النائب بمجلس نواب الشعب ياسين مامي لـ«المغرب»: لدي مؤاخذات على تنقيحات مرسوم الصلح الجزائي • نتعامل مع مشاريع القوانين بموضوعية وبرؤية تخدم تونس

انطلقت لجنة التشريع العام بالبرلمان التونسي

في مناقشة مشروع تنقيحات مرسوم الصلح الجزائي الذي تقدم به رئيس الجمهورية بصفته الجهة المبادرة، وذلك في ظل انتقادات موجهة اليه واحترازات قدم بها نواب بالبرلمان الحالي، ومنهم رئيس لجنة السياحة النائب ياسين مامي الذي قدم في حوار له مع «المغرب» قراءته للتنقيحات وكشفت عن احترازاته

• وقع تقديم أول مبادرة تشريعية للرئاسة الى مجلسكم وهي تنقيح مرسوم الصلح الجزائي الذي يثير جدلا قانونيا وسياسيا، فكيف ترون الأمر؟

عديدة هي الأولويات المعروضة والمطروحة على البرلمان في سنة 2024، وخاصة في ما يهم الناس وينفعهم ويساهم في تنشيط الاقتصاد و يكرّس الإصلاحات التي ينتظرها المواطنون منذ سنوات، خاصة و انّ عامة الناس لمسوا الجدية من خلال التعديلات التي ادخلها أعضاء مجلس النواب على قانون المالية لسنة 2024 و التي تبيّن استقلاليتهم ومستوى الوعي والتمثيل المسؤول للشعب رغم كل ما قيل عنهم من انهم برلمان قيس سعيد الذي صنعه لتمرير قوانينه، وتبين أن للبرلمان شخصيته وهويته.

وهذا يقودنا الى تنقيح مرسوم الصلح الجزائي ، الذي أراه من اهم القوانين المعروضة على المجلس نظرًا لحساسيته ولما اكتسبه من صبغة سياسية و إعلامية اقتصادية واجتماعية لا فقط، دون ان نغفل عن حصيلة المرحلة الأولى لهذا الملف التي امتدت طيلة السنة الفارطة، وكانت دون المأمول، اذ لم تحقق لجنة الصلح الجزائي النتائج المرجوة منها، فقد عُلقت عليها وعلى اعمالها آمال كبيرة. لكن في نهاية عهدتها لم تنجح الا في تعبئة 27 مليون دينار لخزينة الدولة، وهو رقم ضعيف جدا اذا عدنا الى التقديرات الأولية التي استندت الى أرقام رسمية تشير الى آلاف المليارات التي ستحصل لفائدة خزينة الدولة من الصلح الجزائي.

• السؤال المطروح اليوم: هل ان بعض التنقيحات التي تم إدخالها على نص المرسوم ستعالج القصور فيه وتؤدي الى تحقيق التوقعات الاولى بتعبئة مواد مالية هامة لفائدة الدولة؟ وهل ان هذه التنقيحات قد تشجع المشمولين بملف الصلح الجزائي على الذهاب الى التسوية والصلح أم لا؟.

الاجابة هنا تتطلب النظر في التعديلات والاستماع الى حجج الجهة المبادرة، وفي انتظار ذلك اعتقد شخصيًّا ان التنقيحات المقدمة الى المجلس تتطلب النظر فيها جيدا وتعديلها لتحقيق الفائدة العامة، وهو ما يعنى ان المجلس عليه ان يتعاطى مع هذه التنقيحات بالجدية المطلوبة والاستماع إلى كل الهياكل و الخبراء ذوي الصلة بالموضوع، ثم ادخال التعديلات الجريئة والمطلوبة التي ستمكن قانون الصلح الجزائي من تحقيق الغايات المرجوة منه وخاصة تحقيق مطلب من مطالب الثورة وهو تحقيق العدالة .

• لجنة التشريع العام انطلقت في مناقشة التنقيحات والرأي السائد صلبها يدعمها دون تحفظ أو احتراز

باعتباري نائب شعب ومطلع على أشغال اللجان، وقعت دراسة التنقيحات و تقيم المرحلة الأولى للصلح الجزائي لاخذ العبرة منها في مناقشة التنقيحات التي ستصدر في شكل قانون جديد.

