Print this page

معضلة الإجراءات الحدودية s17 يعالجها الموفق الإداري منذ عدة سنوات

بقلم عبد الستار بن موسى

إن مؤسسة الموفق الإداري التي تم إحداثها يوم 10 ديسمبر 1992 أي في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تشكل

مرصدا لكشف الإخلالات الإدارية والتجاوزات صلب المرافق العمومية وإطارا بديلا لتسوية النزاعات بين المواطنين والمرافق العمومية وهي تدافع على غرار مؤسسات الأمبودسمان في العالم عن الحقوق والحريات ومن أجل ذلك أصبح الموفق الجمهوري في فرنسا يعرف باسم المدافع عن الحقوق. كما أن المؤسسة تقدم المقترحات والتوصيات لإصلاح المناهج الإدارية والمنظومة القانونية والترتيبية. في هذا المجال وبناء إلى العرائض الواردة عليه من المواطنين باعتبار أن الموفق الإداري لا يتمتع بالتعهد الذاتي فقد عالج مسالة الإجراءات الحدودية وعقد جلسات عمل مع المسؤولين بوزارة الداخلية وخاصة إدارة الحدود والأجانب. جلسات عمل أثمرت إنصاف عديد العارضين ورفع الإجراءات الحدودية الصادرة ضدهم.
اهتم الموفق الإداري بهذه المسألة في كل تقرير سنوي بداية من 2017 وعرض عديد الحالات ضمن التقرير السنوي لسنة 2019 مؤكدا بأنه وردت على المؤسسة عدة ملفات تتعلق باستخراج أو تجديد جوازات السفر وتمت تسوية أغلبها وتسلم المتظلمون جوازاتهم بفضل مساعي الموفق الإداري، كما تضمن التقرير السنوي عديد العرائض التي يشتكي أصحابها من المضايقات الأمنية عند تنقلهم داخل الوطن وخاصة عند محاولتهم السفر حيث يتم منعهم بتعلة صدور إجراء حدودي ضدهم وغالبا ما تجيب إدارة الحدود بأن الإجراء الحدودي غير موجود أو تم رفعه. إلا أن بعض العارضين يتصلون مجددا بالموفق للإعلام بأن المضايقات الأمنية مازالت متواصلة.
حسب إفادة وزارة الداخلية فإن قائمة الأشخاص المشمولين بإجراء الاستشارة S17 قبل المغادرة إلى الخارج يشمل عدة أنواع من الجرائم إلى جانب الإرهاب مثل المخدرات والاتجار بالبشر والدعارة .
إن هذا الإجراء حسب تفسير الإدارة يعني قيام السلطات الحدودية باستشارة الجهة الأمنية بناء على طلب هذه الأخيرة ما إذا كان يسمح للمعني بالأمر بمغادرة البلاد أم لا.

وفي بعض الحالات يمنع الشخص من السفر رغم حيازته لجواز سفر ولتذاكر السفر وفي حالات أخرى يسمح له بالسفر بناء على الاستشارة. إلا أن تأخر ورود الاستشارات من المصدر ،حسب وزارة الداخلية، كثيرا ما يؤدي إلى تفويت السفر على المعني بالأمر وضياع مصالحه.
علل وزير الداخلية خلال جلسة منعقدة بمجلس نواب الشعب يوم 24 نوفمبر 2016 بأن الأجراء الحدودي S17 يستند إلى الأمر عدد 342 لسنة 1975 المنظم لصلاحيات وزارة الداخلية وقانون مكافحة الإرهاب والتشريع المنظم لحالة الطوارئ أي الأمر المؤرخ في26 جانفي 1978 وبأن ذلك الإجراء يندرج ضن التدابير الأمنية الوقائية وهي إجراءات تحفظية تتخذ على أساس سلطة الضبط الإداري ولا تتطلب بالتالي أذونا قضائية .

إن هذا التعليل لا يستساغ قانونا باعتبار أنه يعتمد على نصوص قديمة مخالفة للدستور الجديد. لقد اتضح من تصريحات وزير الداخلية خلال جلسة برلمانية في شهر جانفي 2018 بأن الإجراءات الحدودية S17 والمنع من السفر شملت منذ 2013 : 29450 شخصا بصرف النظر عن الإجراءات الأخرى آس 18 وآس 19 وحسب وزارة الداخلية فإن السبب الأساسي في وجود عدد كبير من الأشخاص ضمن قائمة آس17 يعود إلى اقتضاب الهويات .وتفيد بعض المصادر أن عدد المواطنين قيد الS17قد بلغ 100ألف.

إن هذه المسألة غير مقبولة وكثيرا ما تؤدي إلى حجز الأشخاص داخل المقرات الحدودية أو داخل مراكز الأمن.ويتم الاحتفاظ بهم لعدة ساعات ليتضح بعد الاستشارة أن هناك تشابها في الأسماء فيضيع المعنيون بالأمر وقتهم ومعاليم السفر وتتعطل أعمالهم بالإضافة إلى ما قد يتعرضون إليه من ضغط بدني ونفسي . إن الإجراءات الحدودية كثيرا ما تؤدي إلى تعسف الإدارة وتعديها بدون موجب قانوني على حرية التنقل التي ضمنها الدستور الجديد في الفصل 24 كما أكد الفصل 49 من الدستور بأن القانون يحدَد الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات المضمونة بالدستور وبأنه لا يجوز لأي تعديل أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة بالدستور.
لذا وحتى نضع حدا للتعسف الإداري أوصى الموفق صلب التقارير مرارا وتكرارا :

- بإصدار قوانين جديدة تنظم الاستشارات الحدودية بما يسمح بمكافحة الإرهاب والمنظومة الإرهابية والجرائم الخطيرة وكذلك حماية الناس من التعسف وضمان حقوقهم في التنقل داخل الوطن أو خارجه
-إلى حين تقديم مشروع قانون من الحكومة أو مبادرة تشريعية أوصى الموفق عند صدور قرار إجراء حدودي بوجوب إعلام المعني بالأمر به بما يترك أثرا كتابيا حتى يتمكن من الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية وبالتالي ضمن حقوق دفاعه.

المشاركة في هذا المقال