Print this page

الانتخابات البلدية: كيف نتفادى الكارثة ؟

بقلم طارق الشعبوني
عضو مؤسس في نداء تونس
بدأت تلوح في الأفق المنظور علامات الدعوة للانتخابات البلدية المقبلة سواء انعقدت في

أواخر سنة 2017 او بدايات 2018 و بعد تصويت مجلس نواب الشعب على فصول القانون الانتخابي المتعلقة بالانتخابات البلدية الجهوية و التي ستثير مشكلات عديدة نظرا لتعقيدها الغريب و إبداعها المنقطع النظير خصوصا في ما يتعلق بالتناصف الأفقي و هو نظام لن يمكن تطبيقه إلا عبر أزمات ستمنع من تقديم جل القائمات باسم موحد.

و للتذكير فإن القانون يفرض على الأحزاب و على الجبهات الانتخابية أن يكون نصف رؤساء القائمات موزعا بالتساوي بين الجنسين و إن وافقت حركة النهضة على هذا الإجراء بكثير من الدهاء السياسي و هي التي تستطيع فرض الانضباط على مرشحيها ( و قد تعرف صعوبات في التحكيم بين رؤساء القائمات هي أيضا) فإن المكونات السياسية الأخرى اندفعت في مزايدة غير مجدية و غير عملية مطلقا.

يضاف إلى ذلك شروط أخرى مثل إدراج شاب على كل 6 أسماء في القائمة و معاق له بطاقة تشهد له بذلك.

بدأت الأحزاب و قياداتها تعي شيئا فشيئا بجسامة الموضوع الذي يفوق طاقاتها التنظيمية و بالتالي السياسية إذ سيبين ضعف انتشارها و ضعف تأثيرها سواء في المدن الكبرى و عواصم الولايات أو في البلديات الأخرى قديمة كانت أو محدثة (ستجرى الانتخابات لأول مرة في قرابة 100 بلدية)

وللتذكير أيضا فإن عدد المستشارين البلديين حسب التنظيم الإداري الجديد و المعطيات الديمغرافية سيكون في حدود 7200 أما المستشارون الجهويون فإن عددهم يقارب 1100 و هذا العدد سينتج صعوبات كبيرة على الأحزاب و على الائتلافات الانتخابية و يمكننا تصور غياب التنافس في بعض البلديات بل و حتى عدم تقديم قائمات في البلديات الجديدة.

أما عن الظرف السياسي فإنه من المرتقب أن يحافظ على سمته الأساسية وهي تشتت الفضاء السياسي خارج مجال حركة النهضة الذي لا شيء ينبئ بنهايته سوى مجهودات مضنية لم تبدأ إلى حد الآن.

إذن ما الحل ؟
إحساسا بهذه الصعوبات برزت الى السطح مقترحات الجبهات وأولها الجبهة الانتخابية للأغلبية الحكومية وهو مقترح حسمت الأطراف المعنية و بالخصوص حركة النهضة ونداء تونس «شق حافظ» فيه وباستبعاده و لو أن هذا الموقف قابل للمراجعة تبعا لاستراتيجية «الطمأنة» التي تسلكها حركة النهضة و للعجز المطلق و الاضطراب التنظيمي الذي يعيشه نداء حافظ.
وهذا المقترح سيستبعد بالخصوص بفضل القواعد الانتخابية سواء النهضاوية أو الندائية الرافضة في أغلبها لمنطق التوافق و لرغبتها في التمايز عن المعسكر الآخر فنجاح الانتخابات و انقاذها من الفشل الناتج عن المقاطعة يحتم تقديم قائمات تنافسية تبعد البلاد من ويلات القائمات الرسمية وكذلك من هيمنة القطب النهضاوي الرافض (أي حركة النهضة مع شظايا تنظيمات المرزوقي – عبو)

مع من وكيف؟
اذا استثنينا حركة النهضة وشق حافظ الذي يدعي تمثيل النداء فان عناصر التأليف الانتخابي ستتركز أساسا على «الهيئة التسييرية للنداء» والتي تنسب الى رضا بالحاج وبوجمعة الرميلي.

وعلى المشروع مع إضافات عديدة ومتنوعة منها من سيشكل «جبهة الإنقاذ» التي سيعلن عنها يوم 02 أفريل المقبل.

كما يكون من المفيد جدا أن تدخل هذه الانتخابات البلدية ذات الطابع المحلي أحيانا والطابع السياسي في المدن الكبرى و المتوسطة المكونة الدستورية الحاضرة بالغياب المشهد السياسي والتي تتجلى بانقسامها بين الانضمام الى التنظيمات السياسية دستورية كانت أم غيرها أو بالمقاطعة والتي لن يدوم غيابها عن الساحة السياسية دون أن يؤدي الى اختفائها التدريجي عن الفعل السياسي.
ولعلّه من المفيد جدا نزع الطابع الحزبي عن هذه الانتخابات وذلك بالاقرار واقعيا أن الأحزاب ليست فاعلة في هذا الاطار ولا قادرة بأن تأطر الناخبين وتوجههم الى صناديق الاقتراع ولا حتى قادرة على تسيير أو تنسيق تكوين القائمات بصفة مركزية فالحل اذا سيكون في تقديري بترحيل مركز القرار الى كل دائرة بلدية وتنظيم «انتخابات تمهيدية» يشارك فيها أنصار الاتجاهات السياسية المنضوية في هذا المسار وعلى التنظيمات المركزية أحزابا أو منظمات أن تقوم بدور المساهمة والتنسيق بينما يحسم اختيار المرشحين ورئيس القائمة واسمها على المستوى الأدنى القاعدي بمشاركة واسعة جدا تمهد الى مشاركة فاعلة تقلل من مخاطر ضعف المشاركة التي ستؤدي حتما الى نتائج سلبية.

فهل ستؤدي هذه الطريقة الى تحقيق النتائج المثالية أم لتفادي الهزيمة الثقيلة ؟
ذلك هو المجال الذي سنتحرك فيه بمجهودنا الجماعي نابذين كل أنانية وعازمين على التحرك الدؤوب من الآن الى يوم الاقتراع، لذلك صار الحسم في هذه القضية ملحّا حتى لا نفوت الفرصة ونعود الى نتائج انتخابات المجلس التأسيسي.

المشاركة في هذا المقال