في اليوم 51 بعد المائة من الحرب تعمّق الخلاف بين واشنطن وتلّ أبيب ... هل تطيح حرب غزة بحكومة نتنياهو ؟ '' 80% من أطفال غزة يعانون فقرا غذائيا حادا.. والوفاة بانتظارهم حال استمرار الحصار''

تسود حالة من التوتر على العلاقات بين إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن،

ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخصوص الحرب في قطاع غزة ، فوفق مراقبين تشهد العلاقات بين الطرفين جفاء غير مسبوق ترجمته تصريحات صادرة عن إدارة البيت الأبيض تطالب سلطات الإحتلال بوقف فوري لإطلاق النار ، في أحدث دعوة صريحة توجهها واشنطن لحكومة نتنياهو بعد 151 يوما من الحرب التي خلّفت أكثر من 30 ألف شهيد وأكثر من 70 ألف جريح . ووفق متابعين يرتقي الخلاف بين أمريكا وإسرائيل حد سعي الأولى إلى اختيار بديل لنتنياهو ، حيث ربط محللون الزيارة التي يؤديها الوزير في حكومة الحرب بيني غانتس إلى واشنطن للقاء كبار المسؤولين الأمريكيين،بهذا السعي الأمريكي. ووفق تقارير فإنّ على جدول زيارة غانتس نقطتان: ملف المحتجزين، واستمرار المساعدات الأمريكية لتل أبيب.

ويربط عديد المراقبين بين تبدل الموقف الأمريكي تجاه حرب غزة وبين الانتخابات الرئاسية التمهيدية الجارية والتي تمهد للانتخابات القادمة . فهناك تخوف من الرئيس الأمريكي بادين بان تؤثر الحرب في غزة على هذا السباق الانتخابي لذلك يود ان يطوي صفحة الحرب الإسرائيلية الدائرة خشية من اية تداعيات محتملة لها على الاستحقاق الانتخابي .
يشار إلى أنه في بداية الحرب تلقت "إسرائيل" دعما أمريكيا كبيرا على الصعيدين السياسي والعسكري رغم المواقف الدولية المنددة بممارسات الإحتلال في غزة، حيث قال بايدن في ديسمبر الماضي إن بلاده ستواصل تقديم الدعم العسكري لإسرائيل حتى تتخلص من حركة حماس، مؤكدا التزامه بدعمها . هذا الموقف قابله انقسام داخلي بداية في أمريكا خصوصا داخل أروقة الكونغرس حيث اعترضت أصوات على هذا الدعم المستمر وغير المشروط المقدم من واشنطن لتل أبيب، والذي تستخدمه الأخيرة في حربها الشرسة ضد المدنيين في قطاع غزة.
لكن تعنّت حكومة نتنياهو وتمسّكها بخيار استمرار الحرب وفشل كل مساعي إقناع "إسرائيل" بوقف إطلاق النار رغم الدعوات الدولية وضغوطات المجتمع الدولي ، كلّ ذلك عمّق الخلافات بين الجانبين الأمريكي والإسرائيلي. وبدأت ملامح الخلاف عقب الزيارات المتتالية التي أداها وزير خارجية واشنطن انتوني بلينكن مرارا إلى الأراضي المحتلة لكن دون التوصل إلى نتيجة تذكر . وهو ما عمق الخلاف بين الطرفين نتيجة تعنت حكومة نتنياهو الخاضعة لضغوط سياسية كبرى صلب الحكومة . وبعد زيارته لـعدد كبير من دول في المنطقة لكن لم يتم تحقيق تقدم في سياق المحادثات الدائرة لوقف إطلاق النار، ما يزيد من ضبابية المشهد ويطيل أمد الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر المنقضي.
خلف هذا الانقسام بين الطرفين خلافات علنية بين الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل وهي المرحلة الأسوأ بين الطرفين منذ بدء الحرب الإسرائيلية ضد حماس في غزة في أكتوبر.وفي ختام رحلة شملت 4 دول في الشرق الأوسط قبل أسابيع قليلة، عاد وزير خارجية واشنطن انتوني بلينكن إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد تلقيه رفضا لمقترحات عديدة لهدنة وتسوية من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قال إن الحرب ستستمر حتى تنتصر إسرائيل تماما، وبدا أنه يرفض بشكل قاطع رد حماس على خطة وقف إطلاق النار المقترحة.
ووفق تقارير إعلامية وفي مؤشر جديد على تصاعد حدة الخلافات داخل ائتلاف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن حرب غزة، تأتي زيارة الوزير بيني غانتس ،عضو مجلس الحرب الإسرائيلي، إلى واشنطن دون تنسيق مسبق أو الحصول على تصريح من نتنياهو نفسه، وذلك للقاء عدد من كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، ومن بينهم نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.
وذكرت صحيفة ''وول ستريت جورنال'' ، نقلا عن مصدر وصفته بالمطلع ، أن غانتس أبلغ نتنياهو بزيارته لواشنطن بعد تحديد جدول أعمالها، مضيفا أن الأخير "يتملكه الغضب الشديد". ورأى المصدر أن زيارة غانتس "تعكس انقساما حادا في القيادة السياسية الإسرائيلية"، بحسب الصحيفة الأمريكية. يأتي هذا بينما ذكرت وسائل إعلام عبرية أن الخلاف وصل لدرجة أن حكومة نتنياهو أمرت السفارة الإسرائيلية في واشنطن بمقاطعة اجتماعات غانتس مع مسؤولي إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وقال مسؤولون إسرائيليون إن "الولايات المتحدة محبطة من حكومة نتنياهو".
ووفق مراقبين، قيل أنّ دعوة الإدارة الأمريكية غانتس لزيارة واشنطن، تحمل رسالة مباشرة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.ووفق نفس التقارير أيضا تظهر تلك الزيارة حتما أن هناك شخصاً في الحكومة الإسرائيلية يجد المسؤولون الأميركيون أنه يستحق ثقتهم، بعد اتساع الفجوة بين بايدن ونتنياهو على المستوى الشخصي.وعند هذه النقطة تحديدا، أشار موقع "المونيتور" الأمريكي، إلى أن زيارة غانتس إلى واشنطن تأتي في خضم تقارير تشير إلى أن إدارة بايدن "باتت تفقد صبرها مع نتنياهو" بشأن إدارته للحرب في غزة، ورفضه التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب.
دعوة صريحة لوقف إطلاق النار

