دول عديدة تلتحق بالولايات المتحدة وتعلق تمويلها للوكالة ... "إسرائيل" تقود حملة عالميّة ضدّ الاونروا وتهدّد العمل الإنساني في غزة

التحقت اليابان والنمسا بالولايات المتحدة وبدول أخرى

أعلنت تعليقها تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بعد مزاعم تورط أفراد من موظفيها في المشاركة في هجوم حماس على "إسرائيل" في 7 أكتوبر الماضي.والأمر يتعلق ب 12 موظفا ادعت إسرائيل أنهم شاركوا في الهجوم ما يقارب 13 ألف موظف . وتهدد هذه الخطوة العمل الإنساني المستمر خاصة في قطاع غزة المنكوب الذي يتعرض لأكبر هجمة صهيونية في تاريخ الصراع مع الإحتلال. ووفق مراقبين يعدّ قرار الدول الأوروبية التي أعلنت تعليق تمويلها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، عقابا جماعيا للاجئين ودعما لمنهج إسرائيلي يهدف لتعطيل عمل الوكالة، خاصّة في ظلّ الأوضاع الكارثية التي يعيشها الفلسطينيون منذ عقود والتي زادت حدّتها مع حرب غزة الدائرة حاليا. ويتسائل شقّ من المحللين حول المشهد المقبل وهل سيكون هناك تحرك من الدول العربية ذات الثقل في المنطقة والخليجية بالأساس لتخفيف وتعويض هذا النقص الحاد في التمويلات نظرا لتأثيرات ذلك على سياسات الوكالة وجهودها لتغطية آثار الحرب المدمّرة على هذه الفئة الهشة في الأراضي المحتلة.

وقد قامت وكالة الأونروا بعد ذلك بوقف عقود العديد من موظفيها، بناء على ادعاءات الاحتلال.وتلا ذلك إعلان عدة دول وقف الدعم المقدم لهذه المنظمة الأممية، والمقدر بـ 80% من الميزانية.وهي الولايات المتحدة الأمريكية وكندا ، أستراليا وإيطاليا والمملكة المتحدة وفنلندا وهولندا وألمانيا وفرنسا واليابان ويوم أمس النمسا. فيما قالت سويسرا أنها ستتريث حتى الحصول على مزيد من المعلومات قبل اتخاذ قرار بشأن مساعدتها للأونروا. كما أعلنت النرويج أنها ستواصل تمويل الوكالة رغم الشكوك حول تورط بعض موظفيها في هجوم حماس على "إسرائيل".
ولعلّ تصريح مفوض الأونروا لازاريني والذي قال فيه "إنه لأمر صادم أن نرى تعليق تمويل الوكالة كرد فعل على الادعاءات ضد مجموعة صغيرة من الموظفين"، لا سيما في ضوء التدابير التي اتخذتها الوكالة الأممية التي "يعتمد عليها أكثر من مليوني شخص من أجل البقاء على قيد الحياة".يلخص تداعيات أو انعكاسات هذه الحملة العالمية ضد الاونروا والتي تقودها "إسرائيل" مدعومة من الولايات المتحدة أو "معسكر حلفاء إسرائيل " .
وتشمل قائمة أهم الدول المانحة للأونروا الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تعد المانح الأكبر للأونروا، حيث بدأت جهود التمويل منذ أكثر من 6 عقود، وأصبحت شريكا قويا للوكالة، وهي عضو في اللجنة الاستشارية منذ عام 1949. بالإضافة لألمانيا ،الاتحاد الأوروبي السويد النرويج اليابان فرنسا السعودية سويسرا وتركيا.
محاولات لخنق جهود ''الأونروا''
ومنذ سنوات تعمل "إسرائيل" على خنق جهود الوكالة في الأراضي المحتلة معتبرة أنها تمثل تهديدا مباشرا لها ، إذ لعبت ''الأونروا'' دورا رئيسيا خلال مرحلة الحرب ضد قطاع غزة حيث باتت جهة أساسية وهامة تقدم خدمات الإغاثة ليس فقط للاجئين، بل لمجمل سكان قطاع غزة وتحتضن مقراتها أكثر من مليون نازح بالإضافة إلى تقديمها مساعدات وأغذية وأدوية والعديد من المساعدات الأخرى ، وهي خطوة تقلل ولو بنسبة بسيطة من مخاطر المخطط الإسرائيلي لتشريد وتجويع سكان القطاع المنكوب .
