مهرجان الفيلم الوثائقي بدار الثقافة ابن رشيق: الفيلم الإسباني Alalà... الفنان نبيّ عصره

غنيّ بأقصى الصوت وارفع صوتك عاليا اصرخ للحرية اصرخ للحياة عانق تباشير الحلم الأولى وسارع الزمن واصنع لنفسك طريقك كما تريد، تحرر من قيود الفقر

وأبدأ الرقص ، ارقص على جراحك وان كانت مؤلمة ارقص للفرح وللترح أرقص فقط لأنك انسان «أبدأ الرقص لا عليك.. ولا تشغل بالك لأن الموسيقى سوف تنبعث من مكانٍ ما» كما يقول زوربا، ابدا الرقص واستمتع بسحر الفلامنكو و اتبع حكايات الغجر وراقصيه، دع كل الجزئيات جانبا فالفلامنكو دواء وبلسم لكل الجراح.

هكذا هي رسالة فيلم ALAlà للمخرج الاسباني REMEDIO MALVAREZ BAER، الذي عرض مساء الخميس 19افريل بدار الثقافة ابن رشيق ضمن فعاليات الدورة التاسيسية لمهرجان الفيلم الوثائقي، مهرجان يقدم الفيلم الوثائقي الحقيقي النابع من عين تؤمن بالانسانية بعيدا عن التجارة، فيلم يحملك الى اسبانيا تحديدا الى حي يسكنه الغجر ورحلة مشوقة مع الفلامنكو.

هل انتهى عصر الانبياء؟
هل انتهى عصر النبوة فعلا؟ هل انتهى زمن نزول الانبياء الى الارض ونشرهم لقيم الانسانية ربما انتهوا من الناحية الدينية ولكن من جانب انساني لازال هناك كثير من الانبياء يبعثون يوميا في قراهم واريافهم وأحيائهم الشعبية ليزرعوا حب الحياة في الانسان ويزرعوا الايمان في اطفال منسيين.

لكلّ نبيه ولكلّ دينه، كاميرا المخرج «ريميديو مالفيراز» تحملك الى اسبانيا، صورة كبرى لحي من واجهاته يبدو أنه حي شعبي، تتقترب الكاميرا اثر لتجدك في مقهى شعبي ظلام يسيطر على المكان ومن الشباك تتسلل اشعة الشمس الاولى تحاول تجاوز البلور لتعلن عن ولادة يوم جديد، احدهم يجلس هادئا امامه قهوة سوداء اللون يتذوقها بحب، لينطلق يومه وتنطلق قصو نشره لقيم الحب اليومية، بطل الفيلم هو عازف القيثارة والموسيقي Emilio cara café، مدرس بمركز Alalà من ايمانه الشخصي باهمية الموسيقى وايمانه بقدرتها على بناء شخصية الطفل المتوازنة انطلقت فكرة المركز كما يقول كاراكافي امام الكاميرا مستحضرا علاقته بالقيثارة ويقول « حينما كنت صغيرا شاهدت القيثارة في المحل، طلبت من والدي ان يقتنيها ولكنه عجز عن توفير ثمنها رافقني حلمي لأعوام لحدّ أن أصبحت لي قيثارة ومنذ اول مرة مسكت ساحرتي اقسمت ان تكون الموسيقى وسيلتي لادافع عن المحرومين واقدم لهم دروسا في الموسيقى».

تجمعوا في المركز الفنّي، بعضهم يعزف الكاخون وآخرون يتعلمون التصفيق وثالث يغني دون خجل ورابعة ترقص بالحذاء ذي الكعب العالي، قاعة صغيرة الحجم كبيرة بأحلام الاطفال الذين ترافقهم الكاميرا لتعرف أسرارهم وعائلاتهم وأحوالهم الاجتماعية.

ابتسامات الفرح مرسومة على الوجوه، الطفلة «ايميليا» ذات السبعة أعوام تكون دوما صاحبة المبادرة في الغناء، ترتفع اهازيج الحياة وأغان يفهم معها المتفرج انها نابعة من انين داخلي فهنا جميعهم «غجر» بعد ان كانوا رحلا سكنوا في حي شعبي يسمى حي «3000» ، تقترب كاميرا المخرج لتغوص في تفاصيل الحي، تتجول في المنازل القديمة والأثاث البسيط، هنا في الحي جميعهم غجر تجمعوا في حي واحد ولأبنائهم يقدم كاراكافي دروس الموسيقى والفلامنكو «الفلامنكو لغة انسانية، الرقص عنوان للحياة والغناء رمز للامل فتعلموا وارقصوا لأنكم جيل الغد» كما يقول كاراكافي في حديثه الى احد الاطفال اثناء الدّرس.

تنطلق الدروس منذ السابعة الى الخامسة، مجموعة من الاساتذة والموسيقيين يكونون عنوان للأمل عند اطفال مركز «الالا» ، المركز الذي يستعمل الموسيقى كوسيلة للتربية البيداغوجية يقدم لأطفال الحي الدروس النظرية والتطبيقية، المركز البيداغوجي يحظى باهتمام الاولياء وثقتهم فجميعهم يسرع منذ الصباح ليحمل صغيره الى المدرسة «تعبنا ولا نريد لصغارنا مستقبل كما طفولتنا نريدهم ان يدرسوا ويتعلموا» كما قالت ام الطفلة ايميليا تلك المرأة أم لأربعة أبناء رغم عملها البعيد جدا إلا أنها تصر على مرافقة أبنائها لدروس الموسيقى.

