330000 شخص دون مأوى في شوارع فرنسا حسب تقرير رسمي، 16% من الفرنسيين يهددهم الجوع

مع اقتراب موعد الألعاب الأولمبية بباريس في شهر جويلية القادم،

أقدمت السلطات المحلية على "تطهير العاصمة" بمنع الأشخاص "بدون مسكن قار" الذين يعيشون وينامون في الشوارع من احتلال الأرصفة والمباني المهجورة والأماكن العامة. في نفس الوقت أصدرت منظمة "إيمايوس" التي أسسها القس بيار تقريرها السنوي عدد 29 حول المسكن في فرنسا اين تذكر أن نسبة الأشخاص الذين يعيشون في الشوارع وصلت إلى 330 ألف.

تعتني منظمات "إيمايوس" و"الإغاثة الكاثوليكية" و"الصليب الأحمر" و"جيش الخلاص" وعدد آخر من المنظمات الخيرية الجهوية والمحلية بالتدخل لفائدة الفقراء والمحرومين وخاصة الأشخاص الذين ليس لهم مسكن وهم مجبرون على العيش في الشوارع. وتتفاقم الأوضاع مع قدوم موسم الشتاء الذي يشهد ارتفاعا ملحوظا في نسبة الوفيات في الشارع من جراء البرد. وأكد كريستوف روبار رئيس منظمة "إيمايوس" أن "هذه السنة شهدت تدهورا ملموسا لأزمة السكن" مضيفا أن "قنبلة اجتماعية" انفجرت بدون أن تجد السلطات مخرجا لتفاديها.

وضع مزري في بلد حقوق الإنسان

ذكر تقرير "إيمايوس" أن عام 2023 يعتبر "سنة سوداء" بالنسبة للسكن. ولم تسخر السلطات سوى 200 ألف سرير لمساعدة الأشخاص "بدون مسكن قار" بالرغم من وعود الرئيس إيمانويل ماكرون عام 2017 بحل جذري لهذه الأزمة. في الواقع يعيش مئات الأشخاص بدون مأوى في الشوارع من بينهم 2400 طفل. وهم في أغلبهم من الفقراء والمهاجرين وطالبي اللجوء والعاطلين عن العمل.وأصبح مشهد الحشود الذين يعيشون في الخيم على ضفاف الأنهر وفي شوارع المدن والضواحي أمرا عاديا. ولا يقتصر ذلك على الأراضي الفرنسية، بل يمتد إلى "أراضي ما وراء البحار" أي في الجزر التابعة لفرنسا في "لي أنطي" و "غويانا" و"مايوت" اين يعيش 600 الف شخص في الشوارع بدون مأوى.
وندد التقرير بالانخفاض الملموس في الميزانيات العموميةللسكن حيث تدنى مستواها إلى 41،5 مليار يورو. وهو ما جعل عدد رخص بناء المساكن الشعبية تصل إلى 80 ألفعام 2023 مقارنة بعدد 124 ألف عام 2016. ولايوجد سوى 295 ألف مسكن في صدد البناء في حين وصل هذا العدد إلى 435 ألف عام 2017، سنة انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا للجمهورية. في نفس الوقت سجلت البلديات وهيئات السكن الاجتماعي 2،6مليون طلب سكن من قبل العائلات الفرنسية قليلة الدخل. وذكر التقرير أن 95% منها لا يمكنه شراء المنازل الصغيرة المتوفرة في السوق بسبب قلة الموارد وارتفاع نسب الفائدة لدى البنوك.
الفقر يضرب 9 ملايين شخص
يأتي تقري "غيمايوس" في ظروف اجتماعية متدنية آخر مراحلها انتفاضة المزارعين في الأسابيع الأخيرة ضد السياسات الحكومية والتي ترمي ببعض الفلاحين إلى الإفلاس. وقد سجلت المنظمة الوطنية للفلاحين خلال السنة الماضية إنتحار فلاح كل يوم بسبب تردي الأوضاع. وأعلن المركز الوطني للإحصاء في تقرير نشر أواخر 2023 أن نسبة الفقر وصلت بعد جائحة كورونا إلى 14،5% عام 2021 أي 9،1 ملايين فرنسي يعيشون تحت مستوى الفقر بزيادة 552 ألف بالنسبة لعام 2020. مستوى الفقر في فرنسا حددته الحكومة بدخل لا يفوق 1158 يورو شهريا وهو يمثل 60% من الدخل المتوسط. لكن الإحصائيات اشارت إلى أن 50% من الفقراء لا يتعدى دخلهم الشهري924 يورو من بينهم 7،4% يتمتعون بشغل و35% عاطلين على العمل و25،6% لهم عائلات كبيرة لها أكثر من ولدين، وغالبيتهم من النساء.
وطغت على المشهد الاجتماعي طوابير في جل أنحاء فرنسا لأشخاص تنتظر الإعانة والمؤونة دخلت في الشأن العام اليومي منذ جائحة كوفيد 19. يأتي في طليعة المستفيدين الطلبة والعاطلين على العمل واللاجئين والمهاجرين. وتفاقمت الأزمة قي الأسابيع الأخيرة إثر صيحة الفزع الذي أطلقها رئيس جمعية "مطاعم القلب" باتريس دوري للمطالبة بالتدخل السريع لمنع افلاس الجمعية، التي أسسها الكوميدي "كوليش "، والتي تسدي خدمات مجانية في الغذاء اليومي لأكثر من مليون شخص يوميا.
تفاقم أزمة قلة التغذية والجوع ترجع ظرفيا إلى ارتفاع نسبة التضخم في المواد الغذائية إلى أكثر من 10%. لكن هذه الحالة تشير إلى أزمة هيكلية عميقة اندلعت أولى مظاهرها عند انتفاضة حركة "السترات الصفراء" في أكتوبر 2018 قبل جائحة كورونا والتي أظهرت عدمقدرة شرائح عريضة من المواطنين علىضمان تغذية أفراد العائلة بالرغم من كونهم يتمتعون بموطن شغل قار. وأشار تقرير لمنظمة "الإغاثة الشعبية" أن 5 إلى 7 ملايين من الأشخاص يتلقون إعانة غذائية أي بنسبة 10% من الفرنسيين. وقد تضاعفت هذه النسبة 3 مرات في العشر سنوات الأخيرة. تبقى أهم منظمة تسدي خدما إنسانية يومية منظمة "مطاعم القلب" التي تمتع بخدماتها الغذائية 1،3 مليون شخص يوميا عام 2023 مقابل 1،1 مليون شخص عام 2022.
هذه الوضعية ليست حكرا على فرنسا، بل هي منتشرة في جل البلدان الغنية منها والفقيرة. حسب آخر تقرير لمنظمة التغذية العالمية التابعة للأمم المتحدة، شملت حالات الجوع 402 مليون شخص في آسيا و282 مليون شخص في إفريقيا و43 مليون شخص في أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي.ويشمل الأمن الغذائي في العالم 3،1 مليار نسمة لا يمكنهم الحصول على تغذية سليمة بسبب التضخم المالي وارتفاع سعر المواد الغذائيةإثر جائحة كورونا وذلك بالرغم من الإجراءات الحكومية المتخذة في كل أنحاء العالم للحد من تدهور الوضعية الغذائية.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115