Print this page

مصطفى ابراهيم الكاتب والناشط الحقوقي الفلسطيني لـ''المغرب'' "العالم يتعامل مع كارثة غزة كملف إغاثة مؤقت لا كجريمة سياسية متواصلة''

قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني

مصطفى ابراهيم لـ''المغرب'' أن تقرير وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ''أونكتاد'' لم يعد مجرد وثيقة تقنية عن خسائر اقتصادية. مضيفا أنه ''شهادة أممية دامغة على أن غزة تتحول، فعلياً، إلى مكان غير قابل للحياة، وأن العالم يقف متفرجاً أمام تفكك مجتمع كامل ودفعه إلى حافة الفناء. فحين تتحدث الأمم المتحدة عن أن ''بقاء'' القطاع على المحكّ، فهذا ليس وصفاً بلاغياً، إنه توصيف لواقع نراه يومياً: جثث تحت الركام، أطفال يموتون جوعاً، ومدينة تُمحى طبقة بعد أخرى''.
وتابع إبراهيم '' تكشف الأرقام أن غزة تحتاج إلى أكثر من 70 مليار دولار كي تعود إلى ما كانت عليه قبل الحرب، وكأن العالم يطلب من مجتمع محاصر ومجوّع أن ينهض من رماده بلا كهرباء ولا ماء ولا مستشفيات. ومع انكماش الاقتصاد بنسبة 87%، وتراجع دخل الفرد إلى 161 دولاراً، يصبح الحديث عن ''إعادة إعمار'' مجرد خيال سياسي، ما لم تتغير بنية الاحتلال ذاته التي تصنع هذا الدمار''.
وأكد الكاتب الفلسطيني ''لكن الأكثر فظاعة هو أن هذا الانهيار لم يعد شأناً اقتصادياً، بل تجريفاً إنسانياً كاملاً. المجاعة التي أعلنتها الأمم المتحدة في بعض مناطق القطاع ليست كارثة طبيعية؛ إنها نتيجة مباشرة لإغلاق المعابر، ولحرب استهدفت كل ما يجعل الحياة ممكنة: المأوى، الغذاء، المستشفيات، والمياه. إنها سياسة عقاب جماعي مغلّفة بلغة الأمن، بينما تُقتل النساء والأطفال بلا توقف'' وفق تعبيره.
وأضاف إبراهيم ''في الضفة الغربية، تذكّر الأونكتاد أن الاحتلال لا يحتاج إلى قنابل كي يدمّر مجتمعاً. يكفي التوسع الاستيطاني، ومنع الحركة، وسرقة الأرض والعمل. النتيجة: أسوأ تدهور اقتصادي منذ 1972، أي منذ نصف قرن تقريباً. وهذا يعني أن الفقر ليس عرضاً جانبياً، بل جزء من منظومة السيطرة ذاتها''.
وتابع محدثنا ''التقرير يقول ما يخشاه كثيرون: إن غزة قد لا تعود كما كانت، ليس فقط بسبب حجم الدمار، بل لأن القوى الدولية ما زالت تتعامل مع الكارثة كملف إغاثة مؤقت لا كجريمة سياسية متواصلة. وإذا لم يتحول هذا التحذير الأممي إلى ضغط حقيقي على إسرائيل لوقف الحرب ورفع الحصار، فإن العالم سيجد نفسه أمام سابقة: منطقة تُمحى، وشعب يُجَوَّع، ثم يُطلب منه أن يتكفّل بإعادة بناء حياته بنفسه''.
وأضاف ''غزة اليوم ليست أزمة إنسانية، إنها اختبار أخلاقي عالمي يتكشف فيه ميزان القوة بلا تجميل. والتقارير لن تُعيد الحياة، لكنّها على الأقل تفضح الحقيقة التي يحاول كثيرون الهروب منها: أن ما يحدث ليس قدراً… بل قرارا سياسيا''.

المشاركة في هذا المقال