العلم: مفتاح السؤال أهم مسائل الخلاف في الصيام وضبط الفتوى فيها على مذهب الإمام مالك (1)

فكلّما يحلّ علينا شهر رمضان المعظّم إلاّ وتكثر الفتاوى الفقهية من الصائمين عن بعض المسائل وهذه المسائل نوعان:

متّفق عليه بين الفقهاء ومختلف فيه فالمتفق عليه لا إشكال فيه، وأمّا المختلف فيه فتحتاج إلى ضبط الفتوى وفق المرجعية الفقهية المعتمدة لدى أهل البلد، لكي تتوحد الفتوى من المفتين، ولا يقع النزاع بين المستفتين, فارتأينا أن نذكر هذه المسائل الفقهية تبيانا توضيحا للخاصّة والعامّة, وتوحيدا للفتوى وفق مذهب إمام درا الهجرة مالك بن أنس "رضي الله عنه"
فالخلاف الفقهي المعتدّ به من أهله في محلّه بشرطه له أهمية كبيرة مما لا يعذر المجتهد بجهله؛ ولا إنكار في مسائله، ولكن يبقى لدى أهله ولا ينزل إلى العامّة، لكيلا يكون لهم فتنة، ولهذا لا بدّ من مرجعية واحدة في الأحكام الفقهية العملية، وخاصّة فيما تعمّ به البلوى.
وإليكم أهم المسائل الفقهية المتعلقة بأحكام الصيام والتي وقع الخلاف فيها بين الفقهاء قديما وحديثا وترجيح مذهب السادة المالكية في ذلك، مع ذكر الدليل المعتمد لكلّ مسألة.

• المسألة الأولى: النية شرط في صحة الصيام.
لا يصحّ الصيام إلا بنية قبل الفجر أو معه؛ خلافا لمن قال إن صوم رمضان يصحّ بغير نية لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل" أخرجه النسائي. والنية تكون قبل الفجر أو معه خلافا لمن يرى بجواز النية بعد الفجر، والدليل الحديث السابق، وقوله عليه الصلاة والسلام: "من لم يجمع على الصيام قبل الفجر فلا صوم له" رواه الترمذي وأبو داود والنسائي. ولقوله صلّى الله عليه وسلّم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" متفق عليه. وبعض هذا اليوم قد مضى عاريا من النية فلا يجزئ، واعتبارا بالصلاة والحجّ.

• المسألة الثانية: إذا نوى الصائم لجميع شهر رمضان من أول ليلة منه أجزأه.
فمن نوى صيام رمضان كله في أول ليلة منه أجزأه لقوله صلّى الله عليه وسلّم: "إنما الأعمال بالنيات" فعمّ؛ ولأن صيام رمضان واجب مضيق لا يسع غيره من جنسه، فمن صام في شهر رمضان أي صيام لا يقبل منه، ولكن يستحبّ تجديد النية كلّ ليلة مراعاة للخلاف وأخذا بالأحوط.

• المسألة الثالثة: تعيين النية واجب في شهر رمضان.
يجب تعيين النية في صيام رمضان خلافا لمن يرى إطلاق النية؛ لأن الأمور بمقاصدها وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: "وإنما لكلّ امرئ ما نوى" فمن نوى رمضان تطوّعا ولم ينوه أداء عن فرضه فلم يكن عن فرضه، لأنه صوم واجب فلم يجز بنية النفل كالقضاء والنذر، ولأنها عبادة يفتقر قضاؤها إلى تعيين النية فكذلك أداؤها كالصلاة.

• المسألة الرابعة: يجوز صيام يوم الشكّ تطوّعا، ولا يجوز صيامه بنيّة الفرض.
يجوز صيام يوم الشك تطوّعا خلافا لمن يكره تعمّد ذلك، والدليل قوله تعالى:" فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ" سورة البقرة الآية 184. ولأن كلّ وقت صلح للنفل المعتاد صلح للنفل المبتدأ كسائر الأيام.
وأمّا صيامه بنية الفرض على أنه إن كان من رمضان وإلا كان تطوّعا فلا يجوز خلافا لمن يرى بجوازه فإذا فعل ذلك ثم ثبت أنه من رمضان أعاد، لأن نية الفرض من شرطها أن تقع محققة، لا تقع مشكوكا فيها.
وذهب بعضهم إلى أنه لا يصحّ صوم يوم الشك على كلّ وجه وهذا غلط، لأنه يوم محكوم له بأنه من شعبان.
يتبع

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115