Print this page

وجوب الاشتغال المكثف على الاحصائيات الدولية لمراكمة الاستنتاجات والدروس

تصدر المنظمة الدولية للصحة يوميا إحصائيات عالمية من المطلوب استغلالها بالكامل والاستفادة

منها لمحاولة الفهم الأفضل لأمر الفيروس بصفة عامة ووضعنا الوطني بأكثر تحديد.
وإن شمل تفشي الفيروس إلى حد هذه الساعة 184 دولة، أي تقريبا العالم كله، فإن الاكتفاء بإحصائيات الاثني عشرة (12) دولة الأولى من حيث الانتشار، تلك التي تجاورت فيها الوفيات يوم 22 مارس الجاري عدد خمسين (50) وفاة للبلد الواحد، كاف للوقوف على أهم الاستنتاجات، لأن هذه الدول، التي تتصدر طليعة انتشار الوباء، والتي لا يمثل عددها إلا 6,5 % من مجمل دول العالم التي مسها الفيروس، فإنها معنية بـ 96 % من مجموع الوفيات، أي أنها تلخص اليوم مجمل حالة الوباء دوليا.
والتركيز على معطيات الجدول السابق ليوم 22 مارس 2020 يمكن من الاستنتاجات الستة التالية:

1. إذا سلمنا أن معطيات «الوفيات» هي الأقرب من الحقيقة الاحصائية فنستنتج مما سبق أن احصائيات «الإصابات» أقل دقة ب -11 % من الواقع، أي أن كل إحصاء يهم الإصابات لا بد من تصحيحه بإحدى عشر بالمائة إضافي للاقتراب أكثر من الواقع.

2. إذا انطلقنا من «المتوسط الدولي لنسبة الوفيات من الإصابات»، المقدر بـ 4,4 %، فإننا نجد 3 بلدان زائدة كثيرا عن هذا المتوسط وهي إيطاليا (9,3 %) وإيران (7,8 %) وإسبانيا (6,2 %)، و3 بلدان قريبة كثيرا من المتوسط الدولي وهي الصين (4,0 %) وفرنسا (4,2 %) وهولاندا (4,3 %)، والستة (6) بلدان الأخرى ذات نسبة الوفيات عندها من الإصابات المنخفضة جدا، مقارنة بالمتوسط الدولي، وهي أمريكا وألمانيا وكوريا وسويسرة وانجلترا وبلجيكا، أين يحوم متوسط وفياتها من الإصابات حول معدل 1,3 %.

3. نستنتج مما سبق أن هناك نموذج «النجاح في المعالجة» تمثله 6 بلدان ونموذج «صعوبة المعالجة» تمثله 3 بلدان ونموذج «وسط» تمثله 3 بلدان.
4. أي أن الحديث عن «أوروبا أصبحت بؤرة العالم في خصوص كورونا» غير كافي لتوصيف الوضع، لأن في أوروبا نجد بلدين لهما صعوبات كبيرة في المعالجة، وهما إيطاليا وإسبانيا، بينما هناك أربعة بلدان ذات النتائج إيجابية في المعالجة وهي ألمانيا وسويسرة وانجلترا وبلجيكا.

5. ولا بد من مزيد الكشف عن معلومات إضافية لفهم ما هو سر نجاح هؤلاء ولغز تعطل الآخرين، خاصة وأن طرق المواجهة ليست متجانسة حتى داخل فريق البلدان التي بصدد تسجيل نتائج إيجابية، مثل ذلك الفرق بين الطريقة الكورية، التي عولت كثيرا على إنجاز أكثر ما يمكن من التحاليل الاستباقية (Dépistage) كإستراتيجية مواجهة للتركيز على حاملي الفيروس و- عمليا - ترك الحرية لباقي السكان أي بدون تحجير، بينما تنتهج المانيا وسويسرة وبلجيكا مبدأ التحجير، في حين أن إنجلترا انتقلت من استراتيجية إلى أخرى على ضوء التجربة.

6. كما يدخل في الحساب لفهم نتائج تفشي الكورونا وضعية التجهيزات والطاقات البشرية الطبية والصحية لكل بلد وكذلك الهيكلة الديمغرافية.
أما الجانب الموالي لفهم التطور الدولي للكورونا، فيتعلق بمسألة النسق، وبالتحديد السؤال حول مسالة «الذروة»، التي مبدئيا بالوصول إليها يفتح باب الأمل في بداية التجاوز والخروج من الفترة الدقيقة.
وهناك مفهومين للذروة، الأول يتعلق بذروة «عدد» الإصابات أو الوفيات، والثاني يهم «نسق» التطور. أي بالفرنسية الفرق بين الvitesse والaccélération، وفي نظرنا فإن بداية انخفاض النسق هي التي تؤدي إلى إيقاف التطور الجنوني للوباء والتي تتنهي بانخفاض عدد الإصابات والوفيات.

ولهذا الغرض نستعرض فيما يلي معطيات إحصائية، قد يفهم منها، لو زاد التأكد من ذلك يوم الجمعة القادم 27 مارس، بعد الحصول على النتائج الكاملة حتى يوم الخميس 26 مارس، أننا بصدد تجاوز «الذروة الدولية» في خصوص «النسق»، والذي لا يعني تجاوز الذروة الوطنية لدينا، وإنما أن باب الأمل أصبح مفتوحا.
ويرتبط الخيط الرهيف من الأمل الذي نتكلم عنه بتسجيل متوسط وفيات للأربعة أيام القادمة، من 23 مارس إلى 26 مارس، لا يفوت المتوسط السابق إلا بأقل من 85 %، أي أن يبقى ذلك المتوسط تحت سقف الـ2675 وفاة. هذا ما سنتابعه بكل اهتمام في الأربعة أيام القادمة.

المشاركة في هذا المقال