حرب غزة في يومها الـ74 .. واشتعال جبهة صراع جديدة في المنطقة التبعات الجيوسياسية لتأسيس تحالف دولي في البحر الأحمر

تزامن دخول العدوان الإسرائيلي في غزة يومه الـ74

مع تفجر جبهة صراع جديدة في البحر الأحمر تهدّد بتفجر حرب إقليمية وذلك بعد أن صعّدت جماعة الحوثي هجماتها ضدّ سفن مرتبطة بالكيان الصهيوني هناك ، وما خلّفه ذلك من إعلان الولايات المتحدة الأمريكية أمس تشكيل تحالف دولي يضمّ عشرة بلدان للتصدّي لهذه الهجمات وسط مخاوف من تأثير هذه التطورات على حركة التجارة العالمية باعتبار أن 40 بالمائة منها تمرّ عبر مضيق باب المندب . وفيما يرى البعض أنّ توسيع الإحتلال ميدانيا لنطاق عملياته ليصل للجانب الجنوبي من قطاع غزة وباقي المدن الفلسطينية الأخرى، جعله يصطدم بتصعيد جديد من نوع آخر في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ويتمثل في تنفيذ جماعة الحوثي اليمنية لتهديداتها باستهداف السفن الإسرائيلية أو التي لها علاقة بإسرائيل عبر احتجاز عدد جديد من السفن .

ووفق متابعين للمشهد من شأن هذا التصعيد أن يزيد من الضغوطات الميدانية على كيان الاحتلال وأيضا سيحمل تبعات كبرى على المنطقة خاصة وأن البحر الأحمر يحمل أهمية إستراتيجية بالغة للحركة الاقتصادية والتجارية العالمية . إذ يعدّ البحر الأحمر شريانا حيويا مهما في خريطة العالم، بوصفه حلقة الوصل الجغرافية ما بين المحيط الهندي، والبحر الأبيض المتوسط، وطريق عبور التجارة لقارات الشرق والغرب، وبوابة الحرمين الشريفين عبر موانئ المملكة التي تزخر بتراث حضاري وإنساني سجله التاريخ على امتداد سواحلها المطلة على البحر الأحمر بطول 1830 كيلومترا ... يشكل البحر الأحمر أهمية اقتصادية حيوية من خلال الموقع الجاذب وإسهامه بشكل كبير في دعم اقتصاديات الدول التي تحده، كما يلعب دورا مهما في حركة التجارة العالمية خصوصاً النفط والغاز، وتزداد هذه الأهمية مع ظهور مفهوم الاقتصاد الأزرق الذي يمكن تعريفه على أنه الاستخدام المستدام للموارد المائية وحماية البحار والمحيطات .
تحالف دولي بحري
وجاء في بيان لوزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن أنّ "البلدان التي تسعى إلى ترسيخ المبدأ الأساسي لحرية الملاحة عليها أن تتكاتف لمواجهة التحدّي الذي تشكّله هذه الجهة" ، وذلك بعد أن استهدفت جماعة الحوثي ناقلات النفط وسفن الشحن وغيرها في البحر الأحمر، وهي تصعيد قالت الجماعة -المعروف بأنها ذراع إيران في اليمن - يهدف لممارسة ضغوط على إسرائيل بسبب حربها مع حركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة.
وقال أوستن إن التحالف الأمني سيعمل "بهدف ضمان حرية الملاحة لكل البلدان ولتعزيز الأمن والازدهار الإقليميين". ويضمّ التحالف أمريكا والمملكة المتحدة والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج والسيشال وإسبانيا.
بدورها، أكّدت جماعة الحوثي اليمنية أمس الثلاثاء، أنّ التحالف الذي شكّلته الولايات المتحدة ضدها "لن يوقف عملياتنا بالبحر الأحمر".جاء ذلك في منشور للمسؤول الحوثي محمد البخيتي على منصة "إكس" قال فيه: "حتى لو نجحت أمريكا في حشد العالم كله فإنّ عملياتنا العسكرية لن تتوقف إلاّ بتوقف جرائم الإبادة الجماعية في غزة والسماح بدخول الغذاء والدواء والوقود لسكانها المحاصرين مهما كلفنا ذلك من تضحيات".
من جهته، قال المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام في منشور على "إكس": "عمليات اليمن البحرية بهدف مساندة الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان والحصار على غزة، وليست استعراضًا للقوة ولا تحديا لأحد، ومن يسعى لتوسيع الصراع فعليه تحمل عواقب أفعاله". وقال المتحدث باسم الحركة وكبير المفاوضين محمد عبد السلام وفق تلفزيون الجزيرة "بالنسبة للعمليات البحرية هي على قدم وساق ربما لا تمر 12 ساعة دون أن تكون هناك عملية".
ووفق تقارير إعلامية فقد أصيبت السفينة النرويجية "إم-في سوان أتلانتيك" "بجسم غير محدّد" في البحر الأحمر، وفقا للشركة المالكة التي قالت في بيان "لحسن الحظ لم يصب أفراد الطاقم الهندي بأذى، وتعرّضت السفينة، وفقًا لهم، لأضرار محدودة"، مشيرة إلى أنّ "الناقلة التي انطلقت من فرنسا باتجاه جزيرة ريونيون، لا تربطها أي علاقة بإسرائيل".
وفي وقت سابق الشهر الماضي أضفى احتجاز القوات البحرية التابعة لجماعة ''أنصار الله'' أو جماعة الحوثي في اليمن لسفينة شحن إسرائيلية بالبحر الأحمر ، بُعدا جديدا على الصراع الدائر في قطاع غزة المحتل وسط استنفار دولي استعدادا لما قد يخلفه ذلك من تصعيد وتداعيات على الإقليم ،خصوصا وأن العدوان الإسرائيلي لازال مستمرا رغم الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار وفرض هدنة إنسانية .ويمرّ اليوم أكثر من 74 يوما على بدء عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها حركة "حماس" الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة، والتي أسرت فيها عددا غير مسبوق من الجنود والمستوطنين الإسرائيليين في عملية نوعية اعتبرت سابقة عرت فشل استخباراتيا وأمنيا كبيرا داخل الكيان الصهيوني . وأكّدت جماعة الحوثيين مرارا، تنفيذها ''عملية عسكرية في البحرِ الأحمرِ كان من نتائجِها الاستيلاء على عدد من السفن الإسرائيلية أو التابعة للكيان بأية شكل من الأشكال.
ضربات سابقة
منذ بدء حرب غزة قبل 74 يوما أطلقت جماعة أنصار الله الحوثية أو جماعة الحوثي عددا من الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل نصرة لغزة وللفلسطينيين، وسط تساؤلات عن إمكانية أن يفتح هذا التصعيد جبهات قتال جديدة قد تضيق الخناق على الكيان الإسرائيلي وتساهم في وقف الحرب على القطاع المحتل. إذ سبق أن شنّت جماعة "أنصار الله" في اليمن هجمات بصواريخ وصلت بعضها إلى مدينة "'إيلات" الإسرائيلية ما أثار مخاوف كبرى داخل الكيان، فيما يظل القصف المتبادل على الحدود الجنوبية اللبنانية مع "حزب الله" مشتعلا، وسط التهديدات الإسرائيلية للبنان بمصير غزة.
ورغم الرفض الإسرائيلي المستمر إلى حدّ اللحظة لأية هدنة في غزة ، يرى البعض أنّ مايحصل وما يمكن أن ينجر عنه من توسع رقعة الصراع في البحر الأحمر ومضيق باب المندب الإستراتيجي خاصة وفي لبنان أيضا، قد يفجر حربا أكثر شمولية مع الإعلان عن تشكيل هذا التحالف الدولي البحري الذي لم تتضح إلى الآن ملامحه الكاملة.
الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر
والدول المطلة على البحر الأحمر إسرائيل، مصر، الأردن، السعودية، السودان، اليمن، جيبوتي، أريتريا ، ويعتبر البحر الأحمر واحدا من أهمّ طرق الملاحة الرئيسية في العالم إذ يربط بين قارات ثلاث هي أفريقيا وآسيا وأوروبا، وتمثل قناة السويس في شماله شريانا ملاحيا له أهمية إستراتيجية دولية مهمة.
وأغلب الدول المطلة على هذا البحر عربية. فباستثناء إسرائيل وإريتريا للدول العربية التالية سواحل تطل عليها: مصر والسعودية والأردن والسودان واليمن وجيبوتي والصومال. وتبلغ نسبة مجموع هذه السواحل 90% من إجمالي سواحل البحر الأحمر.ولا تتوقف أهمية البحر الأحمر الإستراتيجية على كونه ممرا ملاحيا مهما فقط وإنما يضاف إلى ذلك كونه معبرا رئيسيا لتصدير نفط الخليج إلى الأسواق العالمية، كما أنه المنفذ البحري الجنوبي لإسرائيل والرابط الأساسي بين التجارة الراغبة في الوصول إلى ما بين البحر المتوسط والمحيط الهندي وبحر العرب. لذا فمكانته كبيرة في مجال الجغرافيا السياسية والجغرافية الإستراتيجية.
ونظرا لكل هذه الأهمية حاولت الدول العربية خاصة المطلة عليه أن يكون لها دور في حفظ أمنه، فظهرت أفكار ذات صلة صادرة عن جامعة الدول العربية أواخر السبعينيات، حيث طرحت فكرة تشكيل قوة أمن عربية دائمة لمواجهة الأخطار التي تهدد أمن البحر الأحمر تكون تابعة مباشرة للأمانة العسكرية في جامعة الدول العربية. لكن هذه الأفكار لم تر النور لأسباب قُطرية وإقليمية ودولية.يفصل مضيق باب المندب البحر الأحمر عن خليج عدن والمحيط الهندي كما يفصل قارتي أفريقيا وآسيا، وتحده من الجانب الأفريقي جيبوتي ومن الجانب الآسيوي اليمن.
عرض المضيق نحو 30 كيلومترا وتقسمه جزيرة بريم، التي توجد في شرقه ومساحتها كيلومتران مربعان، إلى قناتين الأولى وهي القناة الشرقية وتعرف باسم "باب اسكندر" وعرضها ثلاثة كيلومترات وعمقها 30 مترا، والثانية هي القناة الغربية واسمها "دقة المايون" وعرضها نحو 25 كيلومترا وعمقها 310 أمتار.

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115