وفي سياق الخلافات المتزايدة بين إدارة البيت الأبيض وحكومة نتنياهو قالت كاملا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي إن ''إسرائيل'' لا تفعل ما يكفي لتخفيف "كارثة إنسانية" في غزة، بينما تواجه حكومة الرئيس جو بايدن ضغوطا لكبح جماح حليفتها، وأمس استقبلت هاريس ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس.وفي كلمة خلال زيارة لمدينة سيلما بولاية ألاباما حثت هاريس حماس على قبول اتفاق للإفراج عن الرهائن من شأنه تطبيق وقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع والسماح بتدفق مزيد من المساعدات.لكنها وجهت معظم تعليقاتها إلى إسرائيل فيما بدا أنها أكثر التعليقات حدة حتى الآن على لسان كبار القادة في الحكومة الأمريكية ممن دعوا إسرائيل إلى تخفيف الأوضاع في غزة.وقالت هاريس "يتضور الناس جوعا في غزة، الظروف غير آدمية وإنسانيتنا المشتركة تلزمنا بالتحرك"، وأضافت "لا بد أن تفعل الحكومة الإسرائيلية المزيد لزيادة تدفق المساعدات بشكل كبير، لا أعذار".
وقالت هاريس إنه يتعين على إسرائيل أن تفتح معابر حدودية جديدة، وليس فرض "قيود غير ضرورية" على توصيل المساعدات وحماية العاملين في المجال الإنساني وقوافل المساعدات الإنسانية من أن تصبح أهدافا والعمل على استعادة الخدمات الأساسية وتعزيز النظام كي يتسنى وصول المزيد من الغذاء والماء والوقود للمحتاجين".
أنباء عن "تقدم ملحوظ"
من جهتها ذكرت وسائل إعلام مصرية ،أمس الإثنين، أن "تقدّما ملحوظا" سجّل الأحد خلال المحادثات من أجل التوصل إلى هدنة في قطاع غزة والتي تشارك فيها مصر وحركة حماس وقطر والولايات المتحدة.
وأشارت قناة "القاهرة" الإخبارية إلى استئناف المحادثات اليوم في يومها الثاني.ويحاول الوسطاء المصريون والقطريون والأميركيون منذ أسابيع التوصل إلى اتفاق على هدنة في الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر بين حركة حماس وإسرائيل إثر هجوم غير مسبوق للحركة الفلسطينية على كيان الإحتلال.ويفترض أن تشمل الهدنة إطلاق سراح رهائن محتجزين في غزة ومعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
من جانبها، ذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن "إسرائيل لم تطلب من حماس قائمة بأسماء المحتجزين الأحياء بل طلبت عددهم".
«يونيسف» تحذر من الجفاف وسوء التغذية

