رئيس الجمهورية ومشروع تنقيح مرسوم الصلح الجزائي: أية نقائص ستعالجها التنقيحات وهل ستشمل مصير لجنة الصلح؟

يعد ملف الصلح الجزائي من بين الملفات الحارقة والشائكة والمعقدة

التي يشتغل عليها رئيس الجمهورية قيس سعيد ولكن مازال هذا الملف لم يحقق الأهداف التي تمّ من أجلها إحداث لجنة الصلح الجزائي بل وبعيدة عن ما رسمه الرئيس الذي ما فتئ في كل مناسبة سانحة له أن يعبر عن استيائه وغضبه من حصيلة عمل اللجنة الوطنية للصلح الجزائي التي انتهت المدة الثانية لأعمالها منذ شهر نوفمبر الفارط بعد أن تمّ التمديد في أشغالها في ماي 2023 لمدة 6 أشهر، المدة انتهت واللجنة دون رئيس وحصيلة عملها لم تكن في مستوى الانتظارات سيما انتظارات الرئيس، الأمر الذي أجبره على التوجه إلى إعداد مشروع تنقيح مرسوم الصلح الجزائي، والسؤال المطروح هل ستشمل التنقيحات كافة فصول المرسوم أم ستكون جزئية؟.
لا يزال مصير اللجنة الوطنية للصلح الجزائي مجهولا وهل سيتم الإبقاء عليها في مشروع تنقيح المرسوم أم أن التنقيحات ستشمل كافة الجوانب؟ مشروع التنقيح سيعرض في مرحلة أولى على مجلس الوزراء للموافقة عليه ثم على مجلس نواب الشعب للمصادقة عليه، وهو ما أكده رئيس الجمهورية في لقائه أول أمس مع كل أحمد الحشاني رئيس الحكومة وليلى جفال وزيرة العدل وسهام بوغديري نميصة وزيرة المالية، وكان الرئيس في وقت سابق قد التقى وزيرة العدل في أكثر من مرة على امتداد النصف الأول من شهر ديسمبر الجاري، لقاءات شدد فيها الرئيس على ضرورة التسريع في تنقيح المرسوم المتعلق بالصلح الجزائي في اقرب الآجال لان الهدف هو الصلح من اجل استرجاع أموال الشعب لمن جنح لهذا الصلح صادقا وسيستعيد إثره نشاطه حرا طليقا في كنف احترام القانون.
التنقيح لتلافي النقائص
يتمسك رئيس الجمهورية بتعديل عدة مشاريع قوانين في أقرب الأوقات وفي مقدمتها ملف الصلح الجزائي لتلافي عدد من النقائص التي أظهرتها التجربة وتمّ إعداد مشروع في هذا الغرض، وفق تأكيد سعيد، فالرئيس يتمسك بتجاوز النقائص والعقبات التي حالت دون تحقيق الأهداف المرجوة في علاقة برجال الأعمال الموقوفين و"المتورطين" في قضايا فساد والحل بالنسبة لهم دفع الأموال مقابل مغادرة السجن وهو ما أكده في لقائه مع وزيرة العدل بقوله "من جنح لهذا الصلح صادقا سيستعيد إثره نشاطه حرا طليقا في كنف احترام القانون". فالفصل الثاني من المرسوم الرئاسي عدد 13 لسنة 2022 والمتعلق بالصلح الجزائي ينص على أن "الصلح الجزائي يهدف إلى استبدال الدعوى العمومية أو ما ترتّب عنها من تتبع أو محاكمة أو عقوبات أو طلبات ناتجة عنها تم تقديمها أو كان من المفروض أن تقدم في حق الدولة أو إحدى مؤسساتها أو أي جهة أخرى وذلك بدفع مبالغ مالية أو إنجاز مشاريع وطنية أو جهوية أو محلية بحسب الحاجة. ويدخل في احتساب المبالغ المالية أو المشاريع المتعهد بإنجازها نسب التضخم المالي استنادا إلى الأرقام الرسمية التي تتولى تقديمها الهياكل الرسمية المختصة".
لجنة الصلح هي حاليا لجنة تصريف أعمال
في انتظار مشروع التنقيح الذي سيعرضه الرئيس على مجلس الوزراء أولا، يبقى مصير اللجنة الوطنية للصلح الجزائي غامضا خلال الفترة القادمة أو ما بعد المصادقة على مشروع القانون، وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الجمعية التونسية لدعم المحاكمة العادلة والمحامي المهتم بملف الصلح الجزائي وليد العرفاوي فإن أعمال اللجنة الوطنية للصلح الجزائي ستستمر إلى ما بعد شهر نوفمبر الفارط، تاريخ انتهاء فترة التمديد الثانية والأخيرة لأعضائها بستة أشهر بمعنى أنها لجنة تصريف أعمال لا يمكنها اتخاذ قرارات. وأوضح العرفاوي أن مدة الستة أشهر القابلة للتجديد مرة واحدة، الواردة في الفصل 8 من المرسوم عدد 13 لسنة 2022 المنظم لمسار الصلح الجزائي، تعلقت بأعضاء اللجنة وليس باللجنة في حد ذاتها. وشدّد العرفاوي على ضرورة تنقيح قانون الصلح الجزائي من خلال إضافة فصل يحدّد أن من يتقدم بطلب سراح لا يجب إيقافه ويمكن فقط اتخاذ تدابير احترازية في حقه على غرار منعه من السفر. كما اقترح العرفاوي مراجعة المبالغ المالية لتعويض الخسائر والتي تساوي قيمة الضّرر المترتّب عن الجريمة الاقتصاديّة، تُضاف إليه نسبة 10% عن كلّ سنة من حصول ذلك.

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115