Print this page

الكاتب العراقي نصيف الخصاف لـ " المغرب":

"لم يكن النظام البديل الذي أوجدته أمريكا بعد إسقاط نظام صدام حسين عام 2003 نظاما ديمقراطيا حقيقيا"

"أمريكا مستعدة للتعاطي مع اي نظام دكتاتوري جديد في العراق -بصبغة دينية-على التعاطي مع نظام ديمقراطي حقيقي"

" وجود نظام سياسي مستقر يعني تحرر القرار السياسي والإقتصادي للعراق من التأثيرات الخارجية"

"بعد 20 عاما من حكم أحزاب المحاصصة الطائفية والإثنية للعراق بلغ الرفض الشعبي لوجودها أقصى درجاته" 

قال الكاتب العراقي نصيف الخصاف في حوار لـ" المغرب"،عشية الذكرى العشرين للغزو الأمريكي للعراق أن اسقاط نظام صدام حسين لم يكن وليد رغبة أمريكية بإقامة "نظام ديمقراطي" في العراق كما روج له في حينه، بل كان ضرورة أمريكية لملء الفراغ الناتج عن إنهيار الإتحاد السوفيتي السابق والأنظمة الإشتراكية في أوروبا الشرقية مع ايجاد مبررات كفيلة بإيجاد دعم دولي لقرار اسقاط النظام مثل امتلاكه لأسلحة دمار شامل، وتهديده للسلم في المنطقة والعالم في أكثر من مناسبة (حروب الخليج الأولى والثانية أمثلة على ذلك) خاصة وإن العراق سيكون فاتحة لإستيلاء الولايات المتحدة على أهم مصادر الطاقة في العالم بصورة مباشرة وغير مباشرة.
وتابع محدثنا "الحقيقة ان نظام صدام كان نظاما تجاوزه التاريخ وكان لابد أن ينتهي بطريقة او باخرى، ولما كانت أحزاب المعارضة العراقية غير قادرة على إسقاط النظام لبطشه بها وتنكيله بكل من حاول الوقوف بوجهه بمن في ذلك بعض أركان نظامه وضباط جيشه الكبار، ولتوفر البيئة الدولية المناسبة -من وجهة النظر الامريكية- لاسقاط النظام قامت باسقاطه بعد أن جردته من كامل أسباب قوته كالجيش بعد هزيمته المريرة في حرب الخليج الثانية ومصادر المال بعد فرضها حصارا دوليا على العراق وعلاقاته الدولية بعد عزله وحصاره دبلوماسيا وسياسيا" وفق تعبيره.

وتابع الخصاف "لم يكن النظام البديل الذي اوجدته الولايات المتحدة بعد إسقاط نظام صدام حسين نظاما ديمقراطيا حقيقيا، بل هو نظام "أوليغاركي" حيث يسيطر عدد محدود من زعماء الأحزاب والحركات الدينية على مقدرات البلد الاقتصادية وعلى توجهاته السياسية بما في ذلك نتائج الانتخابات التي يراد لها أن تعكس "ديمقراطية النظام" حيث يتم التحكم بنتائج الانتخابات من خلال مفوضية انتخابات غير مستقلة -خلافا للدستور- ونظام انتخابات يفصل بطريقة تضمن بقاء تلك الأحزاب في السلطة" على حد قوله.

وتابع أن "أحزاب السلطة تفتقر إلى أي منهج لبناء الدولة بل هي تعزز نظام اللا دولة من خلال الحرص على امتلاكها أذرع عسكرية-خلافا للدستور- وتفتقر الى الخطاب الوطني الشامل من خلال تبنيها لخطاب طائفي وعرقي ساهم في رتفكيك المجتمع وساهم كذلك في إيجاد التنظيمات المتطرفة التي افرزت لاحقا داعشالإرهابي".
وأضاف الكاتب العراقي "لا يهم هذه الأحزاب إيجاد حلول للمشاكل الي يعاني منها البلد - أزمة الكهرباء وأزمة السكن، وتردي قطاع الصحة والتعليم وتردي الخدمات- وهي أمثلة صارخة عن عجز هذه الأحزاب عن إدارة موارد البلد، فيما نشهد تراكم الثروة عند بعض أزلام النظام عن طريق الفساد وسرقة المال العام والذي أصبح سمة بارزة من سمات نظام ما بعد 2003".

وقال الخصاف "أعتقد إن الولايات المتحدة، كذلك بعض دول الجوار لا تسعى لتقوية الدولة العراقية، ولا تسعى لإيجاد نظام سياسي مستقر لأن وجود نظام سياسي مستقر يعني تحرر القرار السياسي والإقتصادي للعراق من التأثيرات الخارجية،كما إن الولايات المتحدة وبعض دول الجوار قد أوجدت لاعبين صغار من الطبقة السياسية الحالية يمكن بواسطتهم ومن خلالهم إدارة مصالح تلك البلدان دون الحاجة الى تغييرهم -كما يعتقد البعض- لأن المهم أخيرا تحقيق مصالح تلك البلدان، ولا مصالح العراق وشعبه بكل تأكيد" وفق حديثه " المغرب".
وتابع "نلاحظ بعد 20 عاما من سقوط نظام صدام، أن القوى السياسية التي شكلت حكومات ما بعد السقوط مستعدة لفعل ما فعله صدام حسين بالعراقيين من أجل البقاء في السلطة، كما شهدنا في إنتفاضة "أكتوبر 2019" وكيف أسهمت بعض الأحزاب والحركات الدينية من خلال اجنحتها المسلحة بقتل 800 شاب عراقي وجرح 22 الف شخص لمجرد مطالبتهم بانتخابات مبكرة ومحاسبة الفاسدين".

والحقيقة إن هذا النظام ما كان له أن يصمد أمام ثورة "أكتوبر" لو لا الدعم الخارجي له بما في ذلك الدعم الأمريكي. ويخطيء من يظن عكس ذلك. والولايات المتحدة مستعدة للتعاطي مع نظام دكتاتوري جديد في العراق -بصبغة دينية-على التعاطي مع نظام ديمقراطي حقيقي بدليل تعاطيها وقبولها لنظام طالبان في أفغانستان بعد انسحابها منها.

كما اشار الكاتب العراقي إلى أن كل حديث عن "مساعدة المجتمع الدولي لشعب العراق" يصبح محل شك، حين تتعامل بعض بلدانه مع الأطراف المتهمة بقتل العراقيين، وحين لا تصدر إدانة صريحة للقتلة، وحين لا ترتفع أصوات "المجتمع الدولي" لمحاسبة القتلة، بعد 20 عاما من حكم أحزاب المحاصصة الطائفية والإثنية للعراق والذي بلغ الرفض الشعبي لوجودها أقصى درجاته، ومقارنة بنظام صدام حسين، فالشعب العراقي كان يمتلك "أملا" في تغيير ذلك النظام، أما الآن فلم يعد هنالك أمل بالخلاص من هذه الطبقة الفاسدة المدعومة من الولايات المتحدة وبعض دول الجوار".

المشاركة في هذا المقال