• مضمون التنقيحات يثير بعض الانتقادات، فهل لديكم انتقادات او مؤاخذات على نص التنقيحات وفلسفتها؟

لدي بعض المؤاخذات على نص التنقيحات و فلسفتها ، لأنني اعتقد انه من الضروري المساهمة في إنجاح الصلح الجزائي، وفي خصوص ما ورد في الفصل23 جديد المتعلق بمفهوم الضرر الحاصل للمجموعة الوطنية اعتبر ان هذا المصطلح غير قانوني و هو سياسي اكثر منّه قانوني ويتعارض مع الفصل96 من المجلة الجزائية ( في الصيغة ) التي ذكرت الضرر الحاصل للدولة أو الإدارة. فالأسلم ان يقع التنصيص على ان الضرر الحاصل للإدارة أعمق وأشمل للدولة.

من جانب آخر تضمنت التنقيحات قيودا ونقائص ستؤثر سلبا على الاعمال الاستقصائية والتعامل مع وحدات التحريات الأجنبية التي كلفت بهما لجنة الصلح، علما بأن لجنة الصلح لا تستطيع التواصل مع لجان التحاليل المالية الاجنبية لفقدانها للصفة والاهلية، اذ لا يمكنها مثلا ان تراسل لجنة التحاليل المالية الفرنسية لطلب مدها بمعلومات او معطيات عن حسابات او ممتلكات تونسيين في فرنسا، اذ ان التعامل بين اللجان المالية وتبادل المعلومات بينها يتم فقط بين لجان لها الأهلية القانونية والصلاحية، وهذا يعنى ان التعامل يجب ان يكون عبر لجنة التحاليل المالية التونسية ولا عبر لجنة الصلح وهذا ما لم يتم التنصيص عليه بوضوح ولم يتم وضع الإطار القانوني للتعامل بين لجنة الصلح ولجنة التحاليل المالية. كأن يقع تكليف لجنة التحاليل المالية التونسية بأن تطلب من لجنة الصلح الاستقصاء في الخارج بالتعاون مع اللجان المالية النظيرة، وفق ما حدد في اتفاقيات التعاون الدولي او الاتفاقيات الثنائية.

الإشكال القانوني الذي يطرحه الفصل المتضمن لإجراءات المصادرة، أن التنقيحات تشير إلى أن المصادرة تشمل القرين والأصول والفروع، وهو ما يتعارض مع مبدإ شخصية العقوبة، ويطرح إشكاليات إضافية تتعلق بمسالة هل ستشمل المصادرة الممتلكات والمنقولات التي أحيلت كميراث الى صاحبها او قدمت كهبة

دون ان نغفل ان المصادرة وردت في النص القانوني كعقوبة تكميلية ولا يوجد لدينا في التشريع التونسي نص قانوني اصلي ينظم المصادرة ويؤطرها.

• توجد نقطة أود طرحها في شكل سؤال: هل أن الصلح الجزائي ملف من ضمن إختصاصات مجلس الأمن القومي ام من اختصاص المجلس الأعلى للقضاء؟

اعتقد انه من الأفضل تحييد مجلس الامن القومي وتكليف المجلس الاعلى للقضاء خاصة وان الأمر يتعلق بدرجة خاصة من التقاضي تتطلب ان يتمتع المعني بالأمر بحقه في الطعن والاعتراض؟

• الا تعتبرون أن اقرار التنقحيات بما تحمله من بعض السوابق القانونية لا يستقيم دون محكمة دستورية تبت في القانون ودستوريته؟

السياسة هي فنّ الممكن ، في غياب المحكمة الدستورية او محاولات تغييبها يقوم الجهاز التشريعي بدوره في اطار ما يتوفر لديه من صلاحيات لأن الدولة و إدارة شؤون الشعب لا تحتمل مزيد الانتظار. ونواب الشعب متحملون لمسؤولياتهم وهم واعون بدورهم في هذه الفترة الحساسة و يتفاعلون من خلال صلاحياتهم الدستورية مع كل ما يجري.

• أثار مشروع التنقيحات جدلا سياسيا وقانونيا فهل سيدفعكم هذا إلى تعديل الاخلالات أم ان مبادرة الرئيس لا يمكن ان تخضع للتعديل؟

نحن نتعامل مع مشاريع القوانين بموضوعية وبرؤية نعتقد أنها تخدم مصلحة تونس والشعب . ونكرس في اي مشروع قانون معروض على المجلس ما نرى أنه مجد ويضمن الفاعلية والنجاعة.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115