ميدانيا حذرت المديرة الإقليمية لـ«اليونيسف» في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أديل خضر أمس ، من «تزايد وفيات الأطفال الناجمة عن الجفاف وسوء التغذية ما لم تنتهِ الحرب في قطاع غزة».
وأشارت خضر، في بيان، إلى أن «حياة آلاف الأطفال والرضع في القطاع تعتمد على إجراءات عاجلة مرتقبة، منها ضمانات أمنية ومرور دون عوائق، لتوزيع المساعدات». وشددت على أن «وفيات الأطفال، التي كنا نخشى وقوعها، أصبحت حقيقة واقعة، بينما يجتاح سوء التغذية قطاع غزة».
وسلطت خضر الضوء على «الأطفال العشرة، على الأقل، الذين توفوا بسبب الجفاف وسوء التغذية في مستشفى كمال عدوان، شمالي قطاع غزة، في الأيام الأخيرة»، بحسب تقارير.ومنذ 7 أكتوبر الماضي، تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي حربًا دامية على قطاع غزة، أدت إلى أكثر من 120 ألفًا من الشهداء والجرحى والمفقودين، بينهم عدد كبير من الأطفال.

سياسات نتنياهو

من جهته قال د. خيام الزعبي الكاتب والأكاديمي السوري لـ''المغرب'' أنّه وسط تصاعد الحروب في المنطقة، فهناك حرب في أوكرانيا، وأخرى في قطاع غزة، وخلافات بين باكستان وإيران، ناهيك عن هجمات البحر الأحمر، واقتتال في السودان وليبيا، والضربات في سورية والعراق، وأيضاً جنوب لبنان الملتهب، كما تخوض روسيا والصين وإيران حربا علنية مع الولايات المتحدة، والنزاعات المحتملة، مثل: بحر الصين الجنوبي، وشرق المتوسط، والبلقان، وزيادة حضور اليمين المتطرف في دول غربية، كل هذه التوترات باتت تنذر بنشوب حرب عالمية ثالثة.
وأضاف أن ''ما يحصل في غزة اليوم هو حلقة جديدة من سلسلة السياسات السرية والعلنية التي إنتهجها الكيان الصهيوني وحلفاؤه، ومحاولتهم التخلص من المقاومة وإشغال محور المقاومة عن دوره الكبير الذي يمارسه الآن في دعم فصال المقاومة ضد هذا الكيان ، والتأثير على دعمه لمنظمات المقاومة، مثل سورية وإيران وحزب الله والآن يتم استهداف العراق وتعطيل دوره لمنعه من أن يكون ذات قوة مؤثرة، ويساهم نتنياهو اليوم في المخطط الأخير لخنق غزة عبر قصفه للمدنيين وتدمير البنية التحتية هناك، بما جعل له تداعيات إقليمية ودولية عديدة محتملة، قد تدفع نحو نشوب حرب عالمية ثالثة''.
وأشار ''متابعة تطورات الأحداث في المنطقة الآن، يكشف عن تنشيط وتحريك المشروع التآمري للولايات المتحدة وحلفاؤها على سورية والعراق وحزب الله في منطقة الشرق الأوسط دعماً لأمن وإستقرار الكيان الصهيوني وخدمة لمصالح الدول الحليفة لهذا المشروع في المنطقة، فسوريا والعراق وحزب الله تواجه عمليات إرهابية يومية نتاج هذا المشروع ولم يبق إلا أن يتسع هذا المشروع ليشمل إيران ''.
وأكد ''بالتالي إن احتمالات توسع الحرب قائمة وترتفع كلما استمر العدوان الاسرائيلي على غزة، واستمر انخراط بعض الأطراف، مثل: حزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، والمقاومة الإسلامية في العراق، إذ أن مستويات التوتر والضربات المتبادلة في مختلف الجبهات في ازدياد مستمر، بالمقابل، إن سعي الولايات المتحدة لاحتواء الحرب وحصرها في غزة قد أدّى لنتائج عكسية، حيث توسّعت ، وخصوصا في جبهتَي جنوب لبنان، وجنوب البحر الأحمر، بمعنى إن استمرار الحرب على غزة أدَّى لانخراط حزب الله والحوثيين والمقاومة الاسلامية في العراق، واستمرار ذلك يحمل مخاطر انخراط إيران فيها، وإذا ما حصل ذلك فإن ذلك يرفع من احتمالات تدخل روسيا و الصين بشكل كبير. وعلى الطرف الأخر، إن منطقة الشرق الأوسط كلها تقف أمام عملية تغيير جذرية وقد لا يسلم من جرائها أحد، أنظمة ستسقط وأخرى ستنشأ، وحدود ستتغير، وما زلنا في بداية الطريق، أو بالقرب من المحطة الأولى، ولا أحد يعرف أين وكيف ستكون المحطة الأخيرة، وصمود غزة يعني إنفجار القنبلة الفلسطينية في وجه نتنياهو وعودة جيشه الى المواجهات الدموية مجدداً'' وفق تعبيره.
وأضاف الزعبي" منذ الحرب الاسرائيلية على غزة، تعيش إسرائيل وذيولها حالة متنامية من القلق والخشية غير المسبوقين، فإسرائيل متيقنة من أن الرد آت لا محالة، ومفتقرة في الوقت نفسه إلى معلومات حسية تقودها إلى تحديد مكان الرد وزمانه وحجمه وأسلوبه، الأمر الذي يطلق العنان لتقديرات وتنبؤات استخبارات واسعة، وهي في أغلبها تقديرات تشاؤمية مقلقةفي هذا السياق، إن نتنياهو يلعب بالنار وأن جيش الاحتلال يتحمل نتيجة ما يرتكبه الآن، وإن للمقاومة الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها، فالحرب القادمة بين المقاومة والكيان الصهيوني ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم هذا الكيان الغاصب وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، كما أنها ستدفع بالقوى الدولية لإعادة النظر في حقيقة موازين القوى وسبل قياسها، فالمقاومة لن تفاجئ الكيان الصهيوني في حجم ترسانة صواريخها وتنوعها فحسب، بل ستفاجأها أيضاً بأسلوبها وجهوزيتها القتالية على مستوى العدة والعديد. إن المنطقة اليوم تدخل في مرحلة جديدة سيكون عنوانها التغيير، وسيتمخض عن المعركة الدائرة مع العدو ولادة شعب عربي متحرر من خوف الأعداء، وسينتج عنها إستعادة المحور المقاوم لدوره، وتعزيز ثقافة المقاومة بين شعوب المنطقة، المستندة إلى برنامج وطني نضالي واحد هدفه تحرير الأراضي المحتلة'' على حد قوله .
وختم'' إن الحرب على غزة، وَفق هذا المنظور، تسرّع نحو رسم شرق أوسط جديد ، إنها معركة الإرادة الواحدة والجبهة الواحدة في مواجهة عدو واحد وهجمة موحّدة. وإنطلاقاً من كل ذلك، فإن الحرب في الشرق الأوسط ستظل مشتعلة ومستمرة إلى أن يعلن الفلسطينيون قيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس".

 

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115