وباستهدافها وتوجيهها اتهامات لوكالة الاونروا تحاول سلطات الإحتلال تقييد جهود الوكالة بل والقضاء عليها مقابل الحصول على دعم من أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي وهي جهات مانحة رئيسية للوكالة . وتزايد التوتر في الأيام الأخيرة بين كيان الإحتلال والوكالة الأممية، بعد قصف مدفعي استهدف ملجأ تابعا للأمم المتحدة في خان يونس جنوب القطاع وأدى إلى مقتل 13 شخصا.
وكانت الولايات المتحدة، الداعم البارز والأهم للوكالة قد سحبت تمويلها في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عام 207 بعد أن اعتبرت أنشطتها "منحازة بشكل لا يمكن إصلاحه''.لكن ذلك تغير مع وصول جو بايدن للرئاسة والإعلان عام 2021 عن تمويل أمريكي للأونروا بقيمة 340 مليون دولار. لكن الإتهامات الإسرائيلية الأخيرة لموظفين يعملون ضمن الوكالة أعادت التأكيد على انحياز الإدارة البيضاوية الجديدة أيضا بقيادة بايدن لكيان الإحتلال في حربه التي يشنها ضد الفلسطينيين.
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ووفق تقارير رسمية فقد استهدف الإحتلال مدارس ومؤسسات ومقرات وموظفي وكالة الأونروا في قطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد 152 من موظفي الوكالة وجرح المئات منهم وتدمير الكثير من مقرات ومؤسسات الأونروا، بما فيها تلك التي تؤوي آلاف المدنيين الفلسطينيين الذين هجرهم جيش الاحتلال الإسرائيلي قسرا من بيوتهم وأحيائهم السكنية.
ويرى متابعون أن التحريض الإسرائيلي ضدّ الوكالة يندرج ضمن سياسة الإعتداءات وجرائم الإبادة التي يشنّها الإحتلال في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر المنقضي.
تأثيرات قطع المساعدات عن ''الأونروا''
ومن شأن الإتهامات الإسرائيليّة للوكالة التي تقدّم خدماتها لملايين الفلسطينيين ، أن يقضي على خدمات وكالة الأونروا في التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والبنية التحتية والدعم المجتمعي والإقراض الصغير والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات النزاع المسلح ، التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين.
كما شملت خدماتها مساعدة اللاجئين الذين تضرروا جراء النزاع في مناطق عملياتها كالقيام بعمليات الطوارئ في الضفة الغربية وغزة منذ اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر. وتساعد أونروا أيضا نحو ثلثي سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وتلعب دورا محوريا في تقديم المساعدات خلال الحرب الجارية.
فاليوم يبدو وكأن العالم بأسره يحتكم لقرارات إسرائيل وروايتها بشان الاونروا أو بشان حرب غزة ، إذ يشكل تعليق التمويل مشكلة كبيرة للمنظمة التي تعتمد بالكامل تقريبا على التبرعات الطوعية،ووفق تقارير يعدّ الاستثناء الوحيد هو إعانة محدودة جدا من الميزانية العادية للأمم المتحدة، ويتم استخدامها حصرا لتغطية التكاليف الإدارية للمنظمة، وبالتالي لا يمكن تنفيذ عمل الأونروا بدون تبرعات مستدامة من حكومات الدول والحكومات الإقليمية والاتحاد الأوروبي والشركاء الحكوميين الآخرين، والتي تمثل 94.9% من إجمالي التبرعات في عام 2022، وفقا للموقع الرسمي للأونروا.
وبلغت تعهدات الوكالة في عام 2022 نحو 1.17 مليار دولار، و44.3% منها من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بمبلغ 520.3 مليون دولار، بما في ذلك تلك التي أتت من خلال المفوضية الأوروبية، فيما كانت الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي والسويد أكبر المانحين الأفراد، حيث تبرعوا بنسبة تراكمية بلغت 61.4 بالمائة من إجمالي تمويل الوكالة.
ومن جهتها كشفت الناطقة باسم وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، تمارا الرفاعي، وفق "سكاي نيوز عربية"، قائلة إن "الأونروا تأخذ أي مزاعم على محمل الجد، حيث تُحقق فيها بالأساس سواءً الاتهامات الإسرائيلية الراهنة، أو أي مزاعم أخرى تطال أداء الموظفين التابعين للوكالة، حيث أننا نتوقع قيام جميع موظفي الأونروا بعملهم وفق المبادئ الإنسانية، ومن ضمنها الحياد".
وعن تداعيات قرار دول مانحة للأونروا تعليق تمويلها خلال الفترة المقبلة، قالت الرفاعي: "نأسف لمثل هذه القرارات، خاصة في الوقت الذي برهنت فيه الأونروا أنها قد تكون القشة الأخيرة التي يتعلق بها أكثر من 2.2 مليون شخص في غزة حالياً، بالنظر لكونها المنظمة الإغاثية والإنسانية الأكبر العاملة في القطاع منذ بداية الحرب
وأشارت "الرفاعي" إلى "الضرر الكبير" الذي سيطال عمل الوكالة في العديد من مناطقها بالمنطقة، وليس في الأراضي الفلسطينية وحدها.
