتها بحكم دورها التاريخي في صياغة الحل العربي على مدى الحقب والأزمان، وأنها الأكثر قدرة وجرأة على جذب بل دفع الآخرين نحو الطريق، بعد أن أثبت تاريخ العرب الطويل بأن دمشق هي الفاعل المؤثر، كما يقع على عاتق مصر والسعودية أن يلعبا دورهما السياسي في إعادة سورية الى مقعدها، لأنهما المؤهلان للقيام بهذا الدور، بإختصار شديد ستشكل عودة سورية الى مقعدها في جامعة الدول العربية صفعة جديدة للأعداء مما من شانه أن يقيم توازناً جديداً في المنطقة مع حدوث تغيير مهم في معادلة إدارة الصراعات، وعاملاً أساسياً في قيادة الدفة العربية مع نهوض مصر والسعودية من جديد.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115