الحب والموسيقى في مسلسل "رقوج" ايقاعان متمردان ينشدان الحرية كما زوربا العاشق

"هو الحب كذبتنا الصادقة"

هكذا قال درويش يوما والموسيقى تحول كل الاكاذيب الى حقيقة وتحول الوهم املا تلامسه الروح وتعبر من خلالها الى نبضات القلب وعوالم سحرية يرقص لها القلب فرحا.

وبين الحب والموسيقى يصنع مسلسل "رقوج" سيرة انسانية تسرد اجمل قصص الحب وتضع الموسيقى وسيلة لإيصال تلك الطاقة المختلفة، فالموسيقى صوت للعاشقين وعبر تلك الايقاعات الرقيقة يصنع حمزة بوشناق اجمل التعابير العاشقة، يرافق بموسيقاه سيرورة قصص العشق في المسلسل.
الحب تيمة فنية يعمل عليها عبد الحميد بوشناق في كل اعماله التي انجزها للدراما، الحب بما هو مشاعر صادقة وتلقائية تجمع اثنين يتشاركان مشاعر لا تفسّر واحساس بحضور الاخر مربك ومفرح ونجح في اعماله في تقديم صورة ترسخ في ذاكرة المتلقي واهمها "ماهر وحبيبة" وقصة الحب الرائعة والمربكة في مسلسل النوبة بجزأيه.
الحب والثنائيات الجميلة تصنع اللعبة الدرامية وتساهم في تطور احداث العمل وكلما زادت حدة العنف وكثرت مشاكل الشخصيات يكون الحب اجمل مهرب للجميع، وفي الاعمال تكتب قصص الحب ولحظاته الجميلة والشبقة بالموسيقى، فالموسيقى في مسلسل رقوج كتابة ثانية موجهة وبسيطة، كتابة لا تحتاج نصا منطوقا ولا اشارات لانها تصوّب سهامها الى القلب مباشرة، كتابة تتجاوز كل الحدود وتدفع متابعي العمل ليصنعوا عوالمهم الخاصة بهم، وقصص الحب جميعها كتب لها حمزة بوشناق ايقاعات و"ريتم" يختلف من حكاية الى اخرى.
موسيقى مسلسل "رقوج" مبهرة، تدفع المستمتع للانصات بكل الجوارح والانسجام معها، الموسيقى رحلة خيالية وصادقة في الوقت ذاتها، ايقاعات عنوان للفرحة والحب في ذات الوقت تعزفها طيلة العمل فرقة "بيدرو" ليؤكد حمزة بوشناق على ضرورة الفنان وقيمة وجوده الفنية والانسانية في المجتمع والمجموعة، فلولا الموسيقى لكانت الحياة جافة خالية من المشاعر، تشبه كهفا باردا في ليلة شتوية.
صنع حمزة بوشناق لكل لقاء موسيقاه الخاصة، لكل عشاق وعاشقة ايقاعاته الخاصة به، اختلفت الايقاعات حسب الحكاية فجميعهم يعيشون حالات الوجع والخوف والفرح، جميعهم ينتقلون من لحظة الشبقية الى اقسى الوهن، لحظات ومشاعر تلتقطها اذن موسيقار مميز ويحوّلها الى موسيقى ساحرة كانت بمثابة الشخصية الثابتة في العمل، موسيقى تحضر بقوة في المشاهد وتوجّه قصص الحب وترافقها.
في لقاءات "يوسف ومحبوبة" تكون الموسيقى كما الرحلة الى عوالم الغجر، بألوانهم المميزة وايقاعاتهم الصاخبة الغجر بطاقتهم وإقبالهم على الغناء منها تستلهم تلك الايقاعات المميزة لقصة حبّ استثنائية في عوالم فانتازية مبهرة، عوالم تشبه صرخات درويش حين قال في " لا اريد لهذه القصيدة ان تنته":
“من سوء حظي أَني نجوت مرارًا"
من الموت حبًا
ومن حسن حظي أني ما زلت هشًا
لأدخل في التجربةْ!
يقول المحب المجرب في سره:
هو الحب كذبتنا الصادقةْ
فتسمعه العاشقةْ
وتقول : هو الحب، يأتي ويذهب
كالبرق والصاعقة
وقصة حبّ "ماهر لناجية" تتماهى مع ايقاعات الفلامنكو الموجعة، قصة حب من طرف واحد تنسجم مع وجع الفلامنكو وإيقاعاته الصاخبة على الارض تعبيرة عن العنف والخوف.
قصة حب "عيدة لميلاد" رغم صمتها تبوح بها الموسيقى لتشبه رحلة الى عوالم سيسيليا وايقاعاتها الهادئة، موسيقى تغلب عليها ايقاعات الة الكمان، تلك الالة المشحونة بالحب يبدع زياد الزياري في ايصالها الى جمهور المسلسل،، فقصة حبّ "بادرو لشامة" بكل متناقضاتها، وعنفها وترددها، ثنائي مربك وكل منهم يحمل بداخله خوفه من رفض الاخر، قصة تكتب بالة "الترومبات" وخلفها العازف العاشق سيّد زغل فكانت الموسيقى صاخبة كروح منهكة تتوق دوما للحرية.
الحب في "رقوج" سلاح لمقاومة كل انواع الوجع، الحب افيون جميل يستهلكه العاشق فتسكنه روح سيزيف ليدفع حجرات الحب دون خوف من المجموعة، الحب تيمة فنية وانسانية تصنع بالموسيقى المميزة لكل حكاية، موسيقىة تصورية كتبها حمزة بوشناق ونفذها عازفين مهرة لكل منهم روحه في العزف والتماهي مع الته فابدع زياد الزواري وسيد زغل واسكندر عبيد ويوسف شوالي وعلي مورالي ومجموعة "سلتيكا" (حسني حمدي وراضي شوالي) في نحت ملامح موسيقى تعزف من القلب لتصل الى القلب.

 

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115