وبيّنت الناطقة باسم الأونروا، أن تعليق المساعدات وعدم حصول الوكالة على المساهمات الماليّة الكافية، لن يُوقف عملياتها في غزة فقط، بل في باقي مناطق رئيسية بالمنطقة، حيث تقدم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية سواءً في قطاع غزة أو الضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية)، كما تعمل في سوريا ولبنان والأردن.
نزاع إسرائيلي مع الوكالة
ولطالما زادت التصريحات الصادرة عن مسؤولي الوكالة في أكثر من مرة والتي تؤكد فيها إن إسرائيل تستهدف أهدافا مدنية في قطاع غزة بما في ذلك مدارسها ومراكز الإسعاف التابعة لها ، حدّة النزاع بين الطرفين .
وتحمل تقارير الوكالة مصداقية كبرى في توثيقها للمجازر التي يرتكبها الاحتلال ضد المدنيين في غزة، وهو ما أثار حفيظة إسرائيل وجعلها أكثر رغبة في التخلص من الوكالة ودورها. ويتزامن هذا الإصرار الإسرائيلي مع صدور أمر عن محكمة العدل الدولية في حكمها الصادر يوم الجمعة الماضي، متعلق باتخاذ تدابير فورية وفعالة تهدف إلى منع إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بحقوق الفلسطينيين، عبر توفير الخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية لمعالجة ظروف الحياة المعاكسة التي يواجهها الفلسطينيون في قطاع غزة، "يتطلّب التعاون مع الشركاء الدوليين، وخاصّة الأونروا باعتبارها أكبر جهة فاعلة إنسانيّة في غزة".
ويرى البعض أنّ تزامن الإتهامات الإسرائيلية مع هذا القرار هو عقاب ومحاولة من الكيان تسييس عمل الوكالة وإقحامها في الحرب الدائرة ، وذلك بهدف منعها من مواصلة الإضطلاع بدورها في توثيق جرائمه وتقديم المساعدات للفلسطينيين.
تدمير ''الأونروا'' من صميم جريمة الإبادة
من جانبه قال الباحث الفلسطيني أستاذ العلوم السياسية د. إبراهيم الرفاعي لـ''المغرب'' أنّ تدمير ''الأونروا'' من صميم جريمة الإبادة التي ، مؤكدا ضرورة التحرك الفوري ، معتبرا أن تدمير الأونروا يعتبر هدفا لمحو أحد أدلة جريمة الإبادة الجماعية المستمرة التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني منذ ماقبل 1948 إلى يومنا هذا لأنها عنوان لشاهد عيان لهذه الجريمة المركبة ( باعتبار أن أداء خدمة إنسانية يمثل دورا رقابيا )، ولأنها لم تكن سوى قرار بتدبير من جملة قرارات لوقف مكونات هذه الجريمة خاصة .
وأضاف '' لذا فهي سند قانوني ودليل على عدم تنفيذ بقية القرارات ذات الصلة وبالخصوص ( ديباجة ومضمون القرار 282 و ومثله القرار 194 ) ، وما تقدمه من تقارير للأمم المتحدة عن عملها ومعوقاته إنما يكشف عن الواقع الميداني لمأساة مستمرة فيما يخص اللاجئين الفلسطينيين ككل و ما يتجلى منها في غزة اليوم . وبخصوص التسريع بقرار التدمير قال الرفاعي أنه جاء بهدف استباق البوابات التي ستفتح على الاحتلال والصهيونية العالمية تأسيسا على التدابير الوقائية التي اتخذتها محكمة العدل الدولية قبل نظرها واتخاذها حكما في الأصل فيما بعد ، بوابة ليس لمحكمة العدل الدولية فحسب وإنما أيضا بوابات لطرق آليات قضائية وقانونية دولية ووطنية متعددة .
وأكد أن '' وضع الأونروا بما صرّحت به وأعلنته في كل مجريات عملها في قطاع غزة بما يعد مصدرا من أبرز مصادر إدانة الكيان ومن معه ، في موضع ليس الدفاع فقط ، وإنما موضع المتهم والمدان ، ما من شأنه تدمير أحد الأدلة ومحوها وهو جزء لا يتجزأ وواحد مما سيعمل عليه الاحتلال ومن معه من شركاء في جريمة الإبادة الجماعية وقد تم البدء بذلك بالفعل في مواطن ومستويات أخرى ''.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115