Print this page

للحديث بقية هل لبنان بمنأى عن الحرب الأهلية؟

يستعيد عدد من الأكاديميين والمفكرين اللبنانيين

أحداث حرب 1975 وتفاعلاتها في لبنان وذلك في كتاب يصدر قريبا عن " المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات" تحت عنوان " خمسون سنة على حرب لبنان 1975 : الآثار والمتغيرات ". ويأتي الحديث عن هذه الحرب الأليمة اليوم في خضم مخاص صعب يمرّ به بلد الأرز ، وأزمة سياسية مجتمعية واقتصادية تجعل شرائح لبنانية عديدة تخشى عودة شبح هذه الحرب العبثية.

ولعل الضغط الصهيوني والتدخلات الخارجية مع ارتفاع منسوب التأزم الداخلي والانقسام السياسي العميق ، هو ما يصعّد هذه المخاوف .
فلبنان يكاد يكون بلد الأزمات المتواصلة بالنظر الى أنه عرف على مدى تاريخه أشكالا عديدة من التناحرات والاقتتال على غرار الاقتتال الطائفي بين الموازنة والدروز في عام 1940 ثم في عام 1960 وغيرها من المحطات المفصلية والصعبة في تاريخ هذا البلد . ويرّكز الكتاب على المرحلة الشهابية والتي ارتبطت بأحداث كبرى شهدها لبنان والمنطقة آنذاك ، وكذلك يتطرق لحرب 1975 وتداعياتها. ولكن في خضم كل هذه الأزمات التي عرفها البلد كان يخرج كطائر الفينيق جريحا ثم ما يلبث أن يستعيد بعض عافيته بسبب تأقلم اللبنانيين مع مختلف الأزمات . ولعل السؤال الأهم اليوم الذي يطرح نفسه ،هل تعلم اللبنانيون جيدا من دروس كل الأزمات والحروب الماضية كي لا يشربوا من الكأس المرّ مرة أخرى ؟.
حاول الرئيس عون في خطابه الأخير أن يطمئن اللبنانيين قائلا بأن شبح الحرب تم ابعاده عن لبنان . وأعرب عن أمله بأن الأمور ستذهب نحو الإيجابية. وقال أنه بولادة لبنان الجديد ننتهي من الحروب ونعيش السلام. وقال ان هناك إرادة مشتركة بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها .
من ناحيته ، دعا "حزب الله" في بيان ، الحكومة اللبنانية إلى "الحزم ورفض الانزلاق المرفوض لتنفيذ شروط إسرائيل المذلة"، في وقت تهدد فيه تل أبيب بتوسيع العدوان حال عدم نزع سلاح الحزب. واعتبر الحزب أن "الأولويّة الوطنية هي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للمناطق والمساحات التي لم ينسحب ‏منها العدو ‏حتى الآن، رغم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر 2024".
وبين الضغوط الصهيونية والأمريكية لنزع سلاح حزب الله ، وبين محاولات المقاومة اللبنانية الخروج من هذه الأزمة بأقل الأضرار سواء فيما يتعلق ببنية الحزب نفسها العسكرية والتنظيمية أو بسلامة لبنان ككل ، في خضم كل ذلك تسعى الحكومة اللبنانية والرئاسة والجيش الى التعامل بحذر مع ملف سلاح حزب الله بكل حساسياته وقيمته الكبيرة للجنوب اللبناني وأهله الذين عانوا من ويلات الاحتلال الصهيوني وسرقة أراضيهم والاعتداء على سلامتهم .. وهم يعتبرون ان من حقهم ان تكون لديهم مقاومة كبيرة تقاوم الاحتلال .ويعتبرون كذلك أن حصر السلاح يضعف لبنان أمام أطماع "إسرائيل" التي لا تنتهي عند حد.
في عدوانها الأخير على لبنان قتلت "إسرائيل" أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا آخرين، وتواصل يوميا خرق وقف اطلاق النار ولا تزال تحتل 5 تلال استولت عليها بالحرب الأخيرة . وكل ذلك يبدو كافيا لسكان الجنوب اللبناني وخاصة المناصرين لحزب الله لكي يواصل الحزب دوره الاستراتيجي بحماية الوطن جنبا الى جنب مع الجيش اللبناني ضمن سياق معادلة "الوطن الجيش والمقاومة". ويرى البعض أن التغيرات الكبرى في المنطقة تفرض معادلة شاملة تحمي لبنان وتعيد أراضيه المسلوبة من المحتل . وتستوجب تفاهما وطنيا مسؤولا يضع مصلحة البلد وسيادته وأرضه ودماء شهدائه الذين سقطوا دفاعا عن كل ذرة تراب منه، فوق كل اعتبار .

المشاركة في هذا المقال