Print this page

في قصة "جدتي لا تعرفني" لنسرين نور رسائل الحب والشفاء

صدر عن دار شان للنشر والتوزيع قصة

" جدتي لا تعرفني" كتبت تفاصيلها وأحداثها الخاصة الكاتبة نسرين نور وأمنت رسوماتها الفنانة التشكيلية رضوى هاشم لتكون الجدة في مكان وزاوية أخرى غير تلك التي تعودنا عليها كانت الجدة حكواتية يلتف حولها الأحفاد والأصدقاء والصغار وتغادر بهم المكان الى أمكنة أخرى ومن زمانهم الحاضر الى أزمنة غابرة تكون حكايتها مصبوغة بالغرائبي والعجائبي لشد انتباه السامعين والذين تغذى خيالاتهم ومخيلتهم بكل ما هو غير طبيعي ولا مرئي لتسكن تلك الأمكنة والأزمنة في ذاكرة الأطفال .

هذه الذاكرة والتذكر وعالم الذكريات والحديث المستمر هو الدواء للحالات النفسية وهو مثال الجدة التي انهكتها الشيخوخة ومن آثارها الأقدام التي لا تقوى على الحركة والأيدي تسقط كل شيء تمسكه لتنجح فكرة الحفيد بان أحضر لها صوار قديمةلأفراد الأسرة علها تنشط ذاكرتها وتنتبه للمناسبات التي التقطت فيها تلك الصور ثم كانت الحياكة عبر تواجد خيوط الصوف والإبر لتمسك بهذه الأدوات وتبدأ في الحياكة مع تنشيط الذاكرة بالموسيقى وسماع الأشرطة القديمة التي تحبها لتثمر هذه الفكرة وهذا الدواء إذ تقول القصة" فكرة إستعادة الذكريات الجميلة والحديث المستمر عنها ساهمت في تحسين حالة جدتي النفسية".
ليكون الحفيد سعيدا بهذا الانجاز بل سيظل يرعاها كما رعته وقد ذكرت القصة

برعاية الأولى للثاني في تربيه الأحفاد والعناية بهم واللعب معهم ومن أهم ما يربطنا بعالم الجدات الحكايات إذ يقول البطل- الحفيد "وحكت لي أجمل الحكايات قبل النوم". كل هذه الأعمال تراكمت كميا وكيفيا وأصبحت دينا على الأحفاد والعائلة الموسعة وضرورة رعايةالجدات في هذه السن الحرجة وهذه الحالة الصحية السيئة ورد الجميل ما يجب تداوله كرسالة أخلاقية تدعم حوار الأجيال وتفاعلهم مع بعض وقابلت الجدة هذا التذكر وهذه الأعمال بالابتسامة المتكررة بل والصبر على هذه الحال التي يشقها نسيان بعض الأشياء والمسميات فقد كانت تنادي حفيدها باسم والده ليذكرنا النص بصفات الجدة مثل الحنونة والطيبة بل والمعلمة الجيدة في تعليم الحياكة لوالدة حفيدها بل والماهرة لأنها كانت تصنع كنزات جميلة ذات زمن .
حاول النص تمرير ثقافة احترام الكبار رعايتهم والمحافظة عليهم مع أهمية العائلة الموسعة والبحث عن أدوية أخرى بعيدا عن الصيدلية الغربية وعقاقيرها لشفاء من يكون سجين هذا المرض الحديث فلقد تعامل النص مع مرض الزهايمر دون ذكر الكلمة التي ستضيف للقلق تشويش إضافي مع تقديم المسألة النفسية على المسألة الجسدية فلم يحدثنا النص عن دواء الأقدام والأيدي وآثار الشيخوخة على الجسد المنهك بل حاور المسالة النفسية لأهميتها في هذه المرحلة العمرية الهشة مع محاولات الحفيد إسعاد جدته بكل الطرق والوسائل مرة بإحضار كأس الشاي ومرة بالموسيقى والصور وتذكر الذكريات ومحطاتها الحياتية مع مصاحبة لغوية استدعت الحوار في أكثر من محطة وفاصلة سردية وحبكة رافقت زوايا الفكرة وتحرك الشخصيات من أولها لآخرها مع حالات القلق على الجدة لا منها مثل عدم فهمها فهمي وفهم طلباتها لكن الحب جعله يقبلها ويفكر في حالتها حتى وصل به الأمر إلى فكره تنشيط ذاكرتها ورغم أنها لا تعرفه لكن واصل العناية بها وتقديم العون لها كرد جميل وفي الأخير لأنها جدته.

بقلم:طارق العمراوي

المشاركة في هذا المقال