رحلة الكاميرا تكون من الفضاء العام الى الخاص، ترافق كاراكافي منذ الصباح حد تجوله بين المنازل لمرافقة الاطفال فاجتماعهم في الساحة الكبرى ليعزفوا قبل الوصول الى مدرسة الموسيقى وانقسام الفريق حسب الاختصاصات ودعوته لأصدقائه المشهورين من اسبانيا ليزوروا المدرسة وليتواصلوا مع الأطفال على غرار الفنان irene gomez وغيره من الاسماء التي ساهمت في اكتمال حلم اطفال ولدوا وموسيقى الفلامنكو جزء من نبضهم.

الموسيقى توحد الكل
قد يختلف اللون وتختلف الفكرة ويتباين الانتماء والهوية والعرق ولكن الموسيقى تلك النوتة العجيبة توحد الكل ويتماهى في حبها كل من ينبض قلبه للانسانية، كاميرا المخرج ترافق الطفل «جان» هو الاسود الوحيد بينهم، سواده الافريقي صنع اختلافه عن بقية اترابه من الغجر، يعشق الفلامنكو يعزف الكاخون ويرقص مثلهم، والده من الكامرون ووالدته من نيجيريا هربوا الى اسبانيا من فقر اوطانهم وبؤسها وحاولوا بناء حياة بسيطة لابنهم وكانت مدرسة الموسيقى ملجأهم منذ البداية، الجميع يتحدث عن الطفل وذكائه وجميع اترابه يشاركونه وقتهم كاملا بعيدا عن لونه المختلف ووالداه ايضا «نشعر وكأننا مثلهم، سواد لوننا ليس بعائق فهنا في حي 3000 الكل ينادونني اختي ولابني اصدقاء كثر تجمعهم الموسيقى» كما تقول والدة الطفل الافريقي، في مدرسة الموسيقى تجمعهم النوتة وعشق الفامنكو يوحدهم حب استاذهم للحياة ويعلمهم منذ النعومة ان الفن انسانية .

الفلامنكو..ارقص لتكون إنسانا
الفلامنكو رقصة الثائرين والموجوعين، الفلامنكو رقصة للحياة ورقصة للتاكيد على انتصار الذات امام كل الهواجس والالام، هنا في هذا الحي كل الغجر مسكونين بحب الفلامنكو يولدون وهم يرقصون تلك الرقصة نحن فقط نحاول تاطير مواهبهم دون زيادة كما تقول استاذة الرقص في مركز «الالا»، في هذه المدرسة يعلمونه تعاليم الفرح، يعلمونه كيف يكون الرقص دليلا للحياة، الكاميرا ترافق جميع الاطفال في الساحات ترافق اجتماعهم ليعزفوا ويرقصوا، تقترب من براعة الطفلة ايميليا صاحبة الصوت الشجن و الحركات المتناسقة والسريعة.

لساعة وعشرة دقائق تكون المتعة مع الرقص، ففي الالم كما في الفرح عليك بالرقص، عليك بالرقص لانه كسر للرتابة ومواجهة للالم، ارقص كما رقص زوربا «لقد نهضت ورقصت، يعلن زوربا، فقيل لي مجنون، لكنه كان الرقص، فقط الرقص هو الذي أوقف الألم. في رقصة زوربا تندمج الثنائيات ويتوحد العالم ويأخذ شكله المتمايل والمتأرجح فيعود إلى أصله السديمي الذي تتساوى فيه الفضيلة والرذيلة، الجهل والمعرفة، العقل والجنون، العمل واللذة، الجسد والروح» كما كتب نذير ماجد في الحوار المتمدن، ليكون الرقص عنوان للتماهي بين الجسد والروح وفي الفيلم تحملنا كاميرا المخرج الاسباني «ريماديو مالفاريز» الى اهمية رقصة الفلامنكو وقدرتها على مصالحة الانسان مع محيطه وكيف تبعث في الطفل شعورا بالكمال والسعادة رغم علامات الفقر والتهميش وكيف تكون رقصة الفلامنكو تلك الرقصة لنابعة من الحزن عنوان للحياة وللانسانية فكاراكافي يصرخ امام ابنائه ويقول «ارقص لتكون انسانا».أين الفنان التونسي من «كاراكافي»

في الفيلم تحملنا كاميرا المخرج الى حي في إسبانيا يسكنه الغجر وتسلط الضوء على نضال فنان يريد غرس قيم الانسانية في الاطفال ويعلمهم الموسيقى مجانا بينما مصدر رزقه هو العمل مع مجموعات موسيقية اخرى، في الفيلم نعايش متعة الاطفال مع الموسيقى ورغبتهم في المواظبة؟ فأين الفنان التونسي من هذا الدرس الانساني؟ اين العازف التونسي من التبرع مجانا بساعات من يومه ليعلم اطفال الهامش الموسيقى؟ اين الكوريغراف التونسي ليقدم لأبناء الاحياء الشعبية دروسا مجانية للرقص فقط ليزرع فيهم بعض